|
إدلب والثورات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد مدناً وأريافاً هي الأوابد التاريخية التي تغني التاريخ المجيد للنضال الثوري المناهض للاستعمار الذي خاضه شعبنا السوري. فقد أثبتت تلك الثورات أن شعبنا يتصف بدرجة عالية من العزة القومية وتلك هي الأمثولة التي علمنا إياها التاريخ وهي حقيقة ساطعة أثبتها تاريخ النضال الوطني لشعبنا. وإذا كنا اليوم نتناول أحداث الثورات التي أدت إلى جلاء المستعمر عن أرضنا والحصول على الاستقلال وبسط السيادة الوطنية على امتداد البلاد فإننا ننقل بكل أمانة وموضوعية الإرث النضالي الذي تركه المجاهدون في كفر تخاريم وجبل الزاوية إلى الإرث النضالي الذي يحمله اليوم بكل أمانة السيد الرئيس بشار الأسد الذي يقود اليوم «بكل اقتدار» معركة الكرامة ويعيد تاريخ سورية النضالي من خلال تمسكه بمسيرة السلام العادل والشامل الذي يعيد الحقوق إلى أصحابها كاملة غير منقوصة. واليوم ونحن نحتفل بالذكرى السابعة والستين لعيد الجلاء نعود للوراء قليلاً لقراءة الماضي انطلاقاً من أن من له ماض في النضال له مستقبل في النصر والتحرير، فقراءة تاريخنا تبعث في النفس الارتياح والشعور بالفخر والاعتزاز ففي كل مدينة وبلدة اندلعت الثورات ضد الاحتلال ومن هذه الثورات ثورة المجاهد إبراهيم هنانو والتي عرفت فيما بعد بثورة الشمال. كفر تخاريم تلك المدينة الوديعة النائمة على زند الطبيعة لم تغف عن الأحداث التي تحيط بها فقد كان سكانها في وعي دائم يشاركون في كل خطب يحيق بالوطن وقد شاركت هذه المدينة في الحركة القومية وكان لها دور كبير في الحركة الوطنية في سورية فحين دخل الجنرال غورو بيروت كانت بعض قواته في اسكندرون وذلك حسب معاهدة سايكس بيكو فقامت ثورة في كفر تخاريم اقترنت بالمجاهد إبراهيم هنانو. ونعود إلى القوات الفرنسية في اسكندرون وكما أسلفنا احتلت هذه القوات السواحل السورية هناك بقيادة الكولونيل بيابان الذي بدأ يتغلغل بقواته نحو الداخل باتجاه الجنوب قاصداً حارم وكفر تخاريم وقبل أن يتحرك أشهر المجاهدين في كل من حارم وكفر تخاريم راياتهم عالياً وصعد المجاهد إبراهيم هنانو شرفة دار الحكومة في كفر تخاريم وخاطب الناس ومما قاله (يا أهل كفر تخاريم يا أهلي إن الاستعمار الفرنسي المدجج بالسلاح يزحف نحوكم وان أعراضكم وأموالكم وبلادكم في خطر فإما إن تقاوموا وإما أن تستسلموا مثل الجبناء) فهتف الناس (إننا نموت دون ذلك) وأشهر مجاهدينا في كفر تخاريم راياتهم عالياً وأصبحت سلاحاً أمضى وأقوى من أصفاد المستعمرين وانصهرت إرادة الجماهير في قلب واحد متخطية كل الحواجز وأضحى الأمان بالنضال ضد الغزاة أسمى مهمة. ولا يفوتنا هنا الحديث عن التعاون الوثيق والاتصال الدائم بين المجاهد هنانو والمجاهد الشيخ صالح العلي قائد ثورة الساحل من أجل المضي في الكفاح والجهاد ويقال إن ثورة هنانو غنمت ذات يوم غنائم حربية وعتاداً وزاداً يفوق ماتحتاجه فتم إرسال قسم منها إلى المجاهد الكبير الشيخ صالح العلي معونة له في الجهاد ضد المستعمر ويقال ونقلاً عن أبناء المجاهدين ان هناك مراسلات خطية بين المجاهد إبراهيم هنانو والمجاهد الشيخ صالح العلي وان هناك تنسيقاً كان في الخطط الحربية التي استمرت حتى 2 تشرين الثاني من العام 1935 وهو اليوم والعام اللذان توفي فيهما المجاهد إبراهيم هنانو الذي لم ينم لحظة إلا والوطن بين جفنيه. إن الانتصارات الرائعة والإنجازات الباهرة التي تحرزها قواتنا المسلحة اليوم على صعيد مكافحة الإرهاب ترتبط كلها بالنضالات البطولية التي قام بها شعبنا كما أنها مبللة بالدم الغالي، وكل الشواهد الحضارية على عظمة إنجازات عصرنا التي تقوم في أنحاء وطننا ترمز إلى المآثر الخالدة لشعبنا الذي ناضل باذلاً كل ما لديه في سبيل الوطن ولهذا يحظى مجاهدونا بثقة عميقة وحب عظيم من كل شعبنا نظراً لجدارتهم العظيمة ومآثرهم الرائعة التي سجلوها أمام الوطن والشعب والتي ستبقى متألقة أبداً في تاريخ الوطن. |
|