تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أفغانســـــتان.. هل حانت ســــاعة الحقيقــة؟؟

موقع gulf.news
ترجمة
الأثنين 19-10-2009م
ترجمة: حكمت فاكه

يؤكد الرئيس الأمريكي أوباما ومعه زعماء الدول الغربية القول أنه لايوجد حل عسكري مئة بالمئة للحرب الدائرة حالياً في أفغانستان منذ ثمان سنوات، والتي تكلف أمريكا أربعة مليارات دولار شهرياً إضافة إلى الخسائر البشرية والعسكرية الآخذة بالتزايد بشكل مضطرد.

ويقولون علانية إن تحقيق النصر على -طالبان- أمر غير مرجح أو هذا مايوافق عليه الجنرالات الأمريكيون والغربيون على حد سواء.‏

وإذا كان هذا التقويم صحيحاً فإن الشيء البديل سيكون نوعاً من التسوية السياسية، لكن الملاحظ في هذا الإطار أن الدول الغربية لا تريد السير في هذا الطريق والمفارقة أن ذلك يحصل بالرغم من أنه يتم النظر إلى الحرب في أفغانستان على نطاق كبير بأنها التهديد الأكثر خطورة والذي يتعين على أوباما مواجهته.‏

وبالرغم من هذا التحدي الخطر الذي قد يدمر رئاسة أوباما بكاملها فمن الملاحظ أنه بدلاً من العمل لإيجاد خطة سياسية لوضع حد لهذه الحرب المأساوية والمكلفة فإن النقاش الدائر حالياً يتمحور فقط حول الطريقة المثلى لإدارة القتال ضد المقاومة وحول أعداد القوات الإضافية المطلوبة لتعزيز الجيوش الموجودة هناك وذلك بزيادة عدد الجيش الأفغاني من 92 ألف جندي وهو العدد الحالي إلى مايقارب ربع مليون جندي خلال الأعوام القادمة.‏

وكان قائد القوات الأمريكية وقوات الناتو في أفغانستان الجنرال -ستانلي ماكرستال- قد طلب إرسال 40 ألف جندي أمريكي للانضمام إلى القوات الأمريكية في أفغانستان والتي يبلغ عددها 68 ألف جندي ، ويضغط -ماكرستال- أيضاً على حلفاء الناتو لزيادة عدد جنودهم هناك وكما يقول -ماكرستال- فإن عدد جنود القوات الدولية في أفغانستان 106 آلاف جندي يجب أن يزيد ليصل إلى 150 ألف جندي وهو رقم يقترب من عدد الجنود الذين أرسلهم الاتحاد السوفييتي إلى أفغانستان في حربه الخاسرة في ذلك البلد ضد (المجاهدين) المدعومين من باكستان والتي دامت عشرة أعوام من عام 1979 إلى عام 1989.‏

ويمكن القول: إن -ماكرستال- لايريد توسيع الحرب فالتقرير الذي رفعه إلى وزير الدفاع في 30 آب الماضي والمؤلف من 66 صفحة والذي تسربت تفاصيله إلى صحيفة الواشنطن بوست يؤكد على أن الأولوية الرئيسية لحلف - الناتو- في أفغانستان يجب أن تكون لحماية السكان الأفغان وليس قتل مقاتلي حركة طالبان.‏

ويعرف ماكرستال جيداً أنه حتى يكسب العقول والقلوب يجب عليه الاعتراف أن الأفغان لايحتاجون إلى حماية- طالبان- لهم وإنما يحتاجون إلى الحماية من الضربات الجوية التي تشنها طائرات الناتو دون طيار والتي أوقعت خسائر كبيرة في صفوف المدنيين الأفغان.‏

وكانت هذه الضربات الجوية سبباً في مشاعر الحقد والكراهية من الأفغان تجاه الأمريكيين.‏

وفي هذا الإطار من المهم جداً أن نعرف دوافع السائق الأفغاني البالغ من العمر 24 عاماً والمكلف بقيادة حافلة توصل العاملين في مطار دنفر من بيوتهم إلى مكان عملهم والذي اعتقل مؤخراً بتهمة المشاركة في مؤامرة لصنع القنابل، وقد لايكون مستغرباً بأنه كان يسعى من خلال هذا العمل إلى الانتقام للممارسات الوحشية العنيفة التي تمارس ضد شعبه.‏

والسؤال القائم : ما الذي تحتاجه التسوية السلمية؟ ستحتاج إلى مفاوضات وهدنة أو إيقاف مؤقت للأعمال الحربية وإذا ماحصل ذلك فإن الإجراء المتبع لتسوية النزاعات واتخاذ القرارات الكبرى المتعلقة بالسكان البشتون يتطلب حضور «اللويا جيرغا» للانعقاد وحل النزاع وإذا دعي هذا المجلس للانعقاد في أفغانستان لحل الصراع فيجب أن يضم أمراء حرب وزعماء المجموعات العرقية المنتشرة في جميع مناطق البلاد بما فيهم الرئيس حامد كرزاي ومنافسه في الانتخابات الأخيرة عبد الله وممثلو حركة طالبان.‏

ولايتوقف الأمر عند ممثلي أفغانستان بل يجب أن يشمل الدول المجاورة كالهند والصين والباكستان وحتى بعض دول وسط آسيا يجب أن تمثل في هذا المجلس أيضاً وفي حال انعقاد مجلس «اللويا جيرغا» فإن الدور الذي يمكن لأمريكا والناتو أن يقوما به هو : الالتزام والتعهد بسحب قواتهما عندما يتم تشكيل حكمة وحدة وطنية وتوفير التمويل اللازم لبرنامج التنمية في أفغانستان وهذا يحتاج إلى مليارات عديدة من الدولارات ولمدة سنوات قادمة.‏

لايوجد هناك بلد مجاور لأفغانستان يريد انتصار طالبان باستثناء الأجهزة الاستخبارية الباكستانية التي تقف موقفاً غامضاً تجاه طالبان، فخلال صراعهم الطويل الأمد مع الهند وجد الجنرالات الباكستانيون أنه من الضروري تدريب وتسليح المجاهدين في أفغانستان وباكستان .‏

أما في حال تحسن العلاقات الهندية - الباكستانية وتوصل البلدان إلى صفقة بخصوص كشمير يمكن اقناع الجيش الباكستاني بمحاربة هؤلاء المتطرفين من طالبان في مناطق القبائل الواسعة والواقعة على جانبي خط -ديراند- وفي الوقت نفسه يشعر قادة الجيش الباكستاني بأنهم يحتاجون المجاهدين لاستخدامهم في مواجهة الهند.‏

وعندما يتم التأكد من انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان وهذا سيحصل يوماً ما فإن أي حكومة تقوم في كابول ستكون صديقة لإسلام أباد وليس لنيودلهي .‏

وبخصوص الاستجابة لطلب الجنرال (ماكرستال) فقد تردد أوباما بإرسال المزيد من القوات إلى افغانستان وهذا يشير إلى أنه يعرف بالحدس أن هذه ليست الطريقة اللازمة للتقدم في أفغانستان، فلايوجد هناك حل عسكري لهذه الحرب وإنما يحتاج الأمر إلى خطة سياسية تأخذ في اعتبارها التنوع الداخلي في أفغانستان ومصالح البلدان المجاورة لخلق أمل بإمكانية نهاية هذه الحرب المدمرة والباهظة الثمن والتي لافائدة من ورائها ويستحيل أن تحقق أي نصر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية