|
قاعدة الحدث الذي علق وانهار على ابواب القرار الدمشقي خلال السنة الثانية في عمر الأزمة في سورية شهدت المحافل الدولية صراعات دبلوماسية حادة و طويلة حول ما يجري في الميدان السوري الأمر الذي ادى إلى خلق ملامح جديدة للنظام العالمي. وتميز الأداء السياسي والدبلوماسي لسورية بقدرته العاليه على استيعاب جميع الحركات الاستفزازية التي صدرت عن بعض الدول المتورطة بالدم السوري كما كان لافتاً احترام سورية لجميع القوانين الدوليه و الالتزام بها مع الحفاظ و التأكيد الدائم على مبدأ السيادة الوطنية.. خلال 2012 قدمت عدة مبادرات لحل الأزمة في سورية و كان العام الفائت مفعماً بالأحداث و التحولات السريعة و الكبيرة إلا أن القيادة في سورية رحبت بجميع المبادرات التي تؤكد ضرورة الحل السلمي للأزمة و عدم التدخل الخارجي و استكملت خلال السنة الماضية تعاونها مع بعثة المراقبين التي ارسلتها الجامعة العربية إلى سورية إلا أن الجامعة اثبتت بإصرارها على انهاء بعثة المراقبين دورها السلبي و المتآمر على سورية خاصة انها سعت في 4 شباط 2012 إلى استصدار قرار في مجلس الأمن يدين سورية و لكنه احبط بفيتو مزدوج روسي- صيني و بتاريخ 23/شباط/2012 عين الأمين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان مبعوثاً دولياً لسورية ورحبت سورية بتعيين انان و سعت للتعاون معه وبتاريخ 25/شباط/2012 اعلن المبعوث الدولي عن خطة للخروج من الأزمة في سورية تتضمن انهاء العنف و نزع سلاح المجموعات الارهابية المسلحة و سحب الآليات الثقيلة من التجمعات السكنية و ايصال المساعدات الانسانية إلى المتضررين و بدء حوار وطني واصدار عفو عن المعتقلين. التزمت سورية بخطة عنان وباشرت جميع الاجراءات لتطبيقها وصدرت مراسيم العفو واستكملت الحكومة السورية مساعيها في المصالحة الوطنية و الدعوه لحوار وطني شامل، إلا أن العصابات الارهابية المسلحة رفضت خطة عنان و سعت إلى انتهاك الخطة و احباط جميع المساعي السياسية للحل في سورية بانتهاج الارهاب والعنف المسلح ضد الدولة والمواطنين و عناصر الجيش العربي السوري و قوات حفظ النظام و بلغ عدد انتهاكات الارهابيين للخطة أكثر من 10600 خرق ذهب ضحيتها مئات الشهداء من مدنيين و عسكريين بالاضافة إلى عمليات التخريب التي طالت البنى التحتية من شبكات الكهرباء و خطوط الغاز و المشافي و المدارس. وكلنا يذكر المجازر التي ارتكبها الارهابيون في حزيران عندما دعا المبعوث الدولي كوفي انان الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن اضافة للكويت و قطر والعراق و الاتحاد الاوروبي والأمين العام لكل من الامم المتحدة و الجامعة العربية لعقد مؤتمر دولي في مدينة جنيف السويسريه بهدف انهاء العنف و الاتفاق على وحدة الرؤية الدولية تجاه الحل في سورية و بدأ الاجتماع التحضيري للمؤتمر في 29 حزيران و صدر بتاريخ 30/6/2012 البيان الختامي له و رحبت الحكومة السورية بالبيان و صدر تصريح عن وزارة الخارجية والمغتربين السورية أن سورية تثمن عالياً الموقف الروسي و الصيني الذي برز خلال الاجتماع و الذي تميز بمدئيته و انسجامه مع اهداف و مبادىء ميثاق الامم المتحدة و قواعد القانون الدولي و تبنى الاجتماع للحل السياسي للأزمة في سورية ودعم مهمة المبعوث الدولي للسورية كوفي انان وخطته كما رحبت سورية بالبيان الختامي الذي صدر عن اجتماع جنيف لاسيما النقاط الجوهرية و الالتزام بسيادة و استقلال و سلامة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية اضافة إلى النقاط التي تتعلق بإطلاق عملية سياسية يقودها السوريون و يشارك فيها جميع ابناء سورية و تنطلق من الحوار الوطني الذي تشارك فيه كل شرائح المجتمع السوري وتحافظ على المجتمع السوري، وجددت سورية التزامها بخطة انان و سعيها لتطبيق مقررات جنيف واستمرارها في التعاون مع بعثة الأمم المتحدة استناداً إلى قرارات مجلس الأمن والتفاهم الأولي الموقع بين سورية والأمم المتحدة بتاريخ 19/4/2012 إلا أن الارهاب المدعوم من دول الجوار التي حولت حدودها إلى معسكرات لتدريب المسلحين لم يلتزم بأي اتجاه سياسي واصبحت وسائل الاعلام العالمية و المحلية تتحدث عن تبني قطر وتركيا علنا لمجموعات تكفيرية تحت مسمى جبهة النصرة التي تحمل فكر القاعدة و التي اعلنت تبنيها لعدة تفجيرات ارهابية . وليس هذا فحسب بل نرى يوميا كيف تتسابق قطر و السعودية وتركيا مدعومة من قبل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي لشرعنة الارهاب التي تتعرض له سورية في المحافل الدولية و منابر الأمم المتحدة و الجمعية العامة حيث تقدمت السعودية بمشروع قرار في الثالث من آب 2012 تحت البند 34 من ميثاق الجمعية العامة حول منع نشوب النزاعات المسلحة في تناقض حقيقي بين ما تمارسه هذه الدول سراً وعلانية في تأجيج الأزمة في سورية و تحويلها إلى نزاع مسلح عبر تمويل و تسليح المجموعات الارهابية و بين ما تدعيه في طرح هذا القرار ونتيجة لهذه التناقضات الدولية و بتاريخ 3/8/2012 اعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيان له أن المبعوث الدولي كوفي انان ابلغه انه لن يجدد مهمته في سورية و التي تنتهي في 31/8/2012 و عزا انان استقالته إلى عدم تلقي مهمته الدعم الكافي نتيجة الانقسامات داخل المجتمع الدولي ما ادى إلى عرقلة واجباته و مهامه. وفي تاريخ 17/8/2012 اعلنت الامم المتحدة تعيين وزير الخارجية الجزائري الاسبق الأخضر الابراهيمي موفداً دوليا لسورية خلفاً لأنان واعلنت سورية مجدداً استعدادها التعاون مع الابراهيمي الذي قام بعدة جولات ومشاورات بين العواصم العالمية والعربية وبدا تعاون الحكومة السورية واضحاً معه خاصة في التزامها بالهدنة التي اقترحها المبعوث الأممي خلال فترة عيد الأضحى الماضي إلا أن المجموعات الارهابية المسلحة اخترقت الهدنة و أفشلتها. وبعد عدة زيارات قام بها الابراهيمي جاء إلى دمشق مع نهاية الشهر الأخير من السنة الفائتة ولديه مقترح بشأن الحل في سورية يتضمن وقف اطلاق النار و تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات ورحبت سورية ايضاً بمقترح الابراهيمي و صرح رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي أن الحكومة السورية تتجاوب مع اي مبادرة دولية و اقليمية لحل الأزمة في سورية بالحوار و الطرق السلمية سعت سورية خلال العام الماضي كما سعت منذ بداية الأزمة إلى معالجة الاحداث الجارية في ميدانها إلى الالتزام بالقانون الدولي و عدم الانحراف عن الاعراف و الدبلوماسية و الدولية و واجهت جميع الافتراءات و المواقف بخطابات رسمية وضعت خلالها الأمم المتحدة و مجلس الأمن بصورة الأوضاع فيها موثقة ذلك برسائل وجهتها الخارجية السورية إلى الأمين العام والمجتمع الدولي وعلى سبيل المثال واجهت سورية الاشاعات الأميركية حولها بإستخدامها السلاح الكيماوي بإعلانها بتاريخ 7/12/2012 عدم استخدام الاسلحة الكيماوية و اكدت ان التصريحات الأمريكية ترافقت مع ما احرزه الجيش العربي السوري وتقدمه الواضح في اغلب المناطق حيث اكدت الحكومة السورية في بيان لها أن فتح ملف السلاح الكيماوي يأتي لتغطية على انجازات الجيش العربي وتبرير نصب صواريخ الباتريوت على الاراضي التركية. كما واجهت سورية بتاريخ 28/10/2012 رسالة إلى مجلس الأمن وثقت فيها انتهاكات الميليشيات المسلحة للهدنة المعلنة في عيد الأضحى وبتاريخ 8/11/2012 اكدت سورية في رسائل متطابقة وجهتها وزارة الخارجية والمغتربين السورية إلى رئيس مجلس الأمن الدولي ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة أن عدداً من اعضاء مجلس الأمن الدائمين وغير الدائمين يقومون منذ بدء الأزمة في سورية بتقديم صور مضللة بهدف تمرير سياسات وأجندات خارجية وتدمير سورية و طناً و شعباً كما وجهت الخارجية السورية في 20 كانون اول من السنة الفائتة رسائل متطابقة إلى مجلس الأمن ورئيس الامم المتحدة ادانت فيها مهاجمة العصابات الارهابية المسلحة لمخيم اليرموك و محاولة زج الاخوة الفلسطينيين في الأزمة داخل سورية. عام مضى.. وسورية تتجاوب سياسياً مع كل المبادرات الدولية لحل الأزمة فيها وتصب هذه المبادرات جيمعها في حل الحوار الوطني الذي اعلنته و اطلقته سورية منذ بداية الأزمة. |
|