تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل انتهى مستقبل نتنياهو؟!

دراسات
الاثنين 25-11-2019
بقلم: مون الاباما- ترجمة: محمود لحام

وجّه النائب العام الإسرائيلي أفيخاي ماندلبليت لرئيس الوزراء بينيامين نتنياهو قائمة مؤلفة من 60 صفحة، بتهم تلقي رشاوى وفساد، وتزوير واحتيال، وخرق ثقة الشعب،

في ثلاث قضايا مختلفة تدور حول تعاملات رئيس الوزراء مع أثرياء إسرائيليين. وجاءت هذه الاتهامات في الوقت الذي يشهد الكيان الإسرائيلي جموداً سياسياً مما قد يمكن أن يساعد في انهاء حالة الجمود هذه. وكان الكيان الإسرائيلي قد أجرى جولتي انتخابات برلمانية هذا العام، انتهت كلاهما بمأزق سياسي، حيث لم يتمكن رئيس الوزراء نتنياهو من الليكود ولا بيني غانتز، زعيم ائتلاف أزرق -أبيض، من تشكيل حكومة، حيث فشل كلاهما في إيجاد عدد إضافي كافٍ من الأصوات لتشكيل ائتلاف وبالتالي الفوز بالأغلبية، مما حدا بنتنياهو الذي يواجه أصعب تحديات انتخابية منذ أكثر من عقد.. للقول إنها مؤامرة تحاك ضده من قبل الصحافة وخصومه على حد سواء.‏

أمام الكنيست الآن 21 يوماً للحصول على الأغلبية، من المحتمل أنه لن ينجح بذلك، ويبدو أن الانتخابات الثالثة أمر لا مفر منه. ومن المستغرب جداً أن النائب العام الإسرائيلي أفيخاي ماندلبليت استغل هذه اللحظة، وهذا النفق المظلم المسدود الذي تمر فيه البلاد لإدانة نتنياهو أخيراً، وهكذا أعلن النائب العام يوم الخميس الماضي أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيُتهم بالفساد والاحتيال وخرق الثقة في ثلاث قضايا فساد حملت الأرقام 4000 و 2000 و 1000، وبذلك يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول الذي يواجه تهماً وهو في منصبه، مما يضع النظام السياسي الإسرائيلي في مهب الريح.‏

تُعتبر القضية 4000 الأخطر من بين الثلاثة وتدور حول اتفاقية فساد مزعومة بين نتنياهو ورجل الأعمال شاؤول إيلوفيتش ، الذي كان يدير شركة بيزك للاتصالات وموقع. Walla Newsو وفقاً لعريضة الاتهام، دخل نتنياهو وإيلوفيتش في اتفاقية لإبرام الصفقات، حيث أجرى نتنياهو - بصفته وزيراً للاتصالات - إجراءات تنظيمية مرتبطة مباشرة بشركات ومصالح إيلوفيتش حيث حصل نتنياهو على رشاً مقابل تخفيف القوانين على شركة الهواتف الإسرائيلية المحتكرة (بيزك) مقابل قيام مدير الشركة شاؤول إلوفيتش، بتغطية إيجابية لأخبار رئيس الوزراء على موقعه الإخباري، كما تم توجيه تهمة لإيلوفيتش بالرشوة. مما جلب لها أكثر من 500 مليون دولار.‏

أما القضية 1000 فتتعلق بسيجار وشمبانيا وردية ومجوهرات بمئات آلاف الدولارات، اشتراها قطب الأفلام الإسرائيلي الأميركي أرنون ميلخان بشكل منتظم، وقدمها لعائلة نتنياهو، ولم يتم توجيه تهمة لميلخان.‏

بالمقابل، وفقاً للائحة الاتهام ، كان نتنياهو وزوجته سارة يطلبان وبانتظام تغيير التغطية على موقع Walla News من أجل خدمة مصالحه واستهداف خصومه، وبحسب ما ورد في لائحة الاتهام فقد مارس إيلوفيتش ضغوطاً على ناشري الموقع للامتثال لمطالب نتنياهو، كما سيتم توجيه الاتهام للناشر ايلوفيتش، مالك موقع Walla News وكذلك للناشر ارنون موزيس Arnon Mozes، مالك المجموعة الإعلامية يديعوت أحرونوت‏

Yedioth Ahronot .‏

كانت التهم الموجهة لنتنياهو بالاحتيال وانتهاك الثقة معروفة لبعض الوقت، ولكن يبدو أن توقيت توجيه النائب العام للاتهام رسمياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي له أغراض سياسية.‏

يبدو أن نتنياهو سيتعرض الآن لضغوط شديدة لدفعه للاستقالة، كانت شخصيته إلى حد كبير هي التي عرقلت تشكيل حكومة جديدة، في حال إقالته من منصبه في الأيام الـ 21 المقبلة، يمكن للبرلمان تشكيل حكومة وتجنب إجراء انتخابات ثالثة، لكن نتنياهو سيحارب بمخالبه وأظافره للفوزعلى خصومه وإزاحتهم عن طريقه والحفاظ على مكانه وسيحاول نزع الشرعية عن القضاء وسيستخدم كل الحيل المتاحة للبقاء في منصبه، مما قد يجعله أكثر خطورة مما هو عادة، وبالتالي قد يقرر فعل شيء لإنقاذ ماء وجهه، مثل شن حرب كبيرة أو خاطفة، لمنع انسحابه من السلطة، ولذلك يجب على لبنان وسورية وإيران توخي الكثير من الحذر.‏

وقد يلعب نتنياهو بورقة الاستيطان بالذات وقد بدأ فعلاً بتحريكها عندما أعلنت الحكومة الإسرائيلية منذ أيام قليلة عن شرعية الاستيطان في الضفة الغربية، وهي الاستراتيجية الثانية التي ينتهجها نتنياهو للخروج من أزماته بعد الورقة الأمنية والعسكرية مرتكزاً عن قناعاته الشخصية المُؤسَسَة على أيدلوجيا (إسرائيل الكبرى)، مما قد يحافظ على زعامته للحلبة السياسية الإسرائيلية، فالمشكلات الاقتصادية متراكمة ومتعدّدة وتحتاج إلى حلول استراتيجية بعيدة المدى لا تُسعفه حالياً.‏

نتنياهو الذي يعيش على ما يبدو أخر أيامه السياسية يحاول وبكل الوسائل أن يبقى موصولاً بأجهزة الإنعاش والحياة رغم أن خصومه وخاصة شريكه في تشكيل الحكومة، رئيس الأركان السابق بني غانتز، والذي يقود حزب أبيض وأزرق، الذي يضم في عضويته رئيسين سابقين للأركان لن يفوتوا من أيديهم هذه الفرصة الأكثر من ذهبية للإطاحة به، لا بل إن مسؤولين كبار في حزب الليكود ذاته والذي يتزعمه نتنياهو اجتمعوا سراً لبحث خطط لانتزاع الحزب من يدي نتنياهو وبالتالي قطع أنبوب الأوكسجين عنه واغتياله سياسياً .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية