تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الذهب الذي لاينضب

منطقة حرة
الأربعاء 11-7-2012
أمير سبور

أياماً تفصلنا عن نهاية موسم الحصاد وجني المحاصيل الاستراتيجية .. وخاصة ان الحكومة وفرت أكثر من أربعين مليارا لدى المصرف الزراعي وحولت عبره أكثر من عشره مليارات ليرة الى فروع المصرف لتسديد أثمان الاقماح المسلمة في مختلف المحافظات

وحسب آخر تصريح لمدير مؤسسة تخزين وتسويق الحبوب فان كميات الاقماح المسلمة حتى الان تجاوزت 1.885 مليون طن وهذا الرقم يخالف التوقعات التي اطلقتها وزارة الزراعة منذ بدء الموسم والتي تراوحت بين 4.5-5 ملايين طن وقد عزا مدير مؤسسة الحبوب هذا التراجع الى عدة اسباب اهمها الاحوال الجوية والظروف المحيطة التي ساهمت بانخفاض الانتاج بين 30٪-40٪ ولكن رغم ذلك فقد وصلت الكميات المسلمة حتى الان الى حد مقبول ويمكن ان ترتفع الى مايصل 3.7 ملايين طن مع استمرار عمليات الاستلام .‏

ويبقى هذا مجرد توقع كون عمليات التسليم لم تنته بعد وامام هذا التفاوت بالارقام التي تعتبر اساسية في عملية التخطيط الاستراتيجي وخاصة للمحاصيل الرئيسية والتي تلعب دورا مهما في مسألة الامن الغذائي في سورية.‏

لابد من الدخول في تفاصيل الارقام وتحديد الاسباب الكامنة فعلا وراء هذا التراجع الملحوظ بانتاجنا من القمح المرغوب والمطلوب عالميا لانه من صنف القمح القاسي الذي يستخدم في صناعات عدة.‏

بداية كلنا يدرك ان هناك احتياطيا استراتيجيا لهذه المادة تحافظ عليها سورية منذ سنوات وباتت تشكل القاعدة الاساس التي تستمد سورية مناعتها وقوتها الى جانب قوة ارادة الشعب السوري التي لاتلين ...!!؟‏

وهذا المبدأ الذي اكدت وتؤكد عليه الحكومات المتعاقبة بضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي من مختلف المنتجات وخاصة للمحاصيل الاستراتيجية وفي مقدمتها الحبوب وهذا جزء من سر صمود سورية وتصديها للمؤامرات التي تحاك ضدها منذ عقود. ولاننسى هنا كلمات وزيرةالخارجية الاميركية السابقة عندما اجابت على سؤال لماذا لا تضغط امريكا على سورية قائلة: يمكن تحقيق ذلك عندما تستورد سورية القمح الامريكي ...!! وهذا لم ولن يتم في المستقبل..!‏

هكذا نجد اهمية ان تحقق سورية الاكتفاء الذاتي بالقمح وبمعظم المحاصيل الزراعية وبالتالي توفر الامن الغذائي للمواطن السوري وايضا التوازن الاستراتيجي على الصعيد الداخلي وافشال كل انواع الضغوط التي تمارس على سورية وشعبها بدءا من الحصار الخانق الذي بدأت به الدول الغربية والمستعربة وصولا الى اشكال الحرب الاقتصادية والعقوبات التي اخذت مائة لبوس ولبوس..!‏

ومن هنا نستطيع القول إنه على الرغم من تفاؤل البعض بالهطولات المطرية وبكميات التخزين المائية في السدود فان الاحوال الجوية السائدة لم تكن مشجعة لمثل تلك التوقعات ولاسيما بالنسبة للزراعات المروية والبعلية للاقماح ثم عدم توفر مستلزمات الانتاج الزراعي بشكل كامل ادى الى هذا التراجع .‏

وفي مقدمتها الازمات المتتالية التي حصلت في عدم توفر المحروقات مثلا والكهرباء التي تضاعف سعرها وايضا الاسمدة التي ارتفعت اسعارها الى 40٪ وأكثر اضافة الى بعض الارباكات التي حصلت لدى المصارف الزراعية كل هذه العوامل مجتمعة ساهمت بشكل مباشر في انخفاض الانتاج اضف الى ذلك ايضا ان معظم الفلاحين لايسلمون كامل انتاجهم من الحبوب وبالتالي يبقى لديه كل عام بين 700 - 900 الف طن وبالتالي فإن مؤسسة الحبوب لاتشتري أكثر من 70٪ من الانتاج سنويا وباقي المحصول يذهب الى اكثار البذار من جهة والى مستودعات المزارعين انفسهم حيث يحتفظ بها هؤلاء كمخزون استراتيجي لهم ايضا..!؟‏

ورغم وجود أكثر من 1.6مليون هكتار من المساحات المزروعة بالاقماح منها مايزيد على 800 الف هكتار مساحات مروية والباقي بعلية ورغم وجود مؤسسة احدثت بموجب المرسوم رقم 15 لعام 2011 سميت بالمؤسسة العامة لتأمين مستلزمات الانتاج الزراعي وبالرغم من صدور مرسوم لجدولة ديون الفلاحين وايضا زيادة الدولة سعر شراء القمح الى 22500 ليرة للطن من القمح القاسي و22000 ليرة للطن من القمح الطري ورغم كل ذلك نجد ان العقبات مازالت تظهر هنا وهناك .‏

أضف إلى ذلك معاناة الفلاحين التي تكمن في بعض الممارسات عند الاستلام وعند التسديد بقيمة كامل الكميات المسلمة علما ان هناك قرارا صدر بضرورة تسديد لقيمة الأقماح خلال يومين فقط كحد اقصى وامام ذلك كله نجد الكثير من الفلاحين الذين يقعون في معاناة تؤرقهم وتحد من طموحاتهم وهنا علينا جميعا ان نعيد النظر بالاليات المتبعة وازالة ومعالجة كل المعوقات التي تحد من زيادة انتاجنا من القمح الذي يعتبر بحق الذهب الذي لاينضب وهو الثروة الحقيقية والاستراتيجية السورية اليوم وغداً...!‏

ameer-sb@hotmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية