تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أوباما في إفريقيا .. بحثاً عن المصالح الأميركية

عن موقع WSWS.ORG
ترجمة
الأربعاء 10-7-2013
ترجمة: حسن حسن

التقى الرئيس الأميركي باراك أوباما الرئيس السنغالي ماكي سال، و كذلك قضاة ومحامي المحكمة العليا في البلاد في بداية جولته في إفريقيا استمرت أسبوعاً، و التي شملت ثلاث دول أفريقية

لدعم المصالح الاستراتيجية والمالية للولايات المتحدة في هذه القارة. و أحد الأهداف الأساسية لهذه الجولة لمزاحمة الصين فيما يمكن اختصاره الهجمة الجديدة على الأسواق و مصادر الطاقة و المعادن الأساسية في القارة الإفريقية.‏

تعتبر هذه الجولة هي الأولى التي يطأ فيها أوباما الأرض الإفريقية منذ توقفه لمدة 24 ساعة في غانا، في أثناء عودته من مؤتمر القمة في أوروبا قبل أربع سنوات. و قد صرح الرئيس الجديد آنذاك « الدم الإفريقي يجري في عروقي «.‏

وهذا الخطاب المنمق أوضح أهمية هذه القارة بالنسبة للإمبريالية الأميركية في عهد الرئيس أوباما، من الظهور بمظهر جديد أمام العالم، مع مواصلة سياسة النهب والإجرام نفسها والتي أدت إلى إثارة الغضب والعداء الدولي في عهد سلفه جورج دبليو بوش. لكن واقع الأمر، كشفته تقارير قادمة من إفريقيا تقول إن الرئيس أوباما يريد استخدام تاريخه العائلي ليزعم أن قرابة خاصة تربطه بهذه القارة ، و في الحقيقة، تراجعت المعونة الأميركية في عهد أوباما من 8,24 مليار دولار في عهد الرئيس السابق بوش إلى أقل من 7 مليار دولار حالياً.‏

كما أن إدارته متورطة بعمق في الإجرام الدولي عبر الاغتيالات بواسطة طائرات بلا طيار والتجسس الجماعي من خلال وكالة (ناسا) للفضاء على الشعب الأميركي والعالم كله، وكذلك مطاردة إدوارد سنودن لكشفه هذه الجريمة. هذه القضايا و غيرها سبقت أوباما إلى إفريقيا، ما جعل أحد الأهداف المعلنة من زيارته، وهو نشر « الديمقراطية « تبدو عبثية و منافقة.‏

الرئيس أوباما اقتدى في جولته بما قام به الرئيس الصيني الجديد جيان بينغ منذ ثلاثة أشهر، حيث زار بلدين سيذهب إليهما الرئيس أوباما بعد السنغال، وهما: جنوب إفريقيا وتنزانيا. ففي جولته الخارجية الأولى بعد تولي جيان بينغ مهام منصبه زار أيضاً جمهورية الكونغو. وخلال جولته عرض على الدول الإفريقية قرضاً مقداره 20 مليار دولار، و أبرم عقوداً من الطراز الأول، و لا سيَّما بناء مرفأ بقيمة 10 مليار دولار في باغامويو في تنزانيا.‏

و قد تفوقت الصين على الولايات المتحدة في ميداني التجارة والاستثمار في إفريقيا. و هي تعتبر الشريك التجاري الأول لإفريقيا، و قد تضاعفت التجارة في الاتجاهين في غضون السنوات الخمس الأخيرة لتصل إلى 200 مليار دولار، أي ضعف قيمة التبادل بين الولايات المتحدة والقارة. و تتركز معظم الاستثمارات الصينية في مجال المناجم و البنى التحتية بهدف تسهيل عملية استخراج المواد الأولية و إرسالها إلى الصين.‏

إسطوانة « الديمقراطية « التي ما انفكت واشنطن ترددها على الدوام، ترمي إلى إجبار الحكومات الإفريقية على إجراء إصلاحات ليبرالية، كالخصخصة و إلغاء المساعدات المالية و الرقابة الجمركية على المستوردات التي يحتاجها الرأسمال العابر للقارات. و يهدف أيضاً إلى الحد من تأثير الصين باتهام بكين أنها لا تبدي اهتماماً بـ « الديمقراطية « و» حقوق الإنسان «. على افتراض أنها النقيض لواشنطن.‏

لكن هذا النوع من التصريحات لم يلقَ صدى في إفريقيا. و في عشية زيارة الرئيس أوباما. سألت صحيفة فورين أفيرز الأميركية القريبة من أوساط السياسة الخارجية، الرئيس السنغالي ماكي سال، ما إذا كان للاستثمارات القادمة من الصين تأثيرها « السلبي على مستقبل الديمقراطية الإفريقية «. فأجاب سال: حسناً، لا أرى لماذا تنامي الاستثمارات الصينية أنه سيشكل خطراً على الديمقراطية. فالتعاون مع الصين مباشر و سريع أكثر من التعاون مع الدول الغربية، الولايات المتحدة، والدول الأوروبية والدول الأخرى المانحة للقروض «.‏

و فيما يخص الأجندة « الديمقراطية « لواشنطن، فإن خط سير أوباما يدحض تأكيدات حكومته. و قد لوحظ أيضاً أن الرئيس الأميركي لم يضع في جدول أعماله زيارة حلفائه الأكثر قرباً من واشنطن مثل : إثيوبيا، نيجيريا، أوغندا، كينيا.‏

فالبلد الأول الذي جهز جيشه ليكون قوة تدخل في الصومال، تفوح منه روائح القمع الداخلي، و في الثاني دعمت الولايات المتحدة حملة ضد تمرد الحركة الإسلامية المسلحة بوكو حرام في شمال شرق نيجيريا، و التي شهدت مجازر، و إعدامات جماعية و عمليات خطف، و أوغندا التي تزود هي الأخرى قوات التدخل في الحرب الصومالية، قمعت و بشدة المعارضة السياسية، و أغلقت الصحف لانتقادها الحكومة،و شنت حملة عارمة ضد مثليي الجنس. و كينيا وطن أوباما الأصلي، و باعتباره حليفاً مقرباً، يقوده رئيس و نائب رئيس مطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية، و بسبب قيادتهم لعمليات العنف التي أودت بحياة أكثر من 1000 بعد الانتخابات التي جرت بين 2007- 2008. ها هم شركاء « الديمقراطية « للإمبريالية الأميركية.‏

الإمبريالية الأميركية اعتمدت دائماً على ما تبقى لديها من تفوقها العسكري، و ما بقي لديها للحد من النفوذ المتنامي للصين في إفريقيا، هو حرب الولايات المتحدة و الأطلسي في ليبيا الذي ساهم في حرمان الصين من الاستثمارات التي كانت تقدر بمليارات الدولارات و أجبرها على إجلاء الالاف من مواطنيها. لكن و بعد عامين، قدمت الشركات النفطية الصينية ( سينوبيك ) و( بتروشاينا) بعروض مغرية للحصول على امتيازات نفطية في ليبيا.‏

هذه الزيارة قوبلت بعاصفة من الاحتجاجات ضد سياسات حكومته، وإذا كانت حكومة المؤتمر الوطني الإفريقي بقيادة جاكوب زوما قد أشادت بهذه الزيارة واعتبرتها نعمة من السماء حلت على اقتصاد جنوب إفريقيا، إلاَّ أن الشريكين الآخرين في السلطة الاتحاد النقابي ( كوساتو ) و الحزب الشيوعي في جنوب إفريقيا، شاركا في احتجاجات بعنوان ( لا لأوباما ) في بريتوريا في 28 حزيران الماضي ، يوم وصول الرئيس الأميركي أوباما. وقد طالب الحزبان بتوقيف أوباما بتهمة ارتكاب جرائم حرب ، كذلك تقدمت نقابة المحامين المسلمين في جنوب إفريقيا بطلب إلى المحكمة العليا في بريتوريا لتوقيف أوباما، إلاَّ أن الطلب قوبل بالرفض.‏

جمعية حماية الدستور تقدمت بإفادة كتابية مشفوعة بيمين تتهم الرئيس الأميركي بـ « ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية «. وقد قال أحد أعضاء هذه الجمعية إن أوباما مسؤول عن قتل آلاف الناس من بينهم نساء وأطفال في باكستان و سورية و بلدان أخرى « لم تكن تشكل أي تهديد على الولايات المتحدة «. وتتهم هذه الوثيقة أوباما أيضاً بعمليات التصفية الجسدية بواسطة طائرات بلا طيار لأناس يعتبرون خصوماً للحكومة الأميركية.‏

 بقلم: بيل ﭬان أوكن‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية