|
دمشق الغريب فيما حدث أن تجار الأزمات كانوا جاهزين لقطف الثمار حيث عادت صور الاحتكار تفرض نفسها بقوة على أسواق دمشق التي شهدت حضورا معقولا للمنتجات المحلية المعروضة للبيع لكنها بقيت يتيمة تنتظر من يدفع سعرها أو من يملك القدرة على دفع السعر الذي أعلنه التاجر مبررا الأمر بارتفاعه من المصادر في ظل غياب مريب للجهات الرقابية وفجور حقيقي في التعامل مع صاحب الحاجة .
الصحيح أن السوريين اجتهدوا في البحث عن بدائل فركزوا اهتمامهم هذا الشهر على شراء المواد الضرورية جدا التي لا يمكن الاستغناء عنها , فهجروا الفواكه التي صار ثمن ما يحتاجه البيت منها يستهلك جانبا كبيرا من دخل قليلي الدخل , و تناسوا الحلويات التي كانت ميزة مهمة للصناع الدمشقيين الذين اشتهروا بالقطايف والبرازق وزنود الست والبقلاوة والنمورة والبللورية والمبرومة والنابلسية وغيرها حيث تطول القائمة.. كما تراجع استهلاك اللحوم بأنواعها إلى مستويات قياسية خاصة بعد تسجيل اللحوم الحمراء أسعارا قاربت 2000 ليرة للكيلو الواحد من لحم الخاروف و 1500 ليرة للكيلو من لحم العجل فحاول البعض التوجه للبقوليات كالعدس والفول لكن هذا الأخير أصابته العدوى فبعد أن كان يشكل لحوم الفقراء صار هو الآخر حلما يحتاج تناوله لتقنين شديد . هكذا أصبح تأمين البديل مشكلة خاصة بعد ارتفاع سعر لحم الفروج ومشتقاته لحدود 600 ليرة للفروج المذبوح و1100 ليرة لصدر الفروج و750 ليرة للدبوس .. وهكذا .. ومثل ما ذكرنا انضمت لحوم الأسماك إلى قوائم الكماليات أيضا حتى لدى أبناء القرى المجاورة للساحل السوري فلم يعد أمام الناس سوى الصبر والتحمل والدعاء. وكثيرا ما افترشت الأرصفة وزوايا الشوارع الرئيسية في العاصمة وغيرها مأكولات اجتهد مصنعوها وباعتها أن تكون واحدة من مميزات الشهر الكريم مثل المعروك والناعم وتماري الكعك وغيرها لدرجة أن هذه المأكولات لم تعد كعهدنا بها حيث اختفت البسطات عن أماكنها المعتادة وانخفض عدد القطع التي كانت تقدم حزمة واحدة من 5 قطع إلى 3 فقط . والسعر تحول من 25 ليرة إلى 250 ليرة يعني بسعر كيس ناعم وسط يمكن شراء ما يزيد على 16 ربطة خبز مدعوم ... عدوى جنون الأسعار وصلت إلى المشروبات مثل التمر هندي والعرقسوس والجلاب فسعر كيس الشراب تخطى عتبة 100 ليرة طبعا مع انخفاض المحتويات إلى النصف فصارت المشروبات الرمضانية التي يطلبها المواطن لإطفاء الظمأ تزيد من حاجته إليها.. على كل حال يبقى شهر رمضان شهر المبادرات الخيرة .. ويبقى بالتأكيد مساحة للمحبة والإخاء حيث شد السوريون الحزام على البطون وتساموا فوق الجراح النازفة يمدون اليد لمن يستطيع رمضان كريم وكل عام والوطن بخير. |
|