تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بريقـــــة.. ذاكـــرة لا تنســـــى

الجولان في القلب
الأثنين 9-3-2009م
ميساء الجردي

هناك على الشريط الحدودي المحتل، وعلى بعد 11كم غرب مدينة القنيطرة المحررة تقع قرية البريقة وهي واحدة من قرى الجولان التي تحررت من الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب تشرين.

لم تغير اسمها ولم تتبدل معالمها، بل انتظرت العائدين إليها بكل ما تحمله من طبيعة ساحرة وتاريخ مشرق، كان لنا محطة من الذكريات مع أحد أبنائها السيد عماد صفر شو، المُلقب (أبو عمر) الذي عاد إلى أيام الأجداد وأخذ يروي لنا مشاهداته لتلك القرية القديمة المبنية بإتقان على طراز متميز استخدم أهلها الحجارة البازلتية والقرميد الأحمر للأسطح مما توافر في ذلك الزمان من مواد البناء والتي جاءت منسجمة مع طبيعة المنطقة وتاريخها.‏

يذكر أبو عمر أن القرية بنيت كغيرها من القرى الجولانية المجاورة على أنقاض قرية رومانية مهجورة فكان فيها الكثير من الآثار والأقبية والكنائس وعند مدخلها بقي ذاك البئر القديم حيث كان الناس يجتمعون حوله لنقل الماء وللتسامر والتواصل الاجتماعي، ومع أن الصهاينة الأوغاد هدموا بيوتها، وسرقوا الآثار والأشياء التي وجدوها ثمينة، إلا أن غالبية العائلات عادت لتسكن القرية، وقد ازداد عدد سكانها بعد بناء قرية بريقة الجديدة عام 1980 ليصل عدد السكان إلى أكثر من 500 ألف نسمة.‏

القرية المثالية‏

طبيعتها تشرح الصدر وتشفي العليل، هكذا عبّر ابن هذه القرية عن هواء ومناخ قريته فقال: كان شتاء البلدة قاسياً، وقبل 40 عاماً كانت الثلوج تغطي المنازل وتقطع الطرقات لأكثر من عشرين يوماً، وكنا نحضّر أنفسنا لهذه الأيام ونضع المؤن ونحمي الحيوانات من البرد والوحوش.‏

وتتميز القرية بطبيعة جميلة ومناخ معتدل صيفاً، وتنتشر على أطرافها الغابات وتحيطها أشجار التوت والجوز والبلوط والسنديان ما جعلها مقصداً للزائرين في أيام الربيع والصيف.‏

وحصلت بعد تحريرها وإعادة بنائها على جائزة القرية المثالية لنظافة شوارعها ولأنها خالية من التدخين فلا يوجد في بريقة أي دكان لبيع الدخان.‏

حياتهم المفعمة بالحب‏

كان أبو عمر متلهفاً للحديث عن كل شيء فكانت ذاكرته تأخذه إلى محطات مختلفة وأحداث متنوعة ومما ذكره لنا: إن سكان القرية يعتمدون في معيشتهم على الزراعة والرعي حيث كانت الحشائش تصل إلى أكثر من مترين خلال فصل الربيع، أما الزراعة فهي في أراض متفرقة موزعة بين القمح والشعير والذرة والخضار.‏

وقد أدخل أهل القرية (الكروزة) لمساعدتهم في أعمالهم الزراعية وهي عربة بدواليب خشبية تجرها الثيران وتستطيع المرور في شوارع القرية الضيقة والجبلية، كما أدخلوا المنجل الكبير (الحاشوش) للحصاد.‏

وحصاد القمح يذكرنا بخبز القرية وطعمه الشهي، حيث كانت النساء يصنعن الخبز الأبيض الصغير الذي يشبه المعروك، ولم نكن حينها نعرف الخبز المشروح.‏

أما بقاليات القرية ودكاكينها فقد كانت تتعامل بالمقايضة ولم نستعمل النقود، نعطيهم الحليب، البيض ويعطوننا الرز والسكر.. إلخ.‏

ورغم هذه الحياة البسيطة كان أبناء البريقة يحبون التعلم ومدرسة القرية قديمة جداً، يتجاوز عمرها الـ 70 عاماً ومنها كنا ننتقل لدراسة الإعدادية في القنيطرة.‏

من أهم عاداتنا احترام الكبير والطاعة العمياء له، والامتناع عن زواج الأقارب، الفكرة تقول إن بنات العم والخالات هم أخوة.‏

جميع هذه العادات تقريباً تغيرت و 50٪ من سكان القرية متعلمون ويعملون بأماكن مختلفة في دمشق وريفها، ولكن القرية اليوم فيها الكثير من الحضارة بفضل تعاون سكانها في الحفاظ عليها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية