|
لوفيغارو تلخص هذه العبارة مفاجأة العالم والولايات المتحدة بحصول الرئيس الأميركي الجديد على جائزة نوبل للسلام، وذلك بعد وصوله إلى الحكم بتسعة أشهر فقط. وصل الخبر واشنطن فجراً بينماكان باراك أوباما لايزال نائماً مثله مثل غيره من سكان العاصمة، فسارع الناطق باسمه ليوقظه ويخبره أنه اختير من قبل 205 أشخاص عينهم القضاة، وفاجأته ابنتاه بدخول غرفته لتؤكدا له الخبر عينه، ساكن البيت الأبيض الجديد، الذي مضى أربع سنوات على وجوده كسيناتور لـ «إيوا بدا» متواضعاً ومكرماً بهذا الخيار غير المتوقع، حيث حصل على المديح أكثر من الانتقاد. وأكد أوباما قبوله جائزة نوبل «ليس كاعتراف لإنجازاته» لكن «باعتبارها دعوة للعمل» فالتحديات التي ينبغي أن نقبلها «لايمكن أن تكون نتيجة عمل رجل واحد ولانتيجة عمل أمة واحدة» هذا ماعلق به وهو يظهر اهتمامه بمشاركة هذه الجائزة، جميع الذين التزموا في خدمة السلام ونزع التسلح النووي وتسخين المناخ والدفاع عن الحريات . وبدت حاشيته متفاجئة أيضاً بهذا الخبر ما حث المعلقين الأميركيين للإسراع بتحليل الحدث وقد أظهر مستشاره ديفيد إيكسلرود تفاجؤه أيضاً وسيتم تقليده ميدالية السلام في أوسلو في 10 كانون الأول المقبل بالإضافة إلى مبلغ بحدود المليون يورو. وبهذا يلحق أوباما في هذا التكريم بشخصيات مختلفة مثل مارتن لوثر كينغ المدافع عن الحقوق المدنية والكاتب إيلي ويزيل. كذلك في بداية القرن العشرين حصل الرئيس تيودور روزفلت على الجائزة لتوسطه في إيقاف الحرب الروسية-اليابانية بين عامي 1904-1905. وكذلك تم تكريم وودرو ويلسون، كما كرم الرئيس جيمي كارتر بصدد اتفاق كامب ديفيد، لكنهم قلة الرؤساء الذين كوفئوا أثناء وجودهم على رأس عملهم. قاضي أوسلو أكد أن الرئيس الأميركي حصل على تصويت واسع «لجهوده الكبيرة في تقوية الديبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب». و«من النادرجداً أن يحصل شخص- كماحدث مع أوباما- على انتباه العالم أجمع ويمنح شعبه الأمل بعالم أفضل» هذا ماأكدته الجماعة النرويجية، فالأسلوب الذي اتبعه الرئيس الجديد لأميركا كالاعتراف بأخطاء دولته ومد يده لخصومه فاق خيال الشعوب وقضاة أوسلو، هؤلاء القضاة الذين «أدانوا رئاسة بوش وكرموا رئاسة أوباما» فكان تكريمهم هذا بمثابة «الصفعة على الوجه» وهذا على حد تعبير افتتاحية راديو (شعبي وطني) فمنذ وصول أوباما البيت الأبيض كرس كل قواه لمباحثات السلام بين إسرائيل والعرب على نقيض الإدارة السابقة التي انحازت إلى الجانب الإسرائيلي في هذا الملف، كما كان لخطاب أوباما المشهور في القاهرة- الذي دعا لإيقاف: «دائرة عدم الثقة والشقاق» بين العالم الإسلامي والغرب من أجل عزل مشايعي التطرف والتعصب- وطأة ثقيلة على قرار جماعة نوبل التي تشيد بعودة الولايات المتحدة إلى الديبلوماسية المبنية على تعددية القطب والحوار كما أظهر القضاة «أهمية خاصة» لموقف الرئيس الأميركي إزاء نزع التسلح النووي ومحاربة تسخين الكوكب. يقول المحارب القديم من أجل السلام ديسموند توتو من جنوب إفريقيا عن أوباما: (إنه مانديلا الشاب حامل آمال العالم) ووصف قراره بالمفاجئ لكنه مدهش ،والكثيرون مثل جاري ساباتو من جامعة فيرجينيا حكموا على قرار جماعة نوبل بأنه «مدهش، لكنه سابق لأوانه» مالم نقل أن خطر بالنسبة للرئيس، لأنه بحال تكلم ذلك الأخير كثيراً، لكن لم يسعه بعد الوقت لإنجاز ماتحدث به فماذا يحدث؟! فجهوده في الشرق الأوسط لم تثمر بعد.. ويرى البعض أن أوباما المُصالح الأكبر ساير أغلب الأنظمة إلا أنه لم يحصل على شيء ملموس بعد، كما أنه لايزال يعاني بخصوص إغلاق سجن غوانتنامو المقرر في كانون الثاني المقبل.. والأجواء تزداد توتراً حوله، مالم نقل إنها تعاكسه وتعصف على سيادته داخل البلاد، إذ بدأت تظهر الكثير من الشكوك في الولايات المتحدة حول قدرته الشروع بالتغييرات الكبيرة التي وعد بها، وعلّق سياسي على محطة الـ (سي. إن. إن) مؤخراً بالقول إن هذه الجائزة لن تساعده بإيجاد فرص عمل وتحسين الإصلاحات في المجال الصحي». ويرى البعض أن هذه المكافآة الرائعة، التي تقر بالصعود المذهل لهذا الرئيس الشاب ذي الـ 48 عاماً قد تؤثر على رئاسته، وقد تبدو مربكة، ويشير أحد الديبلوماسيين بقوله: (يحتمل أن الأميركيين استنتجوا أن أوباما عمل جهده للحصول على أصدقاء في العالم، لكن لم يعمل الكثير من أجل مصالح الأميركيين»، وقد أكد على هذا الانتقاد العديد من الجمهوريين في كل مرة كان يزور فيها إحدى الدول. رمزياً وسياسياً لهذه الجائزة وقع سيسيء أيضاً ،إذ هناك المؤيد وكذلك المعارض، وما يزيد موقف المعارضين حدة زيادة عدد الوحدات العسكرية الأميركية في أفغانستان حيث باتت الجيوش الغربية أكثر تهديداً بالقصف. ورغم تعلق الرئيس الأميركي بالسلام لكنه أكد لجنرالاته أن الخروج من الصراع الأفغاني والعراقي ليس بتلك السهولة. هذا ويخشى أن تُكال فيما بعد تصرفاته على مقياس الجائزة التي سيستلمها وهو يحاول التأكيد على أن شدة فرحه بجائزة نوبل لايمكنها أن تحدث اضطراباً. ويضيف أوباما بقوله: «علينا أن نواجهه العالم كما هو». هذا هو الإنسان الذي يريد أن يكون مثالياً وواقعياً. |
|