تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


(المسؤول) بين حالين!!

بلا مجاملة..
الثلاثاء 18/4/2006
هيثم يحيى محمد

الكثيرون من الأشخاص الذين يصلون إلى موقع القرار في بلدنا يتناسون ويتجاهلون الملاحظات والانتقادات التي كانوا يوجهونها مع زملائهم إلى من كانوا يشغلون المواقع قبلهم..

ويمارسون عملهم بما يتناقض مع الأفكار التي كانوا يطرحونها لتطوير العمل والأداء, وبالمحصلة يغيرون مواقفهم بدرجة كبيرة تصل عند البعض إلى 180 درجة (أي تكويع كامل)!!‏

الأمثلة على ما سبق لا تعد ولا تحصى.. واعتقد أنها حديث العاملين في أغلب وزاراتنا ومؤسساتنا وشركاتنا.. ولا بأس أن أضعكم ببعض الأمثلة الواقعية..‏

فأحد الأشخاص كان يشتغل مديراً لدائرة رقابة داخلية في شركة كبيرة وكان من أكثر المنتقدين للعمل الفردي وآلية تعيين الإدارات والمسؤولين القائمين على رأس عملهم لأنهم لا يوسعون دائرة اتخاذ القرار, هذا الشخص تسلم موقعاً مهماً في مؤسسة مهمة.. وبعد فترة لاحظ زملاؤه أن ممارساته وأفعاله تختلف تماماً عن أفكاره وأقواله السابقة, فسأله أحدهم: أين أنت مما كنت تطرحه وتقترحه?‏

فأجابه: لا أحد يصل إلى موقع القرار ويتمنى أن يشارك الآخرين بقراره وشخص آخر كان مديراً فرعياً في مؤسسة كبيرة ومهمة وكان كلما التقى وزيره يشكو من مركزية مديره الرئيسي في المؤسسة ومن ظلمه, وعدم إعطاء صلاحيات للفروع بما يسهل العمل ويخدم مصلحة المؤسسة, والمتعاملين معها, ويقدم للوزير مقترحات بناءة يمكن أن تحدث نقلة نوعية في العمل فيما لو نفذها مديره المركزي..‏

في أول فرصة للوزير, أصدر قراراً عين بموجبه هذا الشخص مكان مديره السابق ظناً منه أنه سيطبق كل ما سمعه منه من أفكار ومقترحات, لكن بعد فترة تبين أن هذا الشخص يحب حصر كل شيء به, ويرفض تطبيق ما كان يطالب به مديره السابق, ويمارس ظلماً على المكاتب والفروع أكثر مما كان يمارسه سلفه بحقه وبحق غيره!! نبهه وزيره بعد أن سمع وتأكد مما يقوم به, وذكره بوصفه السابق, لكن دون جدوى.. وبعد ثمانية أشهر من تسميته ترأس الوزير اجتماعاً للمؤسسة التي يعمل بها وأمام الجميع ومنهم هذا الشخص أصدر الوزير قراراً بإعفائه وذكر لهم الأسباب بكل شفافية وتمنى أن يكون ذلك عبرة للغير!!‏

الأمر نفسه ينطبق على الكثير من المعاونين (معاون مدير - مدير عام - وزير) الذين يتسلمون مواقع مدرائهم, فبعد أن يتسلموا موقع القرار يتناسون ما كانوا يتعرضون له من تهميش وظلم.. ويبدؤون بممارسة ذلك على معاونيهم وبدرجة قد تكون أكثر حدة مما كان يمارس علىهم, وعندما يتجرأ أحد من العاملين في المؤسسة ويذكر هذا (المسؤول) بالفترة السابقة و...إلخ, يصب جام غضبه عليه مطالباً إياه بنسيان الماضي (لأننا أولاد اليوم)!‏

فيا أيها السيدات.. أيها السادة.. احرصوا كل الحرص على مصداقيتكم وعلى عدم السقوط بنظر العاملين في مؤسساتكم, وأقرنوا أقوالكم بأفعالكم ووسعوا دائرة قراركم, وكرسوا العمل المؤسساتي في قطاعاتكم, لأن ذلك هو الأفضل لكم ولبلدكم!.‏

althawra-tr@mail.sy‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية