تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة... هـــــل ينجـــــح الإعــــــلام بقولبـــــة العالــــــم..؟!

ثقافة
الاحد 1-12-2019
يمن سليمان عباس

منذ أن بدأ الاعلام العالمي الوصول إلى كل بقعة جغرافية، رافقته معزوفة الكذب والتضليل بكل ما فيها، فهو حسب هذه المعزوفات: حر ويحمل رسالة ما،

ولابد من أن يكون دون قيود أو شروط، وما في الجعبة من مصطلحات سوقها الغرب وتاجر بها كثيرا، ومن خلالها خاض حروبا كثيرة ومن منابر الامم المتحدة، واليوم ثمة من يتحدث عن حروب الجيل الرابع، وربما غدا الخامس، هذا كله عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، وما أنتجه الفضاء الازرق، واللافت في الامر أن هذه الحروب بدأت تتعرى وتفقد سترها، لكن العالم مدعي الحضارة والحرية، مازال يخوضها، ولم يعد يعنيه أنها كشفت، بل يجدد بوسائلها، وأدواتها ليحصل على مبتغاه.‏

اللافت أيضا أن المفكرين الغربيين أنفسهم (البعض) يتحدث عما يجره هذا السيل الاعلامي، ويفضح اللعبة الكبرى، من هؤلاء المفكر تزفيتان تودوروف في كتابه الجديد الذي حمل عنوان: أعداء الديمقراطية الحميمون، وقد صدرت طبعته مترجمة عن الهيئة العامة السورية للكتاب بدمشق، هذا العام، ترجمها إلى العربية: مناف عباس، وراجعها جمال شحيد، ومن المعروف أن تودوروف اصدر العديد من الكتب المهمة التي بحثت في قضايا العالم الغربي، انه كان شيوعيا قبل مغادرته بلغاريا والاقامة بفرنسا.‏

في كتابه المهم هذا يفضح وهم الحريات المزعوم، وما يسمى الديمقراطيات ولعبتها الكبرى، التي يؤدي الاعلام فيها الدور الأكبر، يرى أن ثمة ثلاث سلطات في أي دولة في العالم، هي: التشريعية والتنفيذية والقضائية، ولكن ثمة سلطتان أخريان تتواشجان وتحركان السلطات الثلاث الاولى، سلطة الاقتصاد، وسلطة الإعلام، فلم يعد الاعلام سلطة رابعة، بل هو السلطة الأولى التي تحرك العالم وتديره، تقيم الصلح وتضرم نار الحروب، تبرمج العقول، وتمسخها، يستفيد الاعلام من معطات العلم بكل المجالات التقنية وعلم النفس والجغرافيا، الماضي والحاضر، له مراكز دراساته التي لاتترك شاردة ولا واردة إلا وتقدمها له ليكون الفاعل الحقيقي.‏

الاعلام لم يعد ناقلا للحدث، ولا هو إخباري، بل صانعه، وهذا أمر لايقدر عليه أي إعلام بل الامبرطوريات الكبرى التي تدعم بالمال والخبرات، وتحت عنوان: سلطة وسائل الاعلام يعقد فصلا يتحدث فيه عن هذا الدور.‏

وهم الحرية‏

يرى تودوروف أن الكثيرين يظنون انهم أحرار ومستقلون بما يتلقونه من رسائل إعلامية، لكن الأمر غير ذلك تماما: نحن نعتقد أننا نتخذ قراراتنا بشكل مستقل، إنما إن كانت كل كبريات وسائل الاعلام صباحا مساء يوما بعد يوم تبعث الينا بالرسالة عينها فان هامش الحرية الذي نتمتع به لتكوين آرائنا هو هامش ضيق جدا، تقوم مستلزمات تحركنا على المعلومات التي نمتلكها عن العالم، والحق أن هذه المعلومات التي يجب ايضا الافتراض انها غير مغلوطة قد تم اختيارها وانتقاؤها وتجميعها على شكل رسائل كلامية او بصرية لتوجهنا نحو نتيجة ما على حساب النتائج الاخرى، إلا ان اجهزة الاعلام لا تعبر عن الارادة الجماعية لحسن الحظ: على الفرد أن يحكم على الامور بذاته لا وفقا لضغط القرارات التي تتخذها الدولة، في سياق الامور الحالي فقط، يمكن للفرد أن يتلقى معلومة مقولبة كما لو انها كانت صادرة عن الدولة، لكنها في الحقيقة قرار شخصي واحد أو مجموعة من الاشخاص من الممكن اليوم، إن امتلكنا كثيرا من المال أن نشتري محطة.. محطات.. إذاعات.. صحفا، وجعلها تقول ما نرغب به كي يؤمن مستهلكوها وقراؤها ومستمعوها وجمهورها بما نرغب فيه نحن.‏

وعلى اقطاب وسائل الاعلام أن ينشغلوا أيضا بعوائد امبراطوريتهم حيث لايمكنهم أن يكتفوا فقط بمجرد نشر البروباغندا لكن لاشيء يمنعهم عن ادراج محتويات جذابة بمهارة إلى جانب هذه البروباغندا، جنس وعنف، لن تكون النتيجة النهائية ابتداء من ذلك الحين السعي الى الاقناع وانما التلاعب، والحديث صار نظام بلو توقرطي (سلطة الاغنياء) السلطة حينها بيد الاثرياء لاالشعب بيد المال.‏

هو الاعلام، الذي يشكل الرأي العام العالمي وتديره شركات ومؤسسات كبرى، بدورها تدار من كواليس المؤسسات العسكرية والاستخبارية، فلم يعد الاعلام ذا دور ريادي وتنويري، بل سلاح يوجهه مموله كما يحلو له، وغير ذلك ليس Yomn.abbas@gmail.com">صحيحا.‏

Yomn.abbas@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية