|
ثقافة وأن تتحول الواحة الى أنهار في قلب الصحراء. لكن ماصار عجبا منذ عشرات السنين ان تلغى الحدود والحواجز وان يتوقف ساعي البريد عن ايصال الرسائل وان تعطي الكتب لنفسها إجازة طويلة متكئة بعضا الى بعض على رفوف المكتبات غافية, حالمة, وأن تتحول الثقافة الى خادمة كسولة يرقبها رجل الاقتصاد ليرميها خارجا في أي لحظة يشاء, وان يربط الكون أقمارا وشبكات دون أن يعرف العالم الآخر كيف ولماذا ودون أن يتعب نفسه في فكفكة جزء عن آخر. ثقافتنا لم تتعد الاستهلاك / دون تناسي بعض التجارب الفردية التي تعطي انطباعا بالابداع والابتكار لكن التجارة الفردية لاتسم المجتمع كله بالابداع ولاتعطيه سمة الانتاج بدل الاستهلاك. ثقافة اليوم الكترونية بالاجمال وهذه ثقافة تتجه سراعا نحو عالم مازال غامضا يمشي في نفق مظلم لايدرك نهايته الا اذا اكتشف أحدهم ذلك الضوء المنبعث من زاوية ما وبدأ يكتشف منابع الضوء. كان العالم قرية كونية صغيرة وكان يتمسك بجملة غاندي: «أسمح للضوء من دخول نافذتي لكني لن أسمح له اقتلاعي من جذوري» وكانت تعني تلك الجملة ماتعنيه من التمسك باﻻرض وبالثقافة والمطبخ التقليدي, والأسرة والمسرح والسينما والغناء والملابس, وحتى تسريحات الشعر, كانت تعني عدم الغاء الهوية دون ان يمنع ذلك الاختلاط مع اﻵخر على أن أبقى أنا وتبقى أنت دون اندماج الشرقي مع الغربي في عقل محرك واحد بجسدين. اليوم لم تعد القرية الكونية التي قامت على اساس تبادل المعلومات ووجود مكتبة ضخمة بحجم الكون يتطلع فيها الفرد على ثقافات الغير وحضاراتهم بل تقلص المعنى الى معنى السوق الكوني االصغير حيث لابد ان من يدير هذا السوق يترجم كل أفعاله الى لغة رقمية ويحول البشر الى رموز في صناديق مغلقة يساوي سعرها «مال» والمال محرك للقرية الكونية التي كان يعتقد أنها تعمل من أجل نشر الثقافة والحضارة ومهما حذر العالم من العولمة، لكن هذا ليس مؤشرا على توقف العقول المدمرة لحضارة الغير, بل استمرت الجرافات تجرف مافي طريقها وتصطفي ماتشاء وترمي ماتريد الى أن وصل البشر الى مرحلة الآليين الذي يمشون روبوتات في الطرقات مطرقين بجوالاتهم دون معرفة من يمشي بجوارهم. لقد أصبح العالم سوقا ولم يعد قرية بالمعنى الذي يحمله معنى»قرية» من ود وحميمية في العلاقات وتبادل في ثقافة الحياة,بينما على العالم تغيير المصطلح الى سوق ليؤشر الى أن البشر صاروا مجرد رقم في حركة تبادل السلع والبضائع. |
|