|
مجتمع أزفت ساعة الانحدار التي ستدخلنا في متاهات الانحطاط والتبعية واللاوعي، فتنكسر إرادتنا وتهترئ قيمنا ونصبح كغثاء السيل، ولم نعد نعبر عن حقيقة قالها فينا رب العالمين في قوله تعالى: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر» صدق الله العلي العظيم. هو لغة: يطلق على الاستمساك أو الاعتناق والالتصاق بالشيء، التزم الشيء أوجبه على نفسه أي تعهد أن يؤدي ما التزم به لغة وسلوكاً عبر حياتنا ومفاصلها المعاشة. يشمل الالتزام جميع الصعد الاجتماعية والثقافية والفكرية والعملية ويتجلى في أقوال الفرد وأعماله، وهو الذي يمدك بالانطباع الحقيقي عن بقية أفراد المجتمع - ولكي لا نعمم - أو جزء منهم. وانطلقنا من أهم هذه القطاعات التي تعيش تماساً مباشراً مع تلك الشخوص داخل مؤسساتنا الحكومية على تنوعها: - الأستاذ علاء أحمد: نعمل في قطاع الصحة بجميع مرافقها الحيوية على تلبية احتياجات المواطنين من تأمين الخدمة للناس جميعهم وذلك بتأمين الدواء لكل المشافي وبكميات كبيرة ونحرص على أن يكون الدواء متوافراً في المشافي حتى الباهظ الثمن ونسعى من خلال فترة دوامنا والتزامنا به على أن نكون في قلب الحدث وتأمين جميع الطلبات يومياً ليتسنى للمواطنين العلاج والدواء اللازمين وهذا نابع من حرصنا على خدمة المواطن والمشافي على حد سواء. - الأستاذ أيمن السيروان: نحن على صلة مباشرة بالمواطن خلال مراجعته لنا لتصحيح أوضاعه الوظيفية في السجل العام للعاملين حيث نؤمن له ما يحتاجه من أوراق ثبوتية تفيده في إطار عمله المختلف في الدولة وخارجها ويأتي إلينا آلاف المراجعين، لذلك رغم الضغوط الكبيرة في العمل إلا أننا نحرص على مساعدة كل واحد منهم حسب الإمكانيات المتاحة والأنظمة والقوانين بما يؤمن للمراجع الأوراق التي تفيده وتعنيه في عمله، والحقيقة إن التزام الموظف بمؤسسته بمجموعة عادات وسلوكيات بين ما هو إيجابي وسلبي يعطيك صورة حقيقية عن هذا الموظف ومدى اهتمامه يعكس حرصه على أداء عمله على أكمل وجه وبشكل إيجابي وهذا ما نسعى إليه ولو كان الأمر مرهقاً ومتعباً. كما تجد في بعض المؤسسات من يلتزم المحسوبية والكسب غير المشروع من خلال علاقاته مع شرائح مختلفة من الناس فتراه أحياناً مرتشياً وأخرى راشياً، متسيباً لا مبالياً همه الوحيد وعمله الدؤوب جمع المال من خلال تحكمه في عمله متجاوزاً مصلحة المواطن والوطن مضراً بمن حوله، وتراه يعطيك الدروس في الالتزام بالعمل وخدمة الوطن متجاهلاً ما وصل ليده الآثمة من مال حرام، يخون الأمانة الملقاة على عاتقه، ينعم بسطوة سلطته ولو كانت محدودة المفاعيل. تكبر وعنجهية! الآنسة ريم تقول: في الجامعة موظفون متعالون علينا نحن الطلبة نسألهم لا يجيبون إلا بعد أخذ ورد، لا يطبقون القوانين لعدم معرفتهم بآليتها، هناك قلة احترام وتكبر وثقل ظل تجعلنا نحسب حساب كل أمر نريده منهم وتراهم يمضون وقتهم في الأكل والشرب والأوراق متراكمة فوق بعضها تنتظر من يعيرها انتباهه ويعمل بها وللأسف حتى الدكاترة تجدهم يتصرفون بكيدية ويقومون بأفعال صبيانية للفت انتباه الفتاة الجميلة لمراجعته وسؤاله ونسي صاحبنا أو تناسى أنه مرب لأجيال سوف لن ينسوا رياءه عن الالتزام بالفكر المتحضر والعمل الشفاف والهادف وهذا ما يؤكد طبعاً على فكرة مفادها: «الشخص المناسب في المكان المناسب». إذا أردت أن ترى الفارق الكبير بين تصرفات (صاحبنا) في عمله داخل مؤسسته الحكومية وتصرفه في عمله الخاص حيث تجده متفانياً نشيطاً، همته عالية وذهنه متفتح وكلامه مؤدب، نظيفاً في مكتبه لا يأكل ولا يشرب إلا في الاستراحة، صوته منخفض وبهدوء وسحر غريبين على أمثاله لأنه يبهرك بعكس ذلك في مؤسسته يهاجم رفاقه في العمل ليغطي على سوء تصرفه وبأنه خال من المثالب والعيوب. وأخيراً: كم أتمنى أن تنظف مؤسساتنا نفسها من هؤلاء الأدعياء فتنهض من كبوتها وتطرد أولئك الجاثمين على صدرها، يأخذون خيرها ويستنزفون طاقاتها ثم يرمون حجارتهم فيها ليقولوا: «إنها ملوثة وعكرة». إن التزام العمل الجاد في جميع مجالات حياتنا داخل البيت، في العمل على اختلافه وتعدده، وفي السلوك الشخصي ومع الآخرين - حري بنا أن نصل إلى أسمى وأرقى مراتب الالتزام. أجارنا الله من شرور أنفسنا وألزمنا الصدق في المآل والأقوال والأفعال لما فيه خير البلد وتقدمه ونمائه ورفعته ورفعة إنسانه. |
|