|
ثمَّ إنَّ وثمة تلاقٍ بين المؤسسة الاقتصادية السورية وبين المؤسسة الاعلامية. تلاقٍ له اتجاهان أحدهما سلبي والآخر إيجابي. أبدأ بالتلاقي الايجابي.. إذ بدأت المؤسسة الاقتصادية تحس بدور الاعلام وأهميته الى مستوى أبعد من أن يكون مجرد إعلام إعلاني?! وهذا يقتضي من هذه المؤسسة أن تتجرأ ولو بخطوات بسيطة بطيئة على تقديم المعلومة ومحاولة ضبطها بالدقة وتسهيل تداولها.. أقول: هي خطوات ما زالت بسيطة وبطيئة.. لكنها مع التطور الاقتصادي الحاصل وما يقتضيه من ضرورات الشفافية والاعلان.. ستكون في القريب العاجل أعرض.. وأسرع.. وسيشكل ذلك منبعاً مهماً للاعلاميين لتقديم مادتهم بالشكل المفيد المرضي. على الجانب الآخر.. بدأ الاعلامي يشعر بأن الانشاء والنشر لا يكلف لتكوين أداء إعلامي طيب.. وأن المعلومة هدف لا بد من الوصول إليه.. وأن المؤسسة الاقتصادية (خاصة أو عامة) هي أقرب اليوم الى اتجاه تلبية مطالبه.. بالتالي هو كثيراً ما يستخدم الأذن للسماع قبل أن يستخدم القلم للكتابة وهذا يضعه في مجال الوضوح السهل الدقيق وهي في رأيي أهم مكونات الاعلام المقبول. ثم هناك التلاقي السلبي. فكلا الجانبين الاقتصادي والاعلامي.. ما زال على عدم دراية كافية بمهمة الآخر.. وأدواته.. وطرائق عمله.. وأساليبه أي أن الاعلامي يفهم المؤسسة الاقتصادية على أساس فيه جزء كبير من التخيل غير الدقيق.. وكذلك الاقتصادي كثيراً ما يفهم مهمة الاعلامي على أساس تخيلي يرتبط برضاه هو.. عمَّ يبحث الطرفان..?! رواج المنتج هوالهدف.. رواج المنتج الاقتصادي هدف للمؤسسة الاقتصادية ورواج المنتج الاعلامي هدف للمؤسسة الاعلامية. ما الجديد في ذلك..?! الجديد أننا خارجون من عصر للاحتكار لم تكن المؤسسة الاقتصادية تعذب نفسها فيه لتحقيق الرواج.. ولم يكن الاعلامي يستهدف القارىء بما يحقق له الرواج.. كان المبدأ الذي يحكم هذه النشاطات هو: هذا هو الموجود , والذي لا يعجبه ?!.. مضى على ذلك حين طويل من الدهر.. حتى فقد كل من المؤسستين أدواته الصحيحة للوصول الى آلية الترويج.. وتبادل الطرفان شعوراً بأن ليس من حق الآخر أن يبحث عن رواجه?! بل إن الاعلامي اتهم المؤسسة الاقتصادية بمسعاها للربح..?! لماذا ستعمل إن لم تحقق الربح?! واتهم الاقتصادي الاعلامي بالسعي للشعبية..?! لماذا سيعمل إن لم يصل الى المتلقي..?! كل هذا كان بسيطاً لو كان المطلوب تعديل الاتجاهات فقط.. لكن الحقيقة أن تعديل الاتجاهات لا يمكنه أن يحقق النقلة بهذه السرعة.. فالطرفان فقدا طريقة التواصل كما أسلفت.. وفقدا معها الامكانية لتحقيقها. لدى الاقتصادي الكثير اليوم مما لا يفهمه الاعلامي ولا يعرف مدلولاته وسيزيد هذا كثيراً مع تزايد المؤسسات الجديدة العاملة في هذا القطاع.. ولدى الاعلامي ما يحتاجه ويتناقض مع رغبة الاقتصادي في أن يكون الكلام اقتصادياً محترفاً عميقاً.. لكن.. مع ذلك كله أنا أقول: حققنا خطوات الى الأمام.. أهم ما فيها أنها واعدة.. خلال اليومين الماضيين.. تابعت في الاعلام ظهوراً لعدد من المسؤولين الاقتصاديين . بصراحة كان هناك معلومات وكلام منطقي ومعطيات جديدة ونجاح إعلامي.. مع ذلك قد يكون كلا الطرفين قيم بشكل مختلف.. لكن من المؤكد أن مثل هذا الظهور لم يكن متاحاً بهذه السهولة. والثقة في الماضي.. طبعاً أنا لا أنسى ظهور السادة الوزراء المتتابع والمتتالي والذي شكل صفحة إعلامية متميزة بدءاً من السيد رئيس مجلس الوزراء مروراً بنائبه الاقتصادي والسيد وزيرالمالية ولعله كان أفضل وزراء المالية في استخدام الاعلام للتواصل مع الناس.. وليس انتهاء بكل الوزراء. أنا أعلم أن ثمة اتفاقاً غير معلن بين المؤسستين للتفاهم.. وحتى يتحقق ذلك لا بد من ظهور علامات العتب وربما الغضب أحياناً.. ولا بد من أن يسعى كل طرف لفهم مهمة الآخر. |
|