تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


معرض (سورية وطني) .. تعبير صادق ولفتة جديدة في مناهجنا

ثقافة
الجمعة 24 -6-2011
تماضر ابراهيم

وطني.. لأنك الماضي والحاضر، لأنك الأروع، لأنك سورية، فأنت تستحق الكثير، تستحق أبناءك المخلصين، تستحق عطاءاتهم،

كل من موقعه يحاول جاهدا أن يقدم الأفضل، ليرى العالم من هو الشعب العربي السوري الأبي، العصي، المنيع بثقافته وفكره وإبداعاته وذكاءاته، والتي تتجلى ملونة في حب الوطن.‏

ففي كلية الفنون الجميلة دعت الدكتورة سوسن الزعبي  إلى ورشة عمل، ليصار نتاجها معرضا لأربعين طالباً من طلاب قسم الاتصالات البصرية السنة الثالثة تحت عنوان (سورية وطني)، فكرتها تدعو لقراءة تاريخ سورية وسبر غور الحضارة ثم ربطها مع الحاضر باسلوب معاصر.‏

د. سوسن هدفت إلى أن يتعرف طلاب هذا الجيل إلى أمجاد سورية وما قدمته للتاريخ من خلال بحثهم، ليكون رداً عملياً من الطلاب المشاركين الذين يتوافدون يوميا منذ أكثر من شهرين إلى كلية الفنون، رغم الحرب النفسية التي تحيط بنا ليستمدوا من جذورهم بعض الرموز التي دلت وتدل على تاريخنا العريق على مر العصور.‏

تميز المعرض باختيار رموز استحضرها الطلاب من غور الحضارة السورية القديمة التي كانت أس الحضارة العالمية بإنجازاتها المختلفة، وتزامن افتتاحه مع عيد المقاومة.‏

وفي مفردات الأعمال نجد السيف الدمشقي الذي يحمل معاني الديمومة الكامنة في فسيفسائه، التي تتطابق في مكوناتها مع مكونات المجتمع السوري، والطربوش العثماني الذي زين بالبروكار الدمشقي المُذهب، ليقول إن دمشق قادرة على الوقوف كالسنديان في وجه الأعاصير. كذلك هناك نموذج من ماري، وأسد معبد عين دارا، ومن الأختام الأسطوانية نرى الأختام الأوغاريتية التي ألهمت الكتابات واللغات للعالم، وأيضا فسيفساء الجامع الأموي في دمشق، وبراعة الحرفيين في مهنة تطعيم الصدف، وروعة نواعير حماة، بالإضافة إلى قصص مما أرّخه لنا أجدادنا.‏

سنعمل على ترسيخها‏

د. محمود شاهين يؤكد أن هذه التجربة ناجحة جدا ونحن نبني عليها اليوم، المفردة الرئيسية في كل الأعمال تقوم على توظيف العلم العربي السوري في منجز بصري مجسم ومسطح بخامات مختلفة، السلك، الحديد، الإسفنج، والكرتون، والخشب وشتى أنواع المعادن، حيث استعار كل طالب رمزاً من الحضارة السورية القديمة والحديثة ثم قام بالربط بينهما لينزل عليها العلم برؤى مختلفة.‏

وأضاف د. شاهين: حققنا الهدف بمجرد عودة الطلاب إلى التنقيب في متحفنا وحضارتنا، إذ أغنينا ذاكرتهم البصرية وكانت النتائج جميلة تستدعي الطالب حتى بعد التخرج للعودة إلى هذا التراث العظيم، والاستقاء منه وهذا أحد مكاسب هذا البحث الذي استمر لمدة شهرين في هذه الظروف التي جعلت الطلاب يتفاعلون لإنتاج أفضل وبحماس أكبر... وقد خدمهم أنهم يعيشون الحراك الموجود في البلد... فأتى بتعبير صادق أولاً وثانياً هذه اللفتة جديدة في منهاجنا. سنعمل على ترسيخها.‏

توءمة بين الرمز والعلم‏

د. عبد الناصر ونوس: أنا متفائل جدا، الطلاب اشتغلوا على الفكرة بشكل جيد بقيادة الدكتورة سوسن وكان هناك رعاية كبيرة للموضوع فكانت النتائج مذهلة معنويا وماديا.‏

في الوقت الذي كانت فيه شريحة من الشباب تستغل من أماكن أخرى بمفاهيم ثانية وطرق مختلفة، كانت الكلية بشبابها تعمل في هذا المجال، دخلوا في رموز الحضارة السورية، وتعرفوا عليها، وقاموا بعملية بحث لاستحضار أي من هذه الرموز واستخدامه كرمز لسورية، ثم صنعوا توءمة بينه وبين العلم العربي السوري، ليقولوا إن هذا المكان الذي يضمنا في العيش، قدم للبشرية والإنسانية قيم ومفاهيم كبيرة، وبالتالي الحقيقة طلابنا عاشوا الحالة وفوجئنا بثقافتهم، ومعارفهم، ولهفتهم خلال هذه المرحلة للدخول في هذا المجال، فكان التعامل معهم مهم جداً، لقد ذهبوا من سومر ومن الكتابة المسمارية وصولاً إلى السيف الدمشقي، على اعتباره الأحدث طبعا، وهو موجود في ساحة الأمويين، وكان تحليلهم له جميل وممتع جدا، فالسيف الدمشقي يشبه سورية الطبيعية كاملة فهو مصنوع من مجموعة هائلة من القطع المعدنية الصغيرة المختلفة والمصقولة، يشبه سورية في الكم الهائل من القوميات والأديان والطوائف التي تكون الشام بنسج مختلفة، وبالتالي هذا التناغم فيزيائياً يقوي بعضه، وهناك كتب كثيرة عالمية حتى الآن مازالت تبحث سر السيف الدمشقي وسر قوته، وهذا دليل آخر أن الطالب دخل في عملية بحثية فيها الكثير من القيم الاجتماعية والروحية وحتى القيم الوطنية أيضا، هم أدخلوا مفهوما آخر للرمز و تعاملوا معه «التوءمة»، وبالنهاية فالتوءمة بين العلم والرمز قضية مهمة جدا، أميركا سر نجاحها في تعددها صناعيا ولكنهم عددوها حديثا، بينما سورية متعددة منذ نشأتها، ونحن الوحيدين بالعالم نملك ميزة التعددية، لذلك ليست صدفة من يحاول تخريب سورية بل لأن سورية مهيأة لأن تكون حضارية وقيادية دائما، لذلك هذه التعددية يجب أن تعمل على ما يسمى العلم الوطني الذي يرمز للوطن والأرض، الطلاب تعاملوا معه من‏

هذا المفهوم لكوننا مررنا بمرحلة أحزابنا فيها إن كانت يمينية أو يسارية وصلت لمرحلة صارت على حساب إيديولوجيتها نست العلم وتعاملوا معه على أساس أنه نظام وتعاملوا مع إيديولوجيتهم على أنها الحالة الدائمة، من هنا وصلت ثقافة خاطئة، لذلك كان لا بد للعمل من جديد على أن العلم هو من نجتمع جميعنا تحت رايته وهكذا هنا كانت الازدواجية بين العلم وبين الرمز الذي اشتغل عليه طلابنا.‏

أخيرا.. رسالة د. سوسن مشروع متكامل في الزمن الصعب، فقد تعرف طلابها على سورية من خلال بحثهم هذا وقد اكتشفوا عظمة سورية عبر التاريخ.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية