تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في حفل تأبين الدكتورة ليلى صباغ..كانت مثلاً وقدوة إنسانياً.. علماً وتعليماً

ثقافة
الثلاثاء 16-7-2013
فاتن دعبول

ولدت في دمشق في العام 1924، وأوفدت بعد البكالوريا إلى جامعة القاهرة لدراسة التاريخ، ونالت الليسانس، وعملت بتدريس ثم أنتدبت كمفتشة أولى للتاريخ والجغرافية

وألقت العديد من المحاضرات والندوات في الإذاعة السورية، ومن ثم في الجمعيات الثقافية والعلمية، ووجدت ضالتها في في إدارة ثانوية البنات، لتغرس فيهن مشاعرالحماس وروح الاستقامة في الأعمال والمنجزات والأخلاق ليكن الجيل الواعد للوطن ..‏

وفي ذكرى وفاتها أقام مجمع اللغة العربية بدمشق حفلا تأبينياً للدكتورة الراحلة ليلى الصباغ، عضو مجمع اللغة العربية تضمن كلمات ألقاها عدد من رجال الفكر والعلم والثقافة تناولت العديد من مزايا الصباغ وعطاءاتها الثقافية..‏

( فكر اجتماعي واقتصادي .. لافت )‏

وقف د . مروان المحاسني رئيس مجمع اللغة العربية في كلمته عند فكر الدكتورة الصباغ ووصف بأنه يتسم بلمحات مجتمعية وأخرى اقتصادية إلى جانب دراساتها في الأدب العربي بين القرنين السادس والثاني عشر للهجرة، وفي الحضارة الإسلامية، كما أنها وزعت بحوثها بين شخصيات تاريخية كعبد الملك بن مروان وأحداث تاريخية هامة كثورة مسلمي غرناطة عام \1568\، وأعطت للمرأة العربية حقها تاريخياً في كتابها عن « المرأة في العصر الجاهلي « وعن المرأة المعاصرة في كتابها عن « الأدب النسائي المعاصر العربي والغربي « وفي كتابها « نساء ورجال في الأدب والسياسة وإصلاح المجتمع « ..‏

أما كتابها « منهجية البحث التاريخي « فهو على حد تعبيره الألصق باختصاصها مما كتبته في تفرعات ذلك الاختصاص، حيث أظهرت سبق ابن خلدون إلى معظم المسالك التي يسلكها المؤرخون المعاصرون أمثال «كبروديل،توينبي، جورج دوبي» و كذلك هيغل في دروس عن فلسفة التاريخ.. و أما اهتمامها بدراسة أوضاع الجاليات الأوروبية في بلاد الشام في القرنين السادس و السابع عشر، فهو التفت الى النواحي الاجتماعية و الروافد الحضارية التي ظهر تأثيرها في بلاد الشام بعد تعرضها لغزو الفرنجة، إن عمق و تنوع إنتاجها و تميزها في المستويات التدريسية المختلفة، أهلّها لتكون أول امرأة تدخل مجتمعاً علمياً عربياً.. فكانت مثالاً للتجرد في خدمة ثقافتنا العريقة و أكدت جدارة المرأة في بلادنا و قدرتها على المشاركة في بناء الشخصيات العربية الحديثة..‏

(سفر مبدع في تاريخ الوطن)‏

ويرى الدكتور خالد الحالبوني عميد كلية الآداب في الدكتورة ليلى الصباغ نموذجاً انسانياً علماً و تعليماً، حيث كانت تسعى بكل جهودها لسرد الحقائق و دفع الشبهات حفاظاً على تاريخ الأمة و حرصاً على منهجية البحث العلمي ما جعلها تتربع على عرش العلم، و هي ذات أسلوب سهل و عطاء متدفق أهلّها لتحوذ مرتبة علمية راقية و هي بعد ذلك مربية فاضلة علمت الأجيال الخلق الحسن و الالتزام و الإخلاص، لترسيخ منهج فكري متألق، فكانت امرأة لامعة تعكس صورة المرأة و ثقافتها في كل منتدى فكري .. فكانت بحق سفر مبدع في تاريخ الوطن تعليماً و تأليفاً و تربية أجيال ورفد للكلمة الصادقة الوفية للتاريخ و الوطن..‏

(معلم من معالم دمشق)‏

و في كلمة الموسوعة العربية أوضح الدكتور محمد وليد الجلاد أن العمل الذي قدمته الدكتورة ليلى الصباغ جدد مساق قسم الحضارة،و وضع التوصيف المقترح لكل بحث من بحوث مساق قسم الحضارة العربية بعد الموافقة عليه و انتقاء الباحثين و تكليفهم كتابة البحوث كما أعدت بقلمها، كثيراً من بحوث القسم، لذلك يجب أن نذكر دورها خلال الموسوعة و كتب المجمع نظراً لأهمية دورها فيه .‏

و يضيف، استطاعت د.ليلى أن تجمع بين الأدب و التاريخ بمنهجية علمية صارمة في التأريخ و التحقيق، غير عابئة بالصعوبات، و تحرص كل الحرص على مواكبة العصر غير مبتعدة عن الجذور، تركز على الهوية و اللغة و قراءة التاريخ و العبرة في خدمة المجتمع إلى جانب عنايتها بالجانب النسائي في السياسة و الأدب ..‏

في معلم من معالم دمشق، و جزء لا يتجزأ من تاريخ الشام الحديث..‏

(فكر منهجي توثيقي)‏

ومن أصدقاء الفقيدة يقف الدكتور الكاتب أحمد طربين عند أهمية منهج البحث التاريخي الذي تميزت به الفقيدة للوصول إلى الحقيقة التاريخية و إعادة بناء الماضي بكل دقائقه و زواياه، و كانت ترى أن التاريخ علم تجريبي، لأن مادته الحوادث البشرية، و هو بعد ذلك معرفة علمية دقيقة ذو منهج و طريقة في البحث و التقصي مثلها مثل مناهح العلوم الوصفية الأخرى..‏

وبينت في دراساتها وفي رد المؤرخين الغربيين بأن العرب سبق لهم أن عرفوا طرائق النقد الحديثة في التاريخ قبل أن يعرفها الغربيون بوقت طويل..‏

(وفاء و تقدير و اعتزاز)‏

أما تلميذة الفقيدة الدكتورة نجاح محمد، فعبرت عن اعتزازها و تقديرها و قد غلبتها الدموع في أكثر من لحظة، لتؤكد أن التكريم هو وعي و التزام بالقيم المعرفية العلمية و التربوية الوطنية و الانسانية، التي كرمت بهم و كرموا بها ..‏

ووقفت عند العديد من أذكارها و خصوصاً فيما يخص رؤيتها المنطقية الانسانية لدور المرأة و الرجل، و رؤيتها الشمولية و كارثة فلسطين، و التأكيد على ضرورة البحث و التمحيص و عدم الإكتفاء بالظاهر للعين .. و حول نظرتها لعلم التاريخ بأنه عطاء حضاري عربي اسلامي أصيل اسماً و أصلاً و فروعاً، و القرآن الكريم هو تاريخ العرب الكبير ..‏

(حملت العلم .. كرسالة)‏

و قد ختم المهندس عامر الصباغ في كلمة آل الفقيدة بالقول: إنها كانت تحب العمل التربوي و كرست جهدها للإدارة و التدريس و قدمت ما بوسعها لإنجاح العملية التربوية و تقديم ما بوسعها من أجل جيل مخلص كما كانت تحب طلابها و تتعامل معهم كأنهم أولادها و تحاول أن تتدخل في حل مشكلاتهم و قضاياهم الاجتماعية و المادية كما كانت تتابع دراستهم و تتعاون مع ذوي الطلاب، فكانت مثال المحبة مع الطلاب كما كانت معنا ..و قد حملت العلم كرسالة و لم تكن تخشى في الحق لومة لائم، فكانت بحق المثل و القدوة ..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية