تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أشياء على مرمى الوهم والحقيقة!

مجتمع
الخميس 3-1-2013
غانم محمد

عندما يشتري أحدنا ورقة «يا نصيب» فإن أول ما يفكّر به ويتمناه هو أن يربح الجائزة الكبرى وما أن تدور دواليب الحظ حتى يتمنى أن يقف الدولاب الأول عند أول رقم في بطاقته ليضمن استرجاع ثمن البطاقة ومن ثم تتسع دائرة الحلم والوهم..

وعندما يتكوّر بطن زوجة أي منّا على أول حمل نتمنى أن يكون المولود ذكراً، وإن لم يكن كذلك فالمهم «الخلقة التامة» ومن ثم نفكّر بخلاص الحامل على خير وأن يأتي المولود بصحة جيدة ومن ثم أن تُكتب له أيام سعيدة..‏

وعندما يتجه أبناؤنا إلى امتحانات البكالوريا على سبيل المثال نتمنى لهم النجاح أولاً ومن ثم التفوق وصولاً إلى دراسة الفرع الجامعي الذي يطمحون إليه، وبعد التخرّج يكون الأمل بأي وظيفة وعندما تتحقق هذه المعادلة وتصبح الوظيفة أمراً واقعاً نطمع بالإدارة أو بمواقع النفوذ و...‏

في كثير من أمورنا الحياتية يصعب التفريق بين الوهم والحلم وتنقلب الأدوار بينهما أحياناً كثيرة، والتشتت الذي يعيشه بعضنا بسبب ضغوط الحياة يحدّ من رؤية الخط الفاصل بينهما، ولن يكون بمقدورنا ضبط خطواتنا باتجاه أي منهما ما لم نكن واقفين على أرضية صلبة نعرف من خلالها ماذا نريد على وجه التحديد..‏

أحدهم قال لي بعد أن سألني إن كنتُ قد اشتريت بطاقة يانصيب من إصدار رأس السنة والبالغة جائزته الكبرى خمسون مليون ليرة سورية: أنا وفّرتُ على نفسي /500/ ليرة سورية بعدم شرائي البطاقة، فقلتُ له: ربما تكون قد أضعتَ فرصة كسب الجائزة الكبرى أو إحدى الجوائز الأخرى أو حتى الحلم بهذا الكسب فقال: ربما، ولكن ال /500/ ليرة في الجيب أفضل من مليون قد لا يأتي باليانصيب!‏

كتب أحدهم على لافتة في سيارته العامة «سرفيس»: التدخين ضمن السيارة يوم مسموح ويوم ممنوع واليوم ممنوع... ذكرتني هذه العبارة بأخرى مماثلة قرأتها ذات يوم في محل ألبسة وتقول: الدين هذا اليوم فقط ممنوع!هذه المواقف وهذه الأقوال التي تحمل معها الطرافة هي المؤشر الأوضح لتعاطينا مع بعض الثقافات العابرة او تلك التي تحاول فرض حضورها في مجتمع كان على الدوام غنياً بكل شيء وعميقاً بكل شيء لكن « استهلاكية» الحياة التي نعيشها تجبرنا على قبول ما لا يرتقي إلى مستوى وعينا الذي يغفو بعض الأحيان...‏

غداً قد نشطب كل هذه الأقاويل والقناعات المؤقتة لأنها مؤقتة أو لأنها تلبسنا بالإكراه وفي أوقات الضيق من أنفسنا وربما من ملابسنا أيضاً، ولكن ورغم كل شيء فإن هذه التنقلات تبقى ومضات في حياتنا فيها من الحلو ما فيها من المرّ.‏

ما هو مثبت وأساسي في حياتنا هو أن الضوء يتسرب من أي ثقب في الجدار مهما صغر، وأن في الحياة ما هو جدير بالتعب من أجله.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية