|
مجتمع ويمسح الأحذية وزجاج السيارات ويبيع المحارم والدخان في القر والحر ويشتغل في ظروف غير صحية، وهذا بحد ذاته إساءة كبيرة للأطفال وخسارة اجتماعية محزنة بادية للعيان، الأمر الذي يتطلب المزيد من المراقبة والاهتمام بالدور القانوني والقضائي والتعرف على النصوص القانونية التي تحمي الضحية في القانون السوري وضرورة وجود أنظمة حماية فعالة لضحايا العنف الأسري، هذا النوع من العنف الذي لا زال بالنسبة للقانون والقضاء ذا مفهوم غامض ولم يعرف المشرع السوري العنف الأسري وقصرت النصوص القانونية على موضوع العنف الجنسي فقط دون سواه من أشكال العنف كما أن العنف المعنوي غير معترف به في المجتمع. كيف يحمي القانون السوري الضحية؟ د. كندة شماط كلية الحقوق، جامعة دمشق، أجابت عن هذا السؤال من خلال بحث قدمته للمدرسة الصيفية لعام 2009 قائلة: إن العنف هو مرض ومرض معدٍ ولذلك لا بد من الوقاية والاهتمام بالدور القانوني وآليات حماية الضحية إزاء هذه الحالة وضرورة التعرف على النصوص القانونية التي تحمي الضحية في القانون السوري، جاء في نص المادة /1492/ إذا جامع قاصراً متماً الخامسة عشرة وغير متم الثامنة عشرة من عمره أحد أصوله شرعياً كان، أو كان غير شرعي أو أحد أصهاره لجهة الأصول وكل شخص مارس عليه سلطة شرعية أو فعلية أو أحد أولئك الأشخاص عوقب بالأشغال الشاقة تسع سنوات. وهناك مواد قانونية عالجت قضايا العنف ضد الأطفال وبكافة صوره هي: 1- الجرائم المتعلقة بالولد وبنوته: حيث تعاقب المادة /478/ كل من خطف أو خبأ ولداً دون السابعة أو أبدل ولداً بآخر أو نسب إلى امرأة ولد لم تلده بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات. كما عاقبت المادة 479 كل من أودع ولد مأوى اللقطاء وكتم هويته حال كونه مقيداً في سجلات النفوس ولداً شرعياً أو غير شرعي معترف به بالحبس من شهرين إلى سنتين. 2- التعدي على حراسة القاصر عاقبت المادتان/481/و/482/ كل من خطف قاصراً دون 18 من عمره ولو برضاه، بغية نزعه من سلطة وليه بالحبس وبالغرامة، وتشدد العقوبة إذا لم يكن القاصر قد أتم سن /12/ 3- تسيب الولد أوالعاجز بالمقابل فإن المادة 484 تعاقب على حالات تسيب الولد أو العاجز بحيث يعاقب الفاعل بالحبس من ثلاثة أشهر إلى السنة إذا كان الولد دون السابعة من عمره أو كان عاجزاً/ جسدياً أو نفسياً/ وقد شددت العقوبة في الحالة التي يكون فيها الفاعل أحد أصول المجني عليه، أو من له عليه حق الوصاية أو المعالجة أو التربية. 4- إهمال واجبات الأسرة اعتبر إهمال واجبات الأسرة من الجرائم التي يعاقب عليها القانون، حيث تنص المادة /487/ على معاقبة الأب والأم اللذين يتركان في حالة احتياج، ولدهما الشرعي أو غير الشرعي أو الولد بالتبني، بالحبس ثلاثة أشهر وغرامة لا تتجاوز 100ل.س أما بالنسبة للعنف الجنسي ضد الأطفال فقد شددت المادة/492/ العقوبة في الحالة التي يكون فيها الفاعل أحد الأصول أو الأصهار أو من له سلطة شرعية أو فعلية على الطفل، كما وتعاقب المادة /46/ كل من الأشخاص الموصوفين في المادة /492/ بالأشغال الشاقة بما لا يزيد عن عشر سنوات في الحالة التي يرتكب أحدهم بقاصر بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة من عمره فعلاً منافياً للحشمة أو يحمله على ارتكابه، كما وأن المشرع السوري قد شدد عقوبة الاغتصاب والسفاح والفحشاء في المادة/497/ بالمقابل فإن المشرع قد عاقب على جرائم الحض على الفجور والتعرض للأخلاق والآداب العامة في الحالة التي يكون فيها الفاعل هو أحد المكلفين برعاية الصغير/515/ وعن إشكاليات حماية الضحية في القانون السوري تابعت د. كندة قائلة: أهمها غياب ثقافة الوعي بحقوق الطفل بين فئة الأطفال والشباب وعدم وجود مراكز استشارية لتقديم المساعدة للنساء ضحايا العنف الأسري، تشمل على الخط الساخن يضاف إلى ذلك عدم وجود قانون حماية من العنف الأسري مستقل عن القواعد العامة، وحصر سلطة التبليغ بالأقارب، مما يترتب عليه عدم قدرة أي جهة تعلم بحالة عنف أسري على التبليغ. وبناءً على هذه الإشكاليات اقترحت د. كندة إيجاد آليات حماية فعالة للضحية- الخط الساخن، وحدة حماية الأسرة والإسراع بإصدار قانون الطفل ووجود مراكز متخصصة لتقديم الدعم النفسي للضحية وبتحديد أدق تنفيذ بنود الخطة الوطنية لحماية الطفل التي وضعتها الهيئة السورية لشؤون الأسرة. تجنيب الأطفال أي مشاركة في العنف وبرأي د. محمد حبش أن العنف الذي يتوجه على الأسرة يتآتى من موردين اثنين: الأول قوانين تجيز العنف ضد الأطفال بغية إرغامهم بالموقف الديني لآبائهم. الثاني: قوانين تجيز للوالدين الاستهتار باستقرار الأسرة وتماسكها تحت عناوين الحرية وحقوق الإنسان. وعن حقوق الطفولة في الشريعة أكد د. محمد أن الشريعة الإسلامية جاءت باحترام حقوق الطفولة ورعايتها ومراقبتها واعتبر القرآن الكريم المال والبنون زينة الحياة الدنيا، وفي القرآن الكريم سورة خاصة نطلق عليها سورة الطفولة وسورة التربية وسورة الحكمة وهي سورة لقمان وتمضي الآيات الكريمة في شرح الوصايا التي يحتاجها الطفل في حياته ويختتم في احترام واضح لإرادة الطفل وحريته. وأضاف د، محمد قائلاً: أن الإسلام يؤيد كل مسعى نبيل يهدف إلى منح الطفل حقوقه الفطرية واستقراره النفسي وحقه في أن ينشأ في حياة مستقرة طبيعية من مختلف الوجوه وتأسيساً على ذلك يمكن فهم حكمة الحدود الصارمة التي شرعها الإسلام في حق من يسيء إلى استقرار الأسرة وحقوق الطفل ومن ذلك موقف الإسلام الواضح في معاقبة الزنى والمثليين وتقرير الحدود الصارمة في شأن الزنى والقذف والإجهاض، وذلك للحيلولة دون أي شكل من أشكال العبث بالأسرة والتفريط بحقوق الطفل في النشأة في ظلال الأبوين بالاستقرار وقرة عين، وأي سعي في سبيل رفع العنف الأسري عن الأطفال والنساء فهو مطلب إسلامي صحيح، ومن واجب الدولة توفير بيئة آمنة للأطفال تجنبهم النزاعات المسلحة. وللأسف يشهد الأطفال يومياً سجالات من الاتهام والتحقير والكيد المتبادل الذي لابد للأطفال ولكنه ينعكس بأسوأ الاثار على الحياة الأسرية المستقرة والهادئة، وفرض هذا النمط من الحياة على الأطفال هو لون من العنف والقهر الذي ينبغي أن نطارده ونقاومه وأن تسن التشريعات لمقاومة هذا الاستهتار، وباختصار فإن الشريعة الإسلامية وقفت موقفاً واضحاً من حماية الأسرة وعاقبت بصرامة كل اعتداء على استقرار الأسرة أو عبث بقيمها الاجتماعية والعائلية كما إن تربية الأطفال على ثقافة التسامح والأعذاز ستسهم بكل تأكيد في تأمين البيئة الوارفة لهم لحمايتهم من الانخراط في العنف والفوضى التي تسيء إلى طفولتهم وكرامتهم وحقوقهم. أخيراً لا أزعم أن الشرق يعيش حالة عفاف تامة فالمسائل هنا نسبية ولكن لا مقارنة بما يجري هنا في الأقبية والظلام وغفلة الرقابة وبنسب محدودة ينظر إليها عادة بازدراء وريبة وسقوط مع ما يجري هناك/ في الغرب/ في وضح النهار وبوسائل قانونية معتبرة، وأسواق مشهورة لهذه الأغراض. |
|