تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


متى يلقي الطالب ورقة الامتحان وينسحب

طلبة وجامعات
15 / 2 / 2012م
سليمان خليل سليمان

لم يكن المشهد مفاجئاً، ولم يحتج إلى كثير من الجهد لتفسيره، إذ خرج الطالب علاء من الامتحان بعد مضي نصف ساعة فقط.علاء الطالب في كلية الحقوق

كان يقول: “انسحبت من الامتحان، الأسئلة لم تعجبنِي، فقررت الانسحاب”، ولم يرف جفن لعلاء ، كما أنه لم يشعر بتأنيب الضمير أو أنه تظاهر بذلك.‏‏

د. معلا: الحالة فردية ولا تشكل ظاهرة‏‏

------------------------‏‏

تكمن المشكلة الرئيسية في ضياع فصل دراسي أو عام دراسي كامل وليس مادة عابرة يمكن تعويضها في وقت لاحق. وتعد ظاهرة الانسحاب من الامتحان ظاهرة قديمة- جديدة وهي ليست وليدة هذه المرحلة، فمنذ زمن طويل تقف فكرة الانسحاب إلى جانب فكرة الإصرار على أداء أفضل الامتحانات، لكن الغلبة لا تكون أحياناً لمصلحة الجزء الصالح إذ ينفر ما هو سلبي ويتجسد على شكل موقف ما.‏‏

ترفض الطالبة سهير عبود كلية التجارة فكرة الانسحاب من الامتحان وتقول: الطالب الذي يحترم واجباته يستبعد هذه القضية من ذهنه، يمضي الطلبة فصلهم الدراسي بالدوام والجد والاجتهاد، وتؤمن لهم أسرهم الظروف المناسبة من أجل تحصيل علمي عالي المستوى، وبالتالي تسقط كل المبررات الموضوعية ليفكر الطالب أدنى تفكير بالانسحاب من الامتحان.‏‏

ويؤكد الطالب عمار خيربك – كلية الحقوق أن الطالب لا يرغب اطلاقاً بالانسحاب من الامتحان، وكل طالب هدفه النجاح وتأدية امتحان جيد للحصول على نتائج جيدة، لكن أحياناً تجري الرياح على عكس ما يشتهي، فيخرج من الامتحان منسحباً ويجر خلفه ذيول الخيبة.‏‏

لا يتقبل الطلبة فكرة الانسحاب من الامتحان ببساطة، إلا أن الواقع يختلف تماماً عن الأمنيات والرغبات والطموحات، وتكاد لا تخلو كلية أو معهد أو قسم من وجود ظاهرة الانسحاب من الامتحان، وفي كل مادة يقدمها الطلبة هناك طالب ما، يغادر القاعة وورقته بيضاء.‏‏

لحظة صعبة‏‏

--------‏‏

الطالب (ح.م) يبرر انسحابه من مقرر اللغة الأجنبية بقوله: بصراحة لم أدرس المادة، ولكنني أتيت لعل وعسى يحالفني الحظ لكن دون جدوى، وكان من الأفضل أن لا آتي وأقدم المادة وأخسر المزيد من الوقت.‏‏

وفي السياق ذاته تقول راما طرابيشي: شعرت بخجل شديد لأنني لم أكتب كلمة واحدة مفيدة، حاولت أن أستذكر شيئاً ما، معلومة معينة قد تفيدني حتى لا تكون علامة الصفر من نصيبي لكني فشلت. وتتابع راما: كانت لحظة فظيعة أن يرمقني المراقب بنظرات تدل أنني لست أهلاً للنجاح خاصة عندما وجه إلي كلمته التي لن أنساها “معقول لم تكتبي ولا كلمة؟ هل فعلاً أنت طالبة؟”.‏‏

راما الموظفة في إحدى شركات القطاع الخاص لا تجد وقتاً كافياً لتتابع دراستها، وعملها يحرمها من الدوام لكنها تصر على أن تتابع بقدر استطاعتها.‏‏

وفي حال شعور الطالب بأن امتحانه وخاصة في المواد الأساسية لم يكن كما يشتهي، فيكون الانسحاب أفضل الطرق للحفاظ على فرصة التقدم للامتحان في الفرصة التالية . ولا يختلف الأمر كثيراً لدى طلبة الجامعات أيضاً الذين يرون أنه من الضروري القدوم للكلية وحضور التفقد في الامتحان ومن ثم الخروج بعد مضي الوقت المخصص حتى لا يحصلوا على علامة الصفر في الامتحان.‏‏

يقول الطالب أنس عباس: ليس منطقياً أن يحصل الطالب على علامة الصفر، هذا شيء غير محبذ، ولمجرد دخول الطالب إلى القاعة الامتحانية، واستذكاره لبعض المعلومات يستطيع أن ينقذ نفسه من موقف الحصول على علامة الصفر.‏‏

فروق فردية‏‏

--------‏‏

يرى الدكتور محمد معلا الأستاذ في علم الاجتماع أنه أمر طبيعي ومنطقي أن لا يكون جميع الطلاب المتقدمين للامتحان قد درسوا بشكل جيد، وفي علم النفس هناك فروق فردية، ونعلم أن الناس متفاوتون في خصائصهم. ويضيف د. معلا: عندما ينسحب نحو 4% من الطلبة من الامتحان خلال العشر دقائق الأولى فهو أمر طبيعي، ومن الطبيعي أن يكون هناك شريحة من الطلبة لم تفهم الأسئلة أبداً، ولكن عندما تتجاوز نسبة المنسحبين 10% عندئذ يمكن القول إن هذه النسبة تحتاج إلى وقفة ودراسة ومقارنة لنرى توافق المنهاج مع الأسئلة.‏‏

يصعب تحديد أرقام دقيقة حول الطلبة المنسحبين من الامتحانات، ولا تتوافر إحصاءات تدل على عدد المنسحبين لأن الجامعة لا تتوافر لديها آليات تنفيذية تحدد ذلك. ويشير د. معلا: ليس كل ظاهرة تعتبر بالضرورة ظاهرة سلبية إلا إذا دُرست في إطار أوسع.‏‏

سألنا الدكتور معلا إن كان يرى في الانسحاب من الامتحان ظاهرة، فقال: لم أرَ أن المشكلة هي على مستوى الظاهرة الخطيرة ، فهي لها طابع فردي أكثر مما لها من طابع شمولي، ويضيف هذه المشكلة قد لا نجدها في كلية الطب أو العلوم أو الهندسات مثلاً لأن جميع طلبة هذه الكليات ملتزمون بالدوام، أما في كلية الآداب على سبيل المثال التي تضم نحو 60 ألف طالب فبعضهم يعمل ولا يلتزمون بالدوام.‏‏

وفي معرض تحليله لانسحاب الطلبة من الامتحان يقسم الدكتور ا المنسحبين إلى نوعين: الشريحة الأولى هم الطلاب الذين يتسابقون على العلامات العالية، وعندما يدخل مثل هؤلاء الطلاب إلى الامتحان ويكتشفون أنهم لا يعرفون سؤالا أو اثنين، وبالتالي ستنخفض معدلاتهم، فيختار هؤلاء الرسوب بالمادة ولا بد من الإشارة إلى أن هذه الفئة قليلة جداً.‏‏

أما الشريحة الثانية فيرى أن ظروفها لم تساعدها وتقول أحياناً أن الأسئلة صعبة أو أنهم لم يدرسوا جيداً ولم يتابعوا بشكل جيد، ويؤكد أن الأنظمة الامتحانية تغيرت وتتغير بشكل مستمر وبعض أعضاء الهيئة التدريسية أيضاً في حالة عدم استقرار، ويحق للأستاذ الجديد أن يضع نموذج الأسئلة كما يراه مناسباً وهذا ما يفاجئ الطلبة أحياناً، كما أن أتمتة الأسئلة في البداية لعبت دوراً، وعلى المستوى الفردي يشير الدكتور معلا أن قرار كل طالب يتوقف على طبيعة دراسته، وأن بعض الطلبة يتبعون أساليب ملتوية، فالموظف يهرب من وظيفته بحجة الامتحان، حتى لو لم يكن قد درس بشكل جيد، وفي هكذا حالات لا يمكن تحميل الأستاذ مسؤولية هذه التصرفات.‏‏

ويختم د. معلا أن الأنظمة الجامعية حددت أن لا تقل نسبة النجاح عن 20% وأن لا تزيد عن 80% وعندما لا تتطابق نسبة النجاح مع ما هو محدد بالقانون فهناك مشكلة تحتاج إلى دراسة. بالإضافة إلى الأحداث والظروف الأمنية الصعبة في بعض المناطق قد حالت دون تحضير واستعداد الطلبة بالشكل الأفضل لتقديم الامتحانات لهذا الفصل أو قبله ودعا وزارة التعليم العالي إلى تحمل مسؤولياتها تجاه هذا الظرف الاستثنائي الذي نمر به واتخاذ حلول عاجلة له .‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية