تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نهاية شهر العسل الروسي - الأميركي

عن موقع : Voltairenet
ترجمة
الأربعاء 10-7-2013
ترجمة: دلال ابراهيم

في عز عنفوانها كانت واشنطن تقترح إعادة ضبط مسار العلاقات المضطربة التي تربطها مع موسكو . هذا كان في العصر الذي كانت تحكم فيه العالم . والآن تقف في وجهها روسيا وتعيد التوازن لعلاقاتها الدولية في التحول نحو الصين.

في ظل استمرار تدهور العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة حيث يبدو أن خطوات هذا التدهور قد تسارعت خلال الأسابيع القليلة الماضية . وبالطبع هناك بينهما قبل كل شيء الأزمة في سورية والتي يبدو أنها تحولت تدريجياً إلى حرب غير مباشرة روسية - أميركية .‏

وواقع الأمر أن وهم ( التفاهم الجديد ) الروسي - الأميركي لم يصمد طويلاً . حيث تميزت قمة الدول الثماني بالفجوة السورية التي فصلت بوضوح بين روسيا وباقي القوى الكبرى في المجموعة وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا . وخلال المؤتمر قال الرئيس فلاديمير بوتين بوضوح « إن الذي انخرط في القتال ضد الرئيس بشار الأسد ليس الشعب السوري وإنما عصابات مدربة ومسلحة جيداً ومنهم غرباء جندتهم منظمات إرهابية » .‏

وبما أنه لم يعد يفصل أوروبا عن قطر الآن سوى خطوة واحدة فإنه ليس مستغرباً أن يقرر ( أصدقاء سورية ) دعم المعارضة السورية بفعالية أكبر عبر اختيار الحل الذي يبدو أنه سيكون أكثر فأكثر عسكرياً . وللمفارقة فإن جون كيري هو الذي أطلق أقصى التصريحات التي سبق ورددها تجاه روسيا من خلال اتهامها بأنها السبب الرئيسي لاستمرار الأزمة في سورية . ولا شك أن تلك التصريحات كانت ترجمتها على الأرض في قطع شهر العسل الروسي - الأميركي لبعض الوقت .‏

وفي ختام اجتماعهم في الدوحة أصدر « أصدقاء سورية » وثيقتهم التي قرروا فيها أن توريد السلاح إلى المعارضة المسلحة أصبح حراً و يعتمد على إرادة كل دولة على حدة . وتواجه الآن روسيا الساعية إلى عقد مؤتمر ( جنيف2 ) من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة السورية تحالفاً يجمع الدول الغربية وتركيا ومشيخات الخليج. وتعتبر مسألتا بقاء الحكومة السورية الحالية في السلطة ومشاركة إيران ( مع رئيسها الجديد الإصلاحي ) في المؤتمر هي النقاط العالقة بين روسيا والتحالف الغربي - الخليجي المتشكل حول هذا الموضوع .‏

وضمن هذا السياق دعت روسيا الولايات المتحدة إلى توضيح موقفها ، أي الخيار بين الحل السياسي وعقد مؤتمر جنيف وبين حل تقديم الدعم العسكري إلى « معارضة » قررت بأي ثمن كان الاستمرار في الحرب للإطاحة بالنظام القائم .‏

ولا يقتصر التوتر الدبلوماسي بين الدولتين على سورية فحسب . فقد هددت الولايات المتحدة وبكل بساطة روسيا والصين « بعواقب » علاقتهما الثنائية على خلفية الدعم المقدم من البلدين إلى إدوارد سنودن العميل السابق لوكالة الاستخبارات الأميركية السي أي أيه الذي كشف فضيحة نظام بريزم التجسسي . حيث اتهمت الولايات المتحدة إدوارد سنودن بنقل معلومات بصورة غير مشروعة تمس الأمن القومي وكذلك نقل متعمد لمعلومات سرية . وقد غادر سنودن هونغ كونغ حيث يقيم متوجهاً إلى موسكو ومنها من المقرر أن يسافر إلى جهة مجهولة.‏

وللغرابة أن تلك التهديدات الأميركية جاءت في الوقت الذي وقّعت فيه روسيا والصين على اتفاق نفطي ضخم تصل قيمته إلى 270 مليار دولار على مدى 25 عاماً . ووقّع على العقد كل من شركة CNPC وشركة روزنيفت التي يديرها أحد المقربين من فلاديمير بوتين . وبالتالي فإن شركة روزنيفت أصبحت تعتبر سيدة الجانب النفطي في التعاون النفطي بين روسيا والصين .‏

هذا ويعتبر هذا التعاون بين الصين وروسيا أحد العناصر ضمن سياسة تسعى لتكون أكثر توسعاً في تنوع توريد الطاقة الروسية من خلال اللعب بشكل خاص وأساسي في الورقة الآسيوية بغية تحقيق التوازن في اعتماد روسيا الحالي على أوروبا التي تمر في أزمة .‏

وتعتبر تلك الشراكة النفطية الموقعة مع الصين - في وقت كانت المباحثات الروسية - الصينية حول التعاون في مجال الطاقة متوقفة منذ زمن بعيد - مؤشراّ آخر عن عزم روسيا فتح « نافذة على آسيا « في محاكاة واضحة « للنافذة على أوروبا » التاريخية التي فتحتها في القرن الثامن عشر وقد رمز إليها بناء مهيب لمدينة البندقة في الشمال وهي مدينة سان بطرسبورغ .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية