تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لماذا لا يثق السوريون بالولايات المتحدة ؟

عن موقع : Mondialisation.ca
متابعات سياسية
الأربعاء 6-4-2016
 مما لا شك فيه أن روبرت كينيدي  يملك أرشيف عائلة كينيدي الثري بمعلوماته بحكم كونه ابن السيناتور روبرت كينيدي الذي اغتيل عام 1968 خلال حملة الانتخابات الأميركية , ووفق ما لديه من معلومات : فإن « الحرب ضد الإرهاب » ليست في حقيقتها سوى « حرب من أجل النفط » . ويقول في هذا الصدد :

كون والدي اغتيل على يد شخص يقال إنه «عربي» , فقد بذلت جهوداً من أجل فهم أثر السياسة الأميركية على منطقة الشرق الأوسط , وبشكل أخص , العوامل التي تفسر لنا ردود الفعل العنيفة للعالم الإسلامي ضد بلدنا . وإن كنا نركز اهتمامنا على بروز تنظيم داعش ونحاول البحث عن أصل هذا العنف الذي أزهق أرواح العديد من الأبرياء , فمن واجبنا النظر إلى أبعد من التفسيرات الشائعة المرتبطة بالدين والعقيدة , أي النظر في حجج أكثر عقلانية يقدمها لنا التاريخ والنفط  . تشير إلينا بأصابع الاتهام .‏‏

لقد باتت سورية بسبب القائمة المخزية للتدخل الأميركي فيها – التي لا يدري بها الشعب الأميركي ولكن لدى الشعب السوري علم فيها –  مأوى للجماعات الإرهابية وهذا ما يزيد الآن تعقيدات أي رد فعال من جانب حكومتنا لمواجهة داعش. ووفق ما أشارت إليه صحيفة نيويورك تايمز على صفحتها الأولى في عددها الصادر في تاريخ 8 كانون الأول المنصرم من أن داعش يسعى لاستجرار التدخل العسكري الأميركي, لخبرتهم أن من شأن هذا التدخل زيادة أعداد المتطوعين في صفوفهم وخنق الأصوات المعتدلة وتوحيد العالم الإسلامي تجاه أمريكا .‏‏

ومن أجل فهم تلك الآلية لا بد لنا من التركيز على التاريخ , من ناحية سورية , ولا سيما التركيز على جذور الأزمة الحالية. حيث غذت وكالة الاستخبارات الأميركية حتى  قبل احتلال العراق عام 2003 , الذي كان سبباً في إنشاء داعش التنظيمات الجهادية الإرهابية من خلال تقديم سلاح الحرب الباردة إليهم , الأمر الذي سمم العلاقات الأميركية – السورية .‏‏

وفي عودة إلى التاريخ , في تموز من عام 1957 وفي أعقاب إحباط محاولة الانقلاب الفاشلة في سورية التي دبرتها وكالة الاستخبارات السي أي أيه , طالب الرئيس الأميركي  جون كينيدي في خطاب له بحق الدول العربية في تقرير مصيرها ووضع حد للتدخل الاستعماري الأميركي في تلك الدول.‏‏

لقد بدأت وكالة الاستخبارات الأميركية السي أي أيه التدخل في سورية منذ عام 1949 , وهذا ما كشفه جوزيف كينيدي عندما كان عضواً في لجنة مكلفة التحقيق في الانقلابات الفاشلة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط  المدبرة من قبل هذه الوكالة الاستخباراتية , حينما تردد الرئيس شكري القوتلي , المنتخب ديمقراطياً في الموافقة على مشروع أمريكي لتمديد خطوط النفط من السعودية إلى لبنان , عبر الأراضي السورية . وفي كتاب بعنوان « تراث الرماد » يروي مؤرخ الاستخبارات تيم واينر أن الاستخبارات الأميركية جاءت بديكتاتور اختارته هو حسني الزعيم ليحل محل القوتلي .‏‏

وعلى أثر سلسلة الانقلابات التي شهدتها سورية خلال فترة اتسمت بعدم الاستقرار أعيد انتخاب القوتلي من الحزب الوطني عام 1955 . وعلى الرغم من اتخاذه موقف الحياد في الحرب الباردة , وبما أنه اكتوى من المحاولات السابقة  للإطاحة به , تقرب من الاتحاد السوفييتي . الأمر الذي أثار غضب وزير الخارجية الأميركية حينها دالاس « وزير الخارجية الأميركية في عهد الرئيس ايزنهاور»  لأن سورية حسب زعمه أصبحت « جاهزة لتوجيه ضربة إليها » وهذه الضربة دبرها خبيران في عمليات الانقلاب هما : كيم روزفلت وروكي ستون , الذي وصل دمشق في نيسان من عام 1953 حاملاً ما قيمته 3 ملايين دولار توزع على المتشددين الإسلاميين وجزء لإفساد الطبقة العسكرية والسياسية . ويقضي مشروعه باغتيال قائد الاستخبارات وقائد هيئة الأركان وزعيم الحزب الشيوعي بمساعدة الأخوان المسلمين , وكذلك التحريض على (المؤامرات والاستفزازات المسلحة) انطلاقاً من الأراضي العراقية والأردنية واللبنانية المهيمنة عليهم الولايات المتحدة. إلا أن خطة السي أي أيه فشلت في إفساد العسكريين , ورد الجيش السوري بمهاجمة السفارة الأميركية واعتقال ستون, وفي أعقاب استجوابه اعترف ستون للتلفزيون بدوره في الانقلاب الذي شهدته إيران وأيضاً بمحاولة الإطاحة بالحكومة الشرعية في سورية . وتم طرد ستون مع اثنين من السفارة الأميركية من سورية. وكانت تلك هي المرة الأولى التي يطرد فيها دبلوماسي أمريكي من دولة عربية. وعلى أثرها أبعدت سورية السياسيين المتورطين في العملية وحكمت بالإعدام على الضباط المتهمين بالخيانة . ورداً على ذلك أرسل البيت الأبيض أسطوله الخامس إلى البحر المتوسط , ولم تجد نفعاً الضغوط الأميركية على تركيا للتدخل في سورية. وواصلت السي أي أيه جهودها السرية للإطاحة بحكومة البعث المنتخبة ديمقراطياً . وأنشأت مع جهاز الاستخبارات البريطانية إم سكستين « لجنة سورية ولبنان « وكلفت الاخوان المسلمين باغتيال ثلاثة موظفين رفيعي المستوى في الحكومة السورية, وهم الذين كشفوا عن « المؤامرة الأميركية » . ووفق ما أكده ماثيو جونز في تقريره « الخطة المفضلة : تقرير مجموعة العمل المعنية بالعمل في سورية لعام 1957 : « أبعدت أعمال وكالة السي أي أيه سورية عن الولايات المتحدة ودفعتها إلى عقد تحالفات طويلة الأمد مع مصر وروسيا » .‏‏

بقلم روبرت كينيدي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية