|
البقعة الساخنة بهذا المعنى تأتي خطوة سورية بفتح باب التبرع أمام المواطنين السوريين لتقديم المساعدات للسلطة والشعب الفلسطيني منسجمة مع توجهات الشارع العربي الذي يدرك حجم الحاجة الماسة لدعم الفلسطينيين في هذه المرحلة , ولا سيما بعد أن اتخذ الموقف الأميركي والأوروبي بعدا عقابيا ضد الشعب الفلسطيني على خياراته الديمقراطية . وإذا كان هذا الموقف يعبر في جوهره عن التزام سورية بالشعب الفلسطيني وقضاياه , فإنه في الوقت ذاته يسجل بادرة أخرى باتجاه التأكيد على ان الالتزام بمتطلبات الجماهير العربية وتلبية تطلعاتها امر يمكن تحقيقه بعيدا عن كل المهاترات التي تتم , وعن كل الحجج والذرائع التي تساق . وقد أثبتت الخيارات التي تبنتها سورية قدرتها على استشراف أفاق التطلع المشروع لهذا الجماهير , كما تمكنت من تحسس حاجاتها الفعلية , والتوافق مع خياراتها في أكثر من موقف , وفي أكثر من اختبار . وحين يغالي البعض من الحكومات العربية في تردده إزاء الموقف من الخيارات التي أقدم عليها الشعب الفلسطيني , فإننا ندرك أن تلك الحكومات مهما ترددت , ومهما اقتضت السياسة في بعض الحالات , لن تكون بعيدة عن تقديم المساعدة الفعلية للشعب الفلسطيني , ولن تتخلى عنه تحت أي طائل , ومهما تكن الذرائع التي تقدم . وقد لمسنا كما لمس الجميع حجم الضغوط والمحاولات لثني بعضها عن التعاطي مع الحكومة التي اختارها الشعب الفلسطيني, تارة تحت الضغط , وأخرى تحت الوعيد , وثالثة بصيغة الإملاء , لكننا نلمس أيضا حجم التعاطف مع الشعب الفلسطيني وخياراته بغض النظر عن كل تلك الضغوط والمحاولات والزوابع التي أثيرت . وحين تكون المقارنة لحسم الخيارات لا بد أن تختار الحكومات العربية طريق الجماهير.. كثرت الضغوطات أم قلت , حتى لو كانت السيدة رايس هي التي تقود حملة الضغوط تلك , أو كانت بتبني واضح وصريح من إدارة الرئيس بوش , ولا سيما حين تتحول القضية إلى ابتزاز رخيص لمعاقبة الشعب الفلسطيني . وعندما تبادر سورية إلى فتح باب التبرع لمساعدة الشعب الفلسطيني , تدرك أن ثمة خطوات مشابهة قادمة ستقدم عليها الكثير من الدول العربية والإسلامية , وأن من يتردد في تقديم المساعدة , أو في لقاء الحكومة الفلسطينية الجديدة لا بد أن يتشجع كي يكون أكثر قربا من الواقع , وأكثر فهما لحقائق الأمور . وتلك مجرد خطوة في سلسلة طويلة من الاستحقاقات لمواجهة حملة التجويع التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني , وتحصين موقفه الوطني وتقوية جدار ممانعته وصموده في نضاله المشروع . |
|