|
شؤون سياسية هذا الاقتتال الذي شنته عصابات الإرهاب والتكفير بتسمياتها الجديدة «الجبهة الإسلامية» و«جيش المجاهدين» ضد داعش على الأرض في مناطق مختلفة كان هدفه إحراز نجاحات ميدانية تعوض بها مملكة آل سعود الإرهابية سلسلة إخفاقاتها المستمرة جراء صمود وبسالة السوريين في التصدي للحرب العدوانية التي تستهدفهم، ومحاولة التشويش على لقاء كيري ولافروف المرتقب والذي سيحسم قضية حضور إيران للمؤتمر من عدمه، وتقديم صورة مختلفة عن سيرة وسلوك الجماعات التي تتبناها السعودية ومحاولة تضليل المجتمع الدولي بإمكانية استخدام هذه الجماعات في محاربة الإرهاب الذي يمثله داعش. تطورات الأيام الأخيرة أكدت وكشفت وبما لا يدع مجالا للشك بأن داعش وكذلك المجموعات الأخرى المنضوية تحت اسم «الجيش الحر» أو ما يسميهم إعلام الفتنة والتضليل «ثواراً» هما وجهان لعملة إرهابية واحدة، وأن كليهما فرعان أساسيان للقاعدة، وأنه جرى التضحية بفرع من أجل تلميع الفرع الآخر وتحسين صورته المشوهة وتقديمه على أساس أنه معتدل، لأن أعمال التفجير والتخريب وقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث وقتل الأسرى والرهائن والمختطفين مارستها كل هذه التنظيمات دون أي ضوابط أو روادع بحق بعضهما البعض كما مارستها معاً وجنباً إلى جنب بحق الأبرياء من الشعب السوري، والمضحك المبكي أن معظم أعضاء مجلس اسطنبول وائتلاف الجربا كانوا يسمون إرهابيي داعش «ثواراً» وينادونهم «إخواننا في داعش» ثم مالبسوا بعد أن جاءتهم الأوامر والاملاءات من الولايات المتحدة والسعودية أن راحوا يتهمونهم بالعمالة لإيران ولأجهزة الاستخبارات السورية..!! بالعودة للوراء قليلاً، لعل الجميع يتذكر أن عصابات داعش تسللت منذ نحو عام من العراق إلى سورية عبر المناطق التي تنشط فيها مليشيات الحر وجبهة النصرة وباقي التنظيمات التكفيرية، وسرعان ما تمددت بمباركتها من الحسكة ودير الزور شرقا إلى الرقة وحلب وإدلب شمالا وصولا إلى محافظة اللاذقية غرباً حيث ارتكبت داعش في آب الماضي أبشع جرائمها ومجازرها وانتهاكاتها بحق المدنيين الأبرياء في إحدى عشرة قرية شمال المحافظة، ولا تزال الذاكرة تحتفظ بمنظر الإرهابي الفار سليم إدريس متزعم مليشيا«الحر» وعدد من أعضاء ائتلاف الدوحة ومجلس اسطنبول وهم يباركون بكل وقاحة «إنجازات» داعش آنذاك، معتبرين تلك الجرائم الإرهابية مفصلاً مهما في تاريخ «ثورتهم المزعومة»، ما يعني أن داعش هو أحد مكوناتهم الإرهابية التي فقدت صلاحيتها مع استحقاق جنيف2. لكن هذا الضجيج المتعمد والمفتعل حول داعش والحرب عليها في هذا الظرف بالذات لن يفيدهم في شيء سواء عقد جنيف2 أو لم يعقد، لأن الشعب السوري في النهاية هو من سيرسم مستقبله ويقرر مصيره بنفسه، لا السعودية ولا قطر ولا تركيا ولا الولايات المتحدة ولا غيرهم، والشعب الذي اكتوى مرة بنار الإرهاب الاخواني ومرة بنار الإرهاب الوهابي القاعدي يعرف تماماً كيف يحارب الإرهاب ويتصدى له ويهزمه، وإذا كان شعبنا في الأصل يرفض الحوار مع من يساند الإرهاب ويدعمه، فكيف يمكن أن يتحاور مع الإرهابيين أنفسهم..!! أيام قليلة تفصلنا عن محطة جنيف2، أيام قد تكون حافلة بالتطورات الميدانية وربما تكون الأكثر دموية من كل ما سبقها لأن دعاة الفتنة والقتل والتخريب والتقسيم فقدوا رشدهم وباتوا على عجلة من أمرهم، وكلما اشتد بأس الشعب السوري في مقاومة مشاريعهم ومؤامراتهم وعدوانهم كلما ازداد غلهم وحقدهم وكشفوا المزيد من أوراقهم المحروقة، وما التفجيرات الإرهابية والقذائف العمياء التي ضربت المدنيين في أكثر من بلدة أو قرية أو مدينة آمنة سوى تعبير حي عن عمق فشلهم وانسداد الأفق لديهم، وهذا ما يعمق إيماننا بقرب موعد الخلاص والانتصار. |
|