تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


دمشق الحالمة..

الافتتاحية
الخميس 1-10-2009م
بقلم رئيس التحرير أســــعد عبـــود

«لقد أسمعت لو ناديت حياً» وكلنا أحياء.. الأقصى ينادي.. القدس.. فلسطين.. غزة.. الشوارع العربية.. الأمة كلها.. الكل ينادي.. ونحن إما نيام وإما نتناوم.

ما إن يواجه نظام عربي تحدياً لسلطته حتى تظهر عليه الحياة والحيوية.. وما إن تقرأ عليه الدنيا مخاطر لم ترها الأمة من قبل حتى يبدو عليه الذبول والنعاس.. و.. ولولا الخجل قليلاً وإصرار بعض العرب كثيراً.. ربما نامت إلى درجة السبات كل مؤسسات العمل العربي المشترك، بدءاً من أصغرها وانتهاء بجامعة الدول العربية، ضمناً مؤسسة القمة العربية.‏

أن تلتقي دولة عربية بأخرى فهو مصدر الخبر والتقصي عن الخبر، وانتظاره على الطرقات.. أما أن تختلفا.. فهو العادي المتوقع المعتاد إلى حد الإدمان.. وهات يا بيانات وتوضيحات ومقالات وأعراس وأجراس!!.‏

ياعرب.. لقد آن الأوان..‏

منذ سقوط بغداد، التاريخ يناديكم حتى بحّ صوته.. أن ليس لأحد بغداده التي تكفيه.. لا في مذكرات المستعصم بالله ولا في ذاكرة صدام حسين.. فإلى متى نحكم على الذاكرة بالنوم، ربما الأبدي.. لكن مازال في الساحة من ينكأ الجراح ويوقظ الذاكرة.‏

مايجري تحد للجميع..‏

والخروج منه تحدّ للجميع أيضاً.. أعني أن طريق الخروج الفردي القطري طويل جداً وعصي.. أشبه ما يكون بالمتاهة، مهما بلغ مستوى الدعم غير العربي.. هل هناك من يستطيع أن يدعم أكثر من أميركا؟!‏

هل قدّم الدعم الأميركي «المزعوم» مخرجاً لأحد؟!.‏

في فلسطين وقد بحثوا عنه.. لبنان وقد ذابوا في أحضانه.. العراق وهو قيد الترجي.. السودان.. الصومال.. أين؟! حتى الخليج العربي ودوله غنية قوية لها خصائصها الفريدة في العالم.. ماذا قدم الدعم الأميركي لكل هؤلاء، أو لأي منهم.. ولغيرهم أيضاً؟.. لم أقل سورية لأن سورية لم تتلق يوماً هذا الدعم ولا تسعى لأبعد من علاقات ندية محترمة صادقة شفافة مع الولايات المتحدة والشعب الأميركي.‏

تعقيدات الوضع العربي شديدة.. تشابكاته كثيرة.. لكنها تتميز بأن طرف الخيط واضح ونسيجه قوي وينتظر الهمة.. بل ينتظر الصدق.. الشفافية.. القرار النظيف.. أعني قراراً من الرأس العربي دون اعتراض أن يكون رأساً قطرياً.‏

ترتيب وضع البيت العربي سهل إن مثّل سكانه أنفسهم لا غيرهم.. مصالحهم لا مصالح غيرهم.. رؤيتهم لا رؤية غيرهم.. ومادام العالم كله يتخلى عنا شيئاً فشيئاً فلماذا لا نمثّل أنفسنا؟!‏

أشياء تشبه الأحاجي..‏

الفلسطينيون لا يستطيعون الاتفاق فيما بينهم.. رغم واحدة من أطول وأهم التجارب النضالية المتعددة الأوجه!‏

العراق.. لا يستطيع أن يمثّل تاريخه العريق الذي عرف اتحاد الحضارات ولقاء الشعوب، ويعجز اليوم عن اتحاد الإخوة، الذين لا يجدون ما يختلفون بسببه إلا الضلال!.‏

لبنان الحرية والعلم والثقافة... لبنان التميز بالمعنى الكامل للكلمة.. لكن.. شأن حكومة توحدهم صعب!.‏

وغرّب وشرّق كما تشاء، من الأطلسي إلى الهندي مروراً بالأحمر والمتوسط.. كل ذلك وتكاد اللقاءات العربية الجمعية تعيش الكسوف المتواصل.‏

نحن نواجه الخطر في وجودنا.. وعدونا مستقتل على كل شيء، على أرضنا.. على لغتنا.. على ثقافتنا.. على مقدساتنا..‏

فهل ثمة ما يستدعي أكثر مما نحن فيه «اللقاء العربي».‏

لم تكن سورية تضع العرب أمام الامتحان عندما أعلت شأن التضامن والتعاون العربي.. بل كانت تطرح حلاً وأملاً بالحل ومازالت..‏

تريد دمشق بيتاً عربياًَ يقول فيه العربي كل ما يعانيه بصدق, بحرية قراره المستقل ممثلاً عروبته.. ولا شيء آخر..‏

أتراها دمشق الحالمة..‏

سيأتي يوم يصبح فيه الحلم حقيقة.. «ومن الأحلام ما يتوقع» كما ذكر شاعر عربي يوماً منشداً قيام جامعة الدول العربية..‏

a-abboud@scs-net.org

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية