|
اقتصاديات به بوضوح وهو أن قانون تنظيم غرف التجارة السورية رقم 131 لعام 1959 لم يعط مجالس ادارة الغرف أية صلاحية في تنفيذ أي قرار على السادة التجاد المسجلين في الغرفة,وقد جاء في الفصل الأول من القانون المذكور بالمادة /1/ أن الغرف التجارية مؤسسات ذات نفع عام,غايتها خدمة المصالح التجارية وتمثيلها والدفاع عنها,والعمل على ترقيتها. هذا من جهة القانون وإذا كان لابد من إعادة النظر بهذا القانون فأنا أفضل أن يتم تعديل النظام الداخلي بين الجهة صاحبة حق الإشراف على الغرف وهي في هذه الحالة وزارة الاقتصاد والتجارة وبين الغرف ويجب أن يلحظ التعديل جميع الثغرات المحلوظة خلال فترة التطبيق السابقة بالإضافة على ماتراه الجهة المشرفة من تعديلات ويعطي النظام الداخلي الجديد الصلاحيات المطلوبة لمجلس الإدارة وفترة لا تقل عن ثلاث سنوات لرصد نتائج التطبيق ومن ثم يصار إلى تعديل القانون أو إصدار قانون جديد للغرف يتوافق مع ما تتطلع إليه الحكومة من غرف التجارة ومجالس إدارتها. بعد هذه المقدمة أود تقديم عرض للقطاع الخاص الوطني في سورية,هذا القطاع الذي بدأ منذ مطلع القرن العشرين بالعمل الجاد وضمن الامكانات المتاحة في حينه مع لحظ عدد سكان سورية وقدراتهم المالية فهو قد اشتغل بالزراعة ودعته الضرورة لتسويق منتجاته فاحترف التجارة ونتيجة ظروف عالمية سادت المنطقة في النصف الأول من القرن العشرين بدا بمزاولة بعض المهن الصناعية وتركز اهتمامه على إيجاد بدائل للمواد المستوردة فنشطت صناعة النسيج وما يتبعها من مصانع ومطابع وراجت الصناعة الكسائية ووجدت لنفسها مكانا في البلاد العربية كما تم إنشاء معمل الاسمنت ومعمل الزجاج ومعامل مستلزمات البناء وغيرها ونشطت الصناعة والتجارة بشكل ملموس بعد القطيعة الاقتصادية مع لبنان فظهر على الساحة التجارية تجارا أخذوا بإمداد البلد بجميع المواد التي كانت تأتي استيرادا عن طريق لبنان,كما ازداد عدد المصارف وشركات التأمين بالإضافة لإنشاء ميناء اللاذقية على شكل شركة مساهمة والطرق البرية الرابطة بين البلاد العربية. ورافق ذلك توسع في الصناعة وتطوير العمل التجاري وتوظيف الزراعة لصالح الصناعة كالحبوب والمطاحن والقطن والمحالج والمغازل والمناسج وشهدت البلاد انتعاشا اقتصاديا ملموسا. بعد ذلك تعرضت منشآت القطاع الخاص إلى مرحلتين من التأميم الأولى تمت خلال الوحدة بين سورية ومصر والثانية بالقرارات الاشتراكية عام 1965 وكان مجموع رأس المال المؤمم مئتان وسبعة وستين مليون ليرة سورية ورافق ذلك إصدار العديد من القرارات حصرت الاستيراد والتصدير بشركات القطاع العام ورافق ذلك انكماش ملموس في أعمال القطاع الخاص في جميع الاتجاهات سواء بالزراعة أو الصناعة أو التجارة ودامت هذه الحال حتى مطلع الحركة التصحيحية,ورافق ذلك أيضا تجميد لغرف التجارة والصناعة منذ عام 1965 وقامت لجان معينة من الحكومة بإدارتها ولم يجر أي انتخاب لمجالس الإدارة حتى منتصف عام 1973 حيث قررت القيادة السياسية عودة هذه التنظيمات إلى العمل وتم إجراء أو انتخاب لمجلس إدارة غرفة تجارة دمشق الذي بادر ومن الأشهر الأولى بتفعيل مضمون المادة 4 من القانون 131 التي تنص على أن الغرف التجارية تقدم للحكومة بناء على طلبها المعلومات والبيانات والآراء في القوانين ,الأنظمة الخاصة بالتجارة وتشترك بناء على طلب السلطات المختصة في دراسة مشاريع القوانين والقرارات التي لها الصبغة الاقتصادية أو في وضعها أو في تعديلها. ولابد من الإشارة هنا إلى غياب تنظيمات نقابية للقطاع الخاص كانت قائمة وتم حظرها في مرحلة الستينات ولم يعاد العمل بها بعد ذلك فقد كان لكل مهنة نقابة كنقابة تجار النوفوتية ونقابة تجار الأقمشة ونقابة تجار مال القبان وكذلك نقابة أصحاب معامل النسيج وغيرها كثير ويجمعها اتحاد يسمى اتحاد نقابات أرباب العمل والصناع وهذه التنظيمات كانت ترعى المهن وقد خرجت من السوق. وفي العودة إلى الحديث عن القطاع الخاص في مرحلة الانكماش وهي مرحلة التأميم وحصر التجارة فقد خرج من السوق صناعيون وتجار كانت تضرب بهم الأمثال وذهبوا شرقا وغربا وتقلصت بغيابهم قيم ونماذج لم تعوض في السوق التجاري بالشكل الكافي ودخل إلى العمل مفاهيم جديدة لم تكن سائدة قبلا وعلى خط مواز تماما دأبت غرفة تجارة دمشق بالتأكيد على الكثير من متطلبات العمل التجاري والصناعي وكثيرا ما كتب على صفحات الجرائد أن القطاع الخاص هو قطاع مطلبي وكثيرا ما تمت محاربته على تلك الصفحات ونعته بأبشع النعوت ثم انتهت تلك الفترة وبدأ الانتعاش وعودة الثقة ومن منطلق ألا نبخس الناس أشياءهم أقول إن هذه المنشآت المنتجة القائمة على الأراضي السورية قامت بجهود الأفراد وشركات الأشخاص وبغياب تشريعات هامة وضرورية مازالت قيد الإنجاز كقانون التجارة الجديد وقانون الشركات مثلا. وإذا كان البعض يلاحظ أن القطاع الخاص مقصر في بعض الاتجاهات فهذا لا يعني أنه لم يقم بدوره وسيقوم بأكثر من ذلك كلما زاد المناخ المناسب توفرا وإن كلمة تشجيعية لجهوده أفضل مليون مرة من مهاجمته وهذا لا يلغي دور النقد البناء وليس النقد الهجومي أو التصادمي الذي ساد فترة ليست بالقصيرة. وإذا أردنا أن نحصل على مردود أكبر من عمل القطاع الخاص لي أمل كبير من الحكومة بتشكيل مجموعة عمل برئاسة أحد الوزراء ومشاركة الفنيين بالإضافة إلى غرف التجارة والصناعة تكون مهمتها الالتقاء مرات متعددة في مختلف المدن السورية مع التجار والصناعيين للتعرف عن قرب وبالحوار البناء على متطلبات العمل ليكون القطاع الخاص أكثر كفاءة وقدرة على القيام بما هو مطلوب منه. وإن كل ما ذكرته سابقا لا ينفي وجود بعض التجاوزات التي يقدم عليها البعض وكأن هذه التجاوزات قد أصبحت جزءا من ثقافتنا في كل القطاعات وليست محصورة بالقطاع الخاص فقط. وفي ختام حديثي أود التأكيد أن القطاع الخاص هو جزء أساسي من هذا الوطن له صلات قرابة ومصاهرة وجوار وتعامل مع باقي المواطنين وهو ليس غريبا أو مستوردا وهو يعمل ويجد ليوفر لنفسه ولأفراد عائلته الذين هم من هذا الوطن أيضا وهو قطاع وطني ووفي ومخلص وأمين كلما دعاه الواجب ولن يقصر ولن يفكر بالتقصير أبدا. |
|