تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خطة ترامب «الحمقاء» لنهب النفط السوري.. وعصابة المارينز!

The American Conservativeبقلم: دوغ باندو
دراسات
الأربعاء13-11-2019
ترجمة: ليندا سكوتي

لقد كان الرئيس دونالد ترامب على صواب عندما أعلن عن سحب طاقم الجيش الأميركي من سورية ورغم استجابته الجزئية للدعوات الموجهة

إليه بالإبقاء على وجود قوات أميركية هناك بغية حماية الأكراد من أردوغان إلا أن ما يدور في فكر ترامب أن الانخراط المباشر في حروب دول أخرى يعرض حياة الأميركيين وأمنهم للخطر،‏

لكنه ما لبث أن عاد عما سبق وأن أعلنه وذلك باتخاذه قراراً بنشر قوات أميركية لسلب النفط السوري، إذ أعرب عن نية واشنطن باستمرار البقاء في منطقة التنف الواقعة جنوب سورية لحراسة حقول النفط التي يسيطر الأكراد عليها.‏

وفي الواقع، فإن عدد قوات البنتاغون المتوقع الإبقاء عليها يقدّر بحوالي 700 جندي إذ يماثل هذا العدد القوات المنسحبة من الشمال، وبعبارة أخرى، فإن قطعات من القوات الأميركية ستغادر بينما تنتشر أخرى للاستحواذ على مصادر سورية، كما أشار الرئيس إلى أن الولايات المتحدة ستعمد إلى «الاحتفاظ بحقول النفط»، وفي هذا السياق، قال وزير الدفاع مارك سبنسر بأن واشنطن ستعمد إلى «تقليص وجودها في سورية والحيلولة دون وصول داعش إلى موارد النفط» منكراً أي فكرة تتعلق بمُصادرة النفط، علماً أنه يتعذّر على داعش في الوقت الراهن سرقة النفط، ونقله، وبيعه.‏

من الواضح أن الرئيس الأميركي يؤدي الدور الذي يرغبه المحافظون والمتشددون الذين يطمحون إلى الاستيلاء على مصادر النفط التي تملكها الحكومة السورية بغية إضعافها، لكن اللافت في الأمر أن ذلك سيفضي إلى زج أميركا في مزيد من الحروب واتباع هذا المسار أمر أكثر من شائن لما يكتنفه من حماقة وما ينطوي عليه من نتائج عكسية كونه سيفضي من حيث النتيجة إلى تقويض المصداقية الأميركية بالإضافة إلى توريط الولايات المتحدة بحرب لا طائل منها.‏

لا ريب أن الدوافع الخفية للعدوان العسكري باتت لا تخفى على أحد، ومع ذلك، نادراً ما تقرّ الحكومات بأن كل ما تتخذه من إجراءات يصب في خانة مصالحها القومية، ولاشك بأن للشرق الأوسط خصوصية بالنسبة لبعض الصقور الأميركيين، فطالما تلبّي الدول العربية الغنية بالنفط مطالبهم فليس ثمة ضرورة لاتخاذ أي إجراء عسكري في الوقت الراهن، بيد أنه عقب الارتفاع في أسعار النفط الذي قادته دول منظمة أوبك والحصار العربي على دول غربية متعددة في حرب تشرين الأول عام 1973 تعززت لدى الغرب منذ ذلك التاريخ فكرة سلب النفط من الدول المنتجة له.‏

وفي الوقت الراهن، شهدت عمليات سرقة النفط تقدّماً باعتبارها تمثّل وسيلة لتمويل الحرب، إذ نجد السيناتور لندسي غراهام يصرح قائلا: «بإمكاننا توظيف بعض العائدات من خلال بيع النفط لسد التزاماتنا العسكرية في سورية»، لكن من المرجّح أن ثمة دوافع خفية أخرى تتمثل في المناورة بشأن النفط بهدف الإبقاء على القوات الأميركية في سورية. ويبدو أن هذا التكتيك قد أتى أكله الأمر الذي بدا جليا عند الإعلان عن مقتل زعيم داعش أبو بكر البغدادي، إذ أشار الرئيس إلى أهمية النفط قائلاً: «بإمكاننا وضع يدنا على بعض حقول النفط»، وكرر قائلاً «قلت بضرورة الاحتفاظ بحقول النفط».‏

في واقع الأمر، فإن شبقاً عارماً يكتنف ترامب منذ فترة طويلة للاستيلاء على النفط العراقي، إذ إنه أعرب غير مرة عن إنفاق الولايات المتحدة 1.5 مليار دولار على تلك الدولة، ونتيجة لذلك يقول: «علينا الاستيلاء على نفط العراق واسترداد ما أنفقناه هناك»، وبعد توليه منصب الرئاسة عبّر عن رأيه أمام مسؤولين في وكالة المخابرات المركزية بضرورة احتفاظ الولايات المتحدة بمصادر النفط، ليس مستغرباً أن يساور المسؤولون العراقيون القلق جراء تلك التصريحات، وعندما قام وزير الدفاع جيمس ماتيس بزيارة إلى العراق شهر شباط عام 2017 أكد للعراقيين أنه لن يتم الاستيلاء على أي حقل للنفط، لكن الرئيس عاد ليؤكد في شهر أيلول من ذات العام قائلاً: «إننا لا نسرق حقول النفط بل إننا نعوض ما سبق وأن أنفقناه».‏

حالياً يرى الرئيس الأميركي بأن ثمة فرصة سانحة لسلب الموارد السورية، فخلال الحرب تراجع الإنتاج حوالي 15 ضعفاً ليبلغ 24000 برميل فقط في اليوم، أي حوالي 0.3 من الإنتاج العالمي، كما يقول ترامب بأنه «سيصار إلى عقد صفقة مع أكسون موبيل أو أحد شركاتنا الكبرى لتقوم بهذه العملية بشكلها الصحيح»، لكن من غير المرجّح أن تعمد أي شركة نفط خاصة لاستخراج موارد نفطية مستولى عليها بطرق غير شرعية في منطقة حرب ولا سيما أن الانسحاب الأميركي منها أمر شبه مؤكد.‏

كما أشار دوغ غلسون بأنه في حال تمكّنت واشنطن من الاستيلاء على الإنتاج وسرقته بالكامل، فإن المبلغ الإجمالي السنوي سيكون حوالي 8 مليارات دولار، الأمر الذي لا يعدّ مكسباً كبيراً مقابل التكلفة والمخاطر التي تفوق هذا الرقم بكثير، بالإضافة لما ذكر آنفاً، فإن السيطرة على حقول النفط لا تعدّ أمراً كافياً، إذ من الضرورة بالنسبة للولايات المتحدة إعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير الوسائل اللازمة لبيع النفط الأمر الذي يتطلب سنوات عدة لتوسيع الاحتلال للطرق والأنابيب والمنشأت، كما أن الحيلولة دون تعطيل الإنتاج لن تكون بالعملية السهلة.‏

ويبدو أن الرئيس على استعداد للقتال من أجل الحصول على النفط، إذ يقول سبنسر: «إن الولايات المتحدة سترد بقوة عسكرية ساحقة ضد أي مجموعة تهدد سلامة القوات الأميركية في سورية»، والجدير بالإشارة، أن الصين والهند وروسيا قد قدمت جميعها رأس مال لدعم صناعة النفط في سورية، ومن المرجح معارضة تلك الدول لبيع واشنطن الموارد المسروقة. وإذا عادت أميركا لإحياء فكرة غزو الدول بغية سلب مواردها فإن من الأمور الطبيعية أن تبدأ بالدول النفطية الغنية، فلماذا لا تستولي على آبار النفط السعودية؟ ولاسيما أن العائلة المالكة أثبتت ضعف قدراتها في الدفاع عن مقدراتها لذلك يجب عليها دفع التعويض المناسب مقابل عقود من الحماية لآل سعود، وفي نهاية المطاف، فإن سلوك ترامب سيفضي إلى التضحية بسمعة أميركا فضلاً عمّا يكتنف ذلك من مخاطرة بحياة الأميركيين، وفي هذا السياق، حذّر مستشار الأمن القومي السابق ماكماستر بأن سلب النفط السوري سيفضي إلى إظهار الأميركيين بمظهر «المجرمين واللصوص»، وقد قال الرئيس التركي رجب أردوغان «حليف واشنطن « أمام مشرعي حزبه دون الإشارة من المقصود من كلامه: «إنهم لا يترددون في ملاحقة النفط أينما كان، وبالنسبة لهم فإن نقطة نفط تعادل دماء آلاف الأشخاص»، وبعد إيضاح سبب استيلاء الإدارة على النفط، قال إسبر: «في النهاية، فإننا سنعيد جنودنا إلى الوطن»، لكن بتقديرنا نرى بأنه من الضرورة بمكان إعادتهم اليوم وليس غداً، ويجب على الرئيس ألّا يوظّف هذا الجيش ليصبح على غرار عصابات القراصنة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية