|
ثقافة هل ثمة من يدفع لهذا أو ذاك مقابل الجهد الذي ينفقه صاحبه للإيقاع أو التشكيك بقامة غطت أفياءُ وجودها مساحة هجير في حياتنا! إن كان ذلك ( البني آدم ) يحتاج إلى شيء تملكه تلك القامة, فلم لا يسعى بجد وإخلاص لامتلاكه, بدل التلطي والتلصص وانتظار ما تأتي به الأفخاخ! في عملي كصحفية قابلت أشخاصاً كثراً وسمعت الكثير من الأقاويل والتوليفات عن هذه وذاك! في حضرة المنتَقد تتشكل لوحات جميلة من الابتسامات والمديح, وما يكاد يخرج من المدى المجدي للسمع حتى تدور طواحين القذف والذم التشكيك! يشتد أوار ( العداوة ) بما يتناسب مع حجم النجاح والتألق, فتتدرج شدة النيران وفقاً لرقم درجة السلم التي يعتليها فلان أو فلانة من الوسط الإعلامي أو الأدبي أو الثقافي أو الفني والأمثلة تعيي راويها لازدحامها في جعبته! في زاويتين سابقتين ( أنفاق و برتقال ) كنت أوجزت خلاصة ما تعارف الجميع على تسميته بعداوة الكار, فهل هو الحسد أم الغيرة أم الكره؟ لعلها خلطة عجيبة من كل ذلك! تساءلت أكثر من مرة: هل يدرك الحاسد أنه كذلك, هل فكر مرة بتوجيه طاقته المهدورة في سبيل آخر والاستفادة من زخمها في إعلاء بنائه الذاتي, عله يتبادل الموقع مع حاسد آخر؟ للنجاح أعداؤه, وهذا برأيي الشخصي حالة طبيعية, فقد يكونون فلفلاً يزيد من تألق ناجح أو مبدع! يثير التميز غالباً بهلوانات الأصابع والألسنة, وهذا أيضاً طبيعي وقد يكون لازماً وضرورياً بحكم طبيعة الحياة والأشياء ( إذا أراد الله نشر فضيلة قيض لها لسان حاسد) أما اللامقبول واللامعقول في نسيج الحسد أن يصل أسوار الكره والحقد ودس الألغام في مواقع الخطو المحتملة لتصيب هدفها في أعز وأنبل ما يملك محسود, وليس هدف الكاره هنا قتلاً مادياً بل معنوياً يحرص على أن تتجاوز النتائج فيه التهشيم والجراح السطحية التي قد تتعافى بابتسامة أو باعتذار مخلص. عداوة الكار التي لا تحتاج إلى إثبات تقتضي وجود طرفين غير متعادلين, وفي محاولة أحدهما لإيجاد التوازن, يخرج عن القاعدة العلمية في مكافأة طرفي المعادلة, فقد يتطلب الأمر جهداً أو ميزات لا يمتلكها فعلياً أحدهما, فيجد في تشويشها وبعثرتها منالاً أسهل وربما أسرع في خلق نتائج لصالحه. أعتقد أن عدو الكار يدرك في أعماقه نقص مواهبه وإمكاناته الذاتية, ولعله حاول غير مرة النجاح ففشل! هل يمكنني أن أشبه عداوة الكار بالتوق المقتول في أعماق مريدي النجاح الذين سقطوا في الدرب إليه؟ فأنا لا أستطيع فهم أن يكون الحقد أو الكره أصلاً في طبيعة الإنسان, قد يكون أحد مكوناته المخفية لكنه يحتاج إلى مشعل فتيل ليتقد لهيبه. في عالم الأدب والإعلام والفن وحين يصير الاسم كأي ماركة مسجلة للنجاح, تزداد شراسة العداوة, ولكن ألا يعي هذا الكاره أن تلك القامة ماضية في طريقها دون أن يفعل كرهه شيئاً سوى تلميع المصابيح التي تضيء سبيله إلى الأمام والأعلى! المهم أن يجعل الإنسان من نفسه شخصاً غير قابل لأن يستبدل, هي مقولة لأندريه جيد تؤكد لأولئك الساعين تحت ظلمة الكره بأنهم مجرد نسخ قابلة للاستبدال لأن النسخ الأصلية لا تكرر ذاتها. كلما أدرك الكاره البون الشاسع بينه وبين الشخص النموذج تكثر السهام وتزداد سميتها ولن يكون صاحبها بمنأى عن آثارها, فهو في أعماقه مسكين يشعر بالذنب «الشعور بالذنب هو ظل الأنا, تتضخم الأنا عندما يكون لديك أهداف ونماذج, وستشعر دوماً بأنك مقصر بما ان تلك النماذج مستحيلة, وهكذا تكون دوماً مقصراً فمن جهة تتعاظم الانا, ومن جهة اخرى تشعر بالذنب». عداوة الكار أمر طبيعي, فكيف لغير الطبيعي أن يحدث! والنجاح قنديل مضيء لابد أن يجذب إليه الكثير من الفراشات ( مع الاعتذار للفراشات الجميلة ) التي تقوم بواجبها بأداء طقوس الموت قبل احتراقها الأبدي, إنهم المرايا ( مع الاعتذار للمرايا أيضاً ) التي لولا انعكاس الناجحين فيها لخلت وبقيت فارغة! أعداء النجاح اختاروا طواعية أن يكونوا طبول دعاية للآخرين!! |
|