|
ثمَّ إنَّ وإذا ما فكرنا أبعد بأعوام أخرى تأتي فإن الحاجة للاسمنت ستزداد, أولاً بالسيرورة الطبيعية للحياة, وثانياً بالحاجة التي تتوفر في المنطقة لاسيما إن توقفت الحرب في العراق, وبدأ إعمار البلد الشقيق.. الساحة تتسع لجهود الجميع فلماذا هذا الرقص على الأبواب?! ولماذا هذا البحث عن التزاوج وشهر عسل لن يطول بين العام والخاص فيما إذا تمت المشاركة على الاسمنت. الاسمنت مادة قليلة المرونة في التسويق, لأن الحاجة لها تقبل بعض التأجيل في بعض الأحيان,ولا تقبل التريث طويلاً أو الإلغاء.. هو سلعة غير مرنة.. وبالتالي الحاجة له ملحة.. ولا تستغني عنه أي فعالية بناء وتعميراً صغيرة أو كبيرة خاصة أوعامة.. فكيف إذا كان الأمر يطرح على مستوى بلد ينشد سرعة التطوير والتحديث? إلى الآن تتم صناعة الاسمنت في أربعة معامل للدولة في عدرا وحماة وحلب وطرطوس.. وقد أغلق معملان لأسباب بيئية تنتج معامل الحكومة هذه نحو ثلثي من حاجة البلد.. ومعامل الاسمنت العامة هذه رابحة رغم ظروفها.. و صناعة الاسمنت بشكل عام هي صناعة رابحة ولا يخشى من احتمالات خساراتها في المدى المنظور على الأقل.. ولا سيما إن تسنى للدولة أن تقفز بأسعارها قفزات كبيرة تتجاوز 50% كما حصل في القرار السابق منذ بضعة أشهر ولم يكن قراراًصائباً. بكل الأحوال فإن صناعة الاسمنت والامكانات التي تتيحها مشجعة بالتأكيد سواء للعام أم للخاص.. ولا أدري لماذا كل هذه الدربكة من حولها.. الخاص تأخر.. و ذهب وعاد.. وقال ولم يقل.. وفعل ولم يفعل.. وكانت النتيجة أنه حتى الآن لم يخط خطاً واحداً لتشييد معمل اسمنت للقطاع الخاص أما العام الذي في معظم صناعاته, قد اتجه إلى الصناعات التي تربح ويمكن أن يتوسع منها وبشكل خاص منها الاسمنت ليدعو للمشاركة في إدارة معاملة القائمة. لماذا كل ذلك..? لاشك أن إجراءات الدولة والروتين وكثرة الطلبات غير المطلوبة , أخرت كثيراً من مشاريع القطاع الخاص لصناعة الاسمنت.. ولاشك أن سوء التخطيط الصناعي العام أبقى معامل الاسمنت في وضع يرسم عبئاً وهمياً لولا واقع الإدارة والمشكلة كلها إدارة وأزمة إدارة.. وفي ظل أزمة الإدارة لا أرى مبرراً للاستعانة بالخاص لإدارة معامل الاسمنت الحكومية.. فالخاص لديه أزمته الإدارية أيضاً.. كل ما يستطيع أن يضيفه غالباً هو التخفيف من العمالة والتلاعب بالأسعار.. ومبدئياً لا التخفيف من العمالة مناسب لنا ولا التلاعب بالأسعار... ووحدها معامل الحكومة التي تستطيع أن تشكل العامل المثبت للأسعار. لذلك أنا أقول: لنساعد الخاص في إنشاء معامله مع ضمان مصالح البيئة والعمال والسوق.. ولنساعد العام, ليس فقط على إدارة معامله بعيداً عن أي شراكة.. بل أنا أرى أن إمكانية التوسع باستثمارات الدولة في قطاع الاسمنت قائمة.. والعالم الذي قال أنه طوى إلى غير رجعة صفحة استثمارات الدول والحكومات والقطاع العام والاشتراكية, عاد وفتح الصفحة تحت ضغط المجتمع والعمال من أميركا اللاتينية إلى فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.. بقليل من الجرأة نستطيع أن نقول: الاشتراكيون قادمون.. بكل الأحوال المسألة التي أطرحها ليست دعوة للاشتراكية. بقدر ما هي تأكيد على ماسبق وكلمة مراراً: مازال دور الحكومة واستثماراتها عندنا كبيراً جداً.. ومازالت ساحتنا تتسع لجهد الجميع.. فلنمش بخطى ثابتة ولنستغن عن العسل المأمول بشراكات الهروب من الواقع. a-abboud@scs-net.org |
|