|
إضاءات نسيت واشنطن أن التقدم التقني تجاوز تسعينيات القرن الماضي عندما احتلت العراق ومنعت بَث أي خبر عن الحرب إلا ما تسمح به وتصرّح عنه في مراكزها الإعلامية حيث ترسم سيناريوهات كما يحلو لها، وعلى العالم أن يصدق ذلك شاء أم أبى. الآن تقوم واشنطن باللعبة ذاتها ولكن لإيهام المواطن الأميركي وإخافته من الإرهاب وابتزازه وتقديم الإدارة الأميركية على أنها قائد الحرب على الإرهاب ضد داعش وسواها. ليس من المستغرب أن يصوت الكونغرس الأميركي مؤخراً بأغلبية ساحقة على تمويل يسمح للبنتاغون بتدريب «معارضة معتدلة» مرة أخرى، بعد أن فقدت خمسين من مرتزقتها الذين كلَّفوا نحو خمسمائة مليون دولار لتدريبهم على ذمّة القادة العسكريين في واشنطن، إذ ليس من مصلحة أي من أعضاء الكونغرس حالياً ديمقراطيين أم جمهوريين الوقوف في وجه تمويل حملة ضد الإرهاب ليبدوا ذلك وكأنه ضد رغبة غالبية الأميركيين في محاربة الإرهاب، فلعبة الانتخابات الرئاسية على أشدّها الآن، يعقبها انتخابات للكونغرس يزايد فيها الساسة الأميركيون في مكافحة صورية للإرهاب لم تغنِ ولم تُسمن وتراوح في المكان، يتخللها بعض تلك الأخبار الملفقة عن مقتل هذا أو ذاك من قادة داعش، دون أن نعرف أو نرى أو نسمع ما يثبت تلك الأخبار الهوليودية الملفقة. مشروع تمويل «المعارضة المعتدلة» الجديد يتحدث عن تدريب أعداد محدودة لا تتجاوز العشرة، وإذا نجحت في تدريبهم وأثبتوا جدارة في محاربة الإرهاب تستمر وهكذا. لا ندري ما هي مقومات نجاحها أو مقياس هذا النجاح، هل ستحارب داعش بعشرة منهم كل عام مثلاً، شرّ البليّة ما يُضحك. من الواضح أن واشنطن غير مستعجلة في محاربة الإرهاب على المستوى الدولي وخاصة في منطقتنا، فالإرهاب شأن لا يزعجها ولا يؤرقها وتستفيد منه، فهي من أنشأه أصلاً ودعمه وأمَّن له التمويل من مملكة الشر وأخواتها وساعده في التمدد والاستمرارية حتى الآن، وحتى ولو أصابت شظاياه حلفاءها الأوروبيين لا يهم، فما زال الإرهاب بعيداً عن ضفة الأطلسي الأخرى. وهي لم تقتنع بعد بضرورة المساهمة مع روسيا في التعاون لإيجاد حل سياسي في سورية طالما أنها تستفيد مما يحصل، وحصار الشعب السوري اقتصادياً وخراب المنطقة ودمارها لا يقضُّ مضاجع ساستها. فما زالت واشنطن في مراحلها الأولى من زعمها محاربة الإرهاب وهي في طور التجريب والتدريب ولينتظر من ينتظر.. |
|