تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ماذا أقول للحبر..ماذا أقول للدم!؟

لبنان
معاً على الطريق
الأربعاء 11-7-2012
نبيه البرجي

أي أشباح تلك وراء هذا الكرنفال الدولي المتنقل والذي يبدو واضحاً أنه يدور حول نفسه، لم يعد القرن التاسع عشر هناك لكي تأخذ لعبة الاساطيل،

ولعبة القناصل، مداها، ولكن، وقبل أن يطلق جورج دبليو بوش الشرق الأوسط الجديد، ألم يطلق رونالد ريغان نظرية «حرائق الغابات» وحيث الحروب المبرمجة، سواء داخل الدولة الواحدة أم بين الدول ولأغراض تكتيكية او استراتيجية حملت زيغنيو بريجنسكي على القول، ومنذ وقت قريب «إن كل مافعلناه هو الرقص، وعلى قرع الطبول، مع الهباء».‏

لكن الرقص مع الهباء هو الوجه الآخر للرقص مع الدم، دم الآخرين الذي ينظر إليه دانيال بايبس تماماً كما ينظر الى نفط الآخرين، ألا يدرك السوريون ذلك وهم الذين زرعوا فينا غرناطة، كما زرعوا فينا ميسلون، فأي تاريخ عربي، وأي مستقبل عربي، من دون سورية ومن دون السوريين؟‏

نعلم أن الكلمة في عذاب، الصرخة في عذاب، لأن الاشباح إياها، بالوجوه المزدوجة، وبالأقنعة المزدوجة، هي التي ترسم طريقنا بين معمارية الدم ومعمارية الرماد، هل من عبقري عربي يرسم، وبأصابع محطمة وبدقات قلب محطمة، تلك الغرنيكا العربية التي تقول شيئاً واحداً إننا نساق كما القبائل الضائعة إلى.. كومة الحطب؟‏

أجل، أوقفوا هذه الغرنيكا، قليلاً ابتعدوا عن جاذبية الخندق، وعن جاذبية الشعارات الميتة، وعن جاذبية المال والسلاح، وتأملوا في المشهد، بالأحرى في ما وراء المشهد، من بين تلك الاشباح أعترف أو يعترف بحق العرب في البقاء، ولا نقول الحق في الحياة..‏

على مقالاتنا يرد أحدهم بالساطور، وأحياناً بأسنانه التي كما لو أنها أسنان الضباع الهرمة، ودون أن يدرك أننا نكتب، ونصرخ، وأن عظامنا (مثل كلماتنا) تتألم من أجل سورية، ومن أجل السوريين، وليس من أجل أي شيء آخر، فمنذ الطفولة كانت سورية هي سيدة الحنين، يا أهلها الذين لايزال وقع أقدامهم في طليطلة كما في سمرقند، مرة أخرى أي تاريخ عربي، وأي مستقبل عربي من دون سورية ومن دون السوريين؟‏

لكن الحبر لا يجف والدم لا يجف، ماذا أقول للحبر وماذا أقول للدم؟ إن أصابعي، كما أصابع كل من يكتب عن سورية بعيداً عن لعبة الاشباح، وعن لعبة الدمى، تضمحل، أجل إن أصابعنا التي تصورنا أنها من جمر تضمحل، لكننا مازلنا نرفض أن تكون الصلاة، أي صلاة، للرماد.‏

صلاة من أجل سورية التي وبالرغم من ذلك الحزن العظيم، تعرف في لحظة ما، أن تشق طريقها إلى.. الخلاص!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية