|
البقعة الساخنة يمكن البناء عليه , وفق ما تقتضيه الرعاية الأميركية لتلك العملية , ولكن هذه الذاكرة التي شعرت بفراغ حقيقي في عهد الادارة الأميركية الحالية التي باتت فيها عملية السلام منسية , وكادت أن تشطب من الخطاب الأميركي , أضحت اليوم تعيش مفارقة صعبة وخطرة في الآن ذاته . فوزيرة الخارجية الأميركية التي زادت وتيرة زيارتها للمنطقة في الآونة الأخيرة , استبدلت حقيبة أولوياتها , وأضحى وجودها مدعاة للقلق الفعلي , بعد أن كرست جهودها لتحريك بؤرة الاشتعال في المنطقة , بدل عملية السلام , وبتنا نشهد كماً من التوتر والتشنج في المواقف تستورده حالة التأجيج التي تمارسها رايس بين دول المنطقة , وبين القوى داخل كل دولة ,وبين التيارات داخل كل قوة ..! فكلما اقترب الفلسطينيون من الاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية , تأتي رايس لتعيد الاوضاع الى نقطة الصفر , وفي أحيان كثيرة إلى ما دون نقطة الصفر , ويمكن تلمس ذلك في أكثر من اتجاه , وفي الوقت ذاته لاتدخر جهداً في تأليب دول المنطقة , والعمل على تقسيمها بين معتدل ومتطرف , وتوزيعها على محاور وأحلاف فحين بدأت أجواء العلاقات في المنطقة بالتحسن , وعندما ظهرت بوادر إجماع على الموقف الذي يجب أن تتخذه دول المنطقة حيال الكثير من التطورات التي تشهدها , جاءت زيارة رايس , لتعيد تفخيخ الاوضاع وصولاً إلى خلق مساحات من التشنج تعيق أي عمل من إرادتها , وبالتالي إبقاء المنطقة في أجواء مشحونة , تكون فيها الأجندة الاميركية الحاضر الدائم . لذلك بدت المفارقة خطرة مثلما هي صعبة باعتبار أن المسعى الاميركي القائم على بقاء الاضطراب في المنطقة ,لايتحقق إلا بالعمل على توسيع بؤرة الاشتعال التي تتأجج أينما تحركت رايس .. والأمر لم يكن يحتاج لكثير من الوقت , فبعد ساعات قليلة من انتهاء زيارتها للأراضي الفلسطينية المحتلة سمع الجميع لغة مختلفة , غير تلك التي كانت سائدة قبل الزيارة , ولمسوا مؤشرات تتباين عن تلك التي كانت قائمة . وهذا ما ينطبق على حال زيارتها للمنطقة كلها , ومثلما تبدلت المعطيات هناك لن نستغرب تبدلها في أماكن أخرى بعد قدوم رايس إليها , وهكذا أضحت الذاكرة العربية مجبرة على التعايش مع منطق مختلف , وأن تنظر برؤية مغايرة , ولم نعد نجد في أي نشاط أميركي أو تحرك سياسي تجاه دول المنطقة إلا ما يدعو للريبة والحذر ?! |
|