تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الجائزة

أبجد هوز
الاثنين 19-10-2009
معتصم دالاتي

بعد أن صحا ألفرد نوبل من نومه حلق نصف ذقنه العلوي لأنه كان يرخي نصفها السفلي على شكل سكسوكة، ثم تناول طعام الافطار ،

بعدما جلس على كرسيه المريح لتناول القهوة وقراءة صحف الصباح، لعل فنجان القهوة كاد يقع من يده إذ صعقه خبر وفاته المنشور في الجريدة، وقد يكون قد احتار في أن يتصل بالجريدة أويذهب بشحمه ولحمه إلى مكتب رئيس التحرير ويعمل فتلة بين الموظفين ليدحض خبر الوفاة العاري عن الصحة، لكنه بعد أن أنهى حالة الصفن عاد إلى الجريدة ليتابع قراءة الخبر الذي ربما يكون مزحة غليظة .‏

وهنا قرأ ماجعل الدم يفور في عروقه ويضرب إلى رأسه، فبدل أن يقرأ كلمات الرثاء لكونه عالماً مشهوراً وصاحب مصانع ضخمة كانت عبارات الهجوم تنصب عليه وتكيل له أقسى أنواع المذمة لأنه وضع عبقريته العلمية في اكتشاف الديناميت الذي يمكن استخدامه في التفجيرات وزهق أرواح البشر، ولأنه كان ميسور الحال فلعل الفكرة راودته في أن ينسف الجريدة من أساسها بالديناميت الذي اكتشفه وهو يعرف أن المال الذي يملكه يحميه من المساءلة .‏

غير أن الفكرة هذه إذا كانت قد خطرت بباله استبعدها حين عاد إلى رشده وبدأ يبحث عن أفكار أكثر جدوى وإنسانية ، ولعله تخلى عن وقاره المعروف وبدأ يرقص فرحاً حين واتته الفكرة التي تجعله يدخل التاريخ بعد موته ، ليس كمكتشف للمادة المدمرة بل كمحرض للمبدعين على توظيف إبداعاتهم بما يخدم البشرية ، فكان أن رتب الأمور على توظيف عائدات ثروته الضخمة لجائزة تعطى لمن يقدم مايخدم البشرية في مجال العلوم والفنون والآداب وهكذا كانت جائزة نوبل للسلام ، وهي أعلى وأهم جائزة في العالم.‏

من الجائز أن هذه الجائزة كانت في بعض الأحايين تمنح لاعتبارات سياسية بعيدة عن أهداف صاحبها ، غير أنها في الغالب تذهب لمستحقيها الحقيقيين ، ولعل نصيب المبدعين العرب منها كان ضئيلاً، وإن بعضهم يلهث وراءها ، وإن بعض البعض مستعد لتغيير جلده كرمى لهذه الجائزة لأنهم يعتقدون أنها مسيّسة، ونحن لانملك سوى الندب والبكاء على الأطلال وغير الأطلال.‏

يخطر ببالي الثروات الهائلة التي يملكها الأفراد أو بعض الحكام من العرب ، وهؤلاء سيغادرون الحياة بعد عمر طويل أو قصير دون أن يأخذوا معهم أي شيء .‏

ترى ألم يخطر ببال واحد من هؤلاء ماخطر ببال المرحوم نوبل وإحداث جائزة أكبر من جائزته ويصرفون عليها من الدعاية ،مايجعلها تتقدم على جائزة نوبل، ما يجعل الآخرين يلهثون وراءنا بدل أن نلهث وراءهم؟ قد يقول البعض إن اميركا والغرب واسرائيل لايسمحون «بهيك» مشروع.ترى ألا يستطيع الواحد منهم أن يقول: هذا مالي وأنا حر فيه .. أم أن معظمنا لايجيد سوى البهورة والحكي الفاضي وطق الحنك وضرب المراجل والعنتريات؟!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية