|
شباب
ما اشتدّ ظلام الليل إلا لاقتراب الفجر من بزوغه، وما زاد القتل والتخريب إلا ليعلن ويؤكد لنا ما يعانيه أعداء الوطن من إفلاس وضعف وتقهقر، وفي المقابل وعلى الخط الذي يمدّنا بالأمل فإن البندقية الوطنية تمجّد الحياة وتحميها وعزيمة الأبناء تزوّدنا بكل ما هو ضروري لمستقبلنا ومستقبل وطننا.. فقد دخل شبابنا يوم الأحد الخامس من شهر كانون الثاني الحالي امتحانات الفصل الأول من العام الدراسي 2013/2014 بكلّ الهمة التي عودونا عليها وبكل الاجتهاد الذي عرفناه عنهم بعدما أنجزت مدارس القطر استعداداتها لهذا الاستحقاق الذي يأتي تتويجاً لعمل مرحلة كاملة من عام دراسي نتمناه إيجابياً بكل المقاييس، وأيام قليلة جداً تفصلنا عن الامتحانات الجامعية أيضاً، أي أن عملاً مهماً من حياة شبابنا يُنجز على إيقاع التطورات الكبيرة التي تحصل على الأرض السورية..
من جهة أخرى، التقى الكثير من الآراء الخبيرة بالشأن السوري عند نقطة معينة وهي أن العنف ستزداد حدّته كلما اقتربنا من الموعد المقترح لعقد مؤتمر جنيف2 لتحقق المجموعات الإرهابية ومن يدعمها بعض المكاسب من وجهة نظرها قبل التوجّه إلى جنيف لتدخل بهذه المكاسب حسب زعمها ووهمها إلى المؤتمر المرتقب فتضغط على قدر ما تحققه من مكاسب، ومن هذا التوجّه تأتينا الأخبار بالمزيد من استهداف البنى التحتية وتخريب ما يمكن تخريبه دون أي شعور بالذنب الكبير الذي تقترفه أيديهم وأن ما يحرقونه أو يخربونه هو ملك الشعب الذي يدّعون أنهم يدافعون عنه... يعتقد هؤلاء المخربون أن ضرب خطوط نقل الطاقة وتخريب شبكات الكهرباء سيجعل حياتنا سوداء كما ظلام تفكيرهم وينسون أن قلوب السوريين هي التي تضجّ بالحياة وهي التي تضيء الدروب وأنهم مهما حاولوا ومهما خرّبوا لا يستطيعون إخماد جذوة الحياة في داخلنا.. صباح يوم الجمعة الفائت استهدف الإرهاب خطاً لنقل الطاقة قرب دمشق فانقطع التيار الكهربائي عن دمشق، ومساء اليوم ذاته تلوّنت سماء ريف طرطوس الشرقي بالأحمر لنكتشف ان حريقاً كبيراً قد شبّ نتيجة استهداف خط نقل الوقود من حمص إلى بانياس في بلدة الزارة، فهل بهذه المكاسب التخريبية ستردّون على بطولات وإنجازات جيشنا العقائدي الباسل؟
على ضوء الشموع يدرسون وبنور الله والإيمان يهتدون وعلى جحافل القتل والتخلّف سينتصرون، لا حورياتهم أغرت شبابنا، ولا فتاواهم أضلّتهم الطريق، وكما نجحوا في اختبارات صعبة جداً لن يكون مردودهم في اختبار الدرس أقلّ من مردودهم في الاختبارات الكثيرة السابقة.. في سياق آخر وفي ميدان آخر تدخل مجموعة من أبنائنا الشباب الذين يمثّلون منتخبنا الوطني الأولمبي بكرة القدم تحدياً كبيراً في بطولة آسيا بكرة القدم لأعمار تحت 22 سنة في العاصمة العمانية مسقط وتضمّ مجموعتنا منتخبات الإمارات وكوريا الشمالية واليمن، ولن ندخل هنا في تفاصيل المنافسة أو في تحليل المستويات الفنية للفرق المشاركة أو لمنتخبنا ونترك هذا الأمر للزملاء في قسم الرياضة ولكن نشير هنا إلى «المضمون» الذي يذهب فيه شباب منتخبنا إلى مسقط بين منتخبات حاولت حكومات بلدانها بشتى الوسائل طمس الصوت السوري الوطني ولكنهم عجزوا ونذكّر ببطولة غرب آسيا بكرة القدم والتي أقيمت العام الماضي في الكويت وأحرز منتخبنا بطولتها ونذكّر بالتفاصيل المزعجة التي حاولوا لصقها بمنتخبنا فمرّة يماطلون بمنح تأشيرات الدخول ومرّة «يدفشون» بعض المتهورين للنزول إلى الملعب حاملين علم المتنكرين للوطن ومرّة ثالثة يضايقون الجمهور السوري الذي يأتي ليشجّع منتخب بلاده أو يمنعونه من دخول الملعب، وكل هذه التفاصيل قد تحضر في مسقط أيضاً ونطالب شباب منتخبنا الأولمبي أن يكونوا بذات الثبات والقوة والوعي الذي أظهره منتخبنا الأول في بطولة غرب آسيا الماضية وأن يردّوا على الإزعاجات المحتملة بنتائج كبيرة وان يعودوا بلقب بطولة آسيا رغم أنوف الكارهين.. فوق كل ما هو إيجابي ومبشّر فللأسف وحتى اللحظة مازال هناك من يراهن على الآخرين ويعتقد أن أبناء سورية الحقيقيين سيتخلّون عن وطنهم أو يخافون قذائف حقدهم ونيران تفجيراتهم، وينسى أو يتناسى هؤلاء أن الأيام الصعبة جداً التي مرّت على سورية لم تثنِ عزيمة أبنائها ولم تبدّل في قناعاتهم شيئاً ولكن هل بإمكانهم أن يفعلوا غير ما يقدمون عليه من قتل وتفجير وتخريب وحرق وهل يجيدون غير هذه الثقافة؟ نعود إلى ما بدأنا به ونشدّ على أيدي أبنائنا على مقاعد الامتحانات ونطالبهم بالمزيد من الاجتهاد فهم الضمانة لمستقبلنا وتفوقهم وتحصيلهم العلمي هما شيفرة هذا المستقبل الذي ندافع عنه ونضحّي من أجله.. |
|