تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قمة عدم الانحياز في طهران ..مزيد من النجاح للدبلوماسية الإيرانية

لوس انجلوس تايمز
ترجمة
الأربعاء 11-7-2012
ترجمة: ليندا سكوتي

رغم كل ما تبذله الولايات المتحدة وإسرائيل وغيرهما من الدول الأوروبية السائرة في ركابهما من مساع وجهود حثيثة لعزل إيران والزامها بالتراجع عن برنامجها النووي،

فإننا سنشاهد في وقت قريب مؤتمرا يعقد لدول عدم الانحياز في طهران الذي نتوسم منه بشكل مسبق بأن يكون الوسيلة الفعالة لإفشال المخططات والتوجهات التي دأبت الولايات المتحدة واسرائيل وحلفاؤهما الأوروبيون على تأكيد تنفيذها بإصرار وحزم.‏

إن حركة عدم الانحياز التي ستعقد مؤتمرها في 26 آب المقبل في طهران هي في واقعها منظمة ذات أهمية كبرى لكونها تضم في عضويتها 120 دولة وتمثل المصالح السياسية والثقافية والاجتماعية للدول السائرة في طريق النمو والتطور.‏

تأسست هذه الحركة التي “تضم ثلثي الدول الأعضاء في هيئة الأمم” في بلغراد عام 1961، وعلى الرغم من كون غالبية أعضائها من الدول النامية لكن العديد منها أصبح ذا دور أساسي وفعال وهام يمكن أن يلعبه في الموضوع الاستراتيجي لكل من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأميركا اللاتينية.‏

على مدى الأسابيع القليلة الماضية، ما انفك الرئيس الإيراني أحمدي نجاد عن إرسال مبعوثيه إلى الدول الأعضاء في تلك الحركة بغية دعوة رؤسائها ومسؤولي الحكومات فيها لحضور اجتماع قمة للحركة في طهران علما بأن آخر قمة عقدتها الحركة كانت في شهر تموز من عام 2009، في شرم الشيخ التابعة لجمهورية مصر العربية.‏

ستستضيف طهران خلال المدة الممتدة من 26 ولغاية 31 آب القادم ممثلين عن 120 دولة ويتوقع المسؤولون الإيرانيون بأن الدول الأعضاء ستوفد إلى تلك القمة مندوبين من ذوي المناصب الرفيعة. ولاريب فإن توافد العديد من كبار المسؤولين في دول عدم الانحياز إلى طهران سيثير غضب وحفيظة واستياء الدول التي ما انفكت عن بذل قصارى جهودها لعزل إيران دوليا.‏

إن الأهداف الرئيسة لمنظمة عدم الانحياز هو تشكيل نظام عالمي جديد يقوم على احترام حقوق الدول النامية التي مازالت تتعرض للحيف والغبن في كثير من الأحيان من قبل الدول الكبرى المهيمنة. وإن هدف تلك المنظمة هو انقاذ أعضائها من سيطرة القوى الكبرى التي دأبت على محاولة استغلال مواردها الطبيعية وخيراتها الثمينة.‏

من المعلوم للجميع بأن منظمة عدم الانحياز هي أكبر منظمة دولية تلي الهيئة العامة للأمم المتحدة، وأن لها القدرة على التأثير بشكل فعال في الأحداث العالمية ويمكنها مؤازرة أي عضو فيها يتعرض لمواجهة الضغوط الدبلوماسية مع توفر الإمكانية والقدرة لديها على اختيار الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن واتخاذ القرارات الملائمة في مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة كما وبامكان تلك المنظمة المساهمة في عملية تطوير ودعم مؤسسات دولية هامة أخرى مثل الاتحاد الافريقي ومنظمة التعاون الإسلامي.‏

ثمة سمة خاصة لمعظم دول هذا التجمع الدولي ألا وهي النأي بنفسها عن التحالف مع القوى العظمى سواء أكانت غربية أم شرقية. وقد برز من بين تلك الدول قوى عظمى ذات أهمية كبرى مثل الصين والبرازيل والمكسيك التي أصبح لها دور مؤثر على مستوى العالم، فضلا عن ظهور بلدان أخرى غدت ذات أهمية دولية مثل الهند واندونيسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب افريقيا، وهي من الدول التي أصبحت تربطها بالولايات المتحدة ودول مجموعة العشرين علاقات قوية ووثيقة لكنها أبقت على احتفاظها بالعضوية في حركة عدم الانحياز.‏

إن تولي إيران في هذا العام لرئاسة تلك المنظمة قد جاء بعد اتخاذ القرار الأوروبي بحظر استيراد النفط من إيران ودخوله حيز التنفيذ ومنع المصافي الأوروبية من استيراد النفط الإيراني “حيث تعد إيران المنتج الرابع للنفط” وفي الوقت الذي فرضت به الولايات المتحدة حزمة جديدة من العقوبات على القطاع المصرفي من حيث معاقبة المصارف الأجنبية التي تجري معاملات مالية مع مثيلاتها من المصارف الإيرانية.‏

لا شك بأن كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل وأوروبا تمارس الضغوط التي ترمي منها إلى عزل إيران وتقويض نفوذها الإقليمي عن طريق نشر الأكاذيب والافتراءات عنها، وشن هجمات على المواقع الالكترونية لأجهزة الكمبيوتر التي يتم بموجبها تشغيل المنشآت النووية، وتتعاضد جميعا في تمرير القرارات المعادية لإيران في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والإقدام على اغتيال الكثير من علماء الطاقة النووية لديها، وفرض عقوبات مالية صارمة لعرقلة مسيرتها، وقرع طبول الحرب ضدها في كل مناسبة.‏

على الرغم مما تعرضت له إيران من عقوبات نجم عنها اضرار فادحة ومتعددة فقد قابلت ذلك بعزيمة راسخة وتجاوزت بثبات وإصرار العراقيل والمصاعب التي وضعت في طريقها وأحبطت المؤامرات التي حيكت ضدها الواحدة تلو الأخرى. وبذلك فإن قمة دول عدم الانحياز المقبلة التي ستعقد في طهران تمثل فرصة لا تقدر بثمن بالنسبة لإيران تستطيع عبرها من اثبات براعتها الدبلوماسية والتأكيد للعالم اجمع استحالة عزلها من قبل قوى البلطجة وعملائهم، الأمر الذي سيؤكد عدم امكانية عزل إيران وإبقائها وحيدة كما ترغب الولايات المتحدة وأذنابها. بل سيتيح لها أن تزداد منعة وإصرارا على موقفها خاصة عندما تعلم بأن لها الكثير من الأصدقاء الذين يساندونها ويقفون إلى جانبها.‏

 بقلم: كوروش زياباري‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية