|
اقتصاد التجارة العالمية Wto في تقريرها الأخير لعام 2011 ودرست فيه اقتصاديات 180 دولة، وتوصلت في خلاصته إلى أن معدلات الحماية التجارية تزداد في كل دول العالم، وبأن أغلب الدول بدأت تفرض قيوداً على المستوردات من الغذاء والمواد الخام، ونذكر أمثلة على ذلك مثل (القطن الهندي - القمح الأوكراني - المعادن النادرة الصينية والفحم الصيني أيضاً وبعض المنتجات الأوروبية والأميركية.. الخ) وتؤكد بأن 30 قيداً جديداً على الأقل تم فرضها من شهر تشرين الأول من عام 2010 ولغاية شهر نيسان من عام 2011 من قبل كل من (الصين والهند وأوكرنيا وفيتنام)، بينما كان عدد القيود خلال الفترة المماثلة من العام السابق ولنفس الفترة 25 قيداً. وتتضمن هذه القيود المفروضة كلاً من (ضرائب على الصادرات وفرض حصص على الصادرات) وتم هذا تحت تسميات مختلفة ومنها حماية البيئة والمحافظة على استقرار الأسواق والمحافظة على أسعار السلع الغذائية وتحقيق الأمن الاقتصادي.. الخ، أي أن هذه الدول رتبت أولوياتها بما ينسجم مع مصالحها الوطنية فقط ضاربة عرض الحائط بكل الاتفاقيات الدولية!!، وهذا يذكرنا بما فعلته الإدارة الأميركية في عام 2003 - 2004 بشأن الحديد الصلب عندما استجابت الإدارة الأميركية برئاسة جورج بوش الابن بفرض رسوم جمركية وبما يزيد على 30٪ على الحديد المستورد، ورغم الاحتجاجات الكبيرة من قبل الصينيين والأوروبيين والبرازيليين.. الخ إلا أن الإدارة الأميركية استمرت في عملها ونهجها، ونفس الإجراء أيضاً اعتمدته الولايات المتحدة الأميركية ضد الألبسة والدواجن المستوردة من جمهورية مصر الشقيقة، رغم الاتفاقيات الكثيرة الموقعة مع مصر ومنها اتفاقية التجارة الحرة واتفاقية المناطق المؤهلة صناعياً أو (الكويز)، وبالتالي يمكن أن نقول إن قوانين الحماية التجارية يتم استخدامها من قبل دول العالم بمعايير مختلفة، ولكن بوصلتها وموجهها الحقيقي هو مصلحة هذه الدول فقط ضاربة عرض الحائط بكل الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية. وهذا كان قد عبر عنه الاقتصادي الاشتراكي البولوني (ميردال) بقوله (إن الحماية التجارية أشبه بسلم صعدت عليه الدول المتطورة إلى الطابق الأعلى، ثم بعد أن تمكنت هذه الدول من صناعتها سحبت هذا السلم إلى الطابق الأعلى وكسرته حتى لا يصعد عليه الآخرون)، فهل نعيد نحن وعلى ضوء ذلك النظر بموضوع الاتفاقيات التجارية الموقعة بين سورية ودول وتكتلات اقتصادية معينة؟!، وخاصة أننا تعاملنا مع هذه الاتفاقيات بصدق، وهذا انعكس سلباً على واقع تجارتنا الخارجية وزاد العجز في الميزان التجاري السوري، وأن تجارتنا الخارجية (صادرات ومستوردات) تزداد من عام لأخر فقد بلغت في عام 2009 مقدار 1202546 مليار ليرة سورية، مشكلة من الناتج المحلي الإجمالي البالغة قيمته 2519151 مليار ليرة سورية نسبة 47.7٪، بينما كانت نسبتها في عام 2000 نسبة 44.6٪، وترافق هذا مع تأكيد التقرير الاقتصادي عن أداء الحكومة لعام 2009 بأننا اعتمدنا إلغاء كافة أشكال القيد والحصر والحماية توافقاً مع الاتفاقيات الثنائية التي وقعتها سورية مع بعض الدول واتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، ومع قناعتنا أن الحماية التجارية تنطوي على بعض السلبيات ومنها مثلاً غياب التنافسية وسيطرة المنتجين على الدورة الاقتصادية وارتفاع الأسعار...الخ، إلا أنها ضرورية لدعم الصناعة الناشئة والاستراتيجية وتعتمدها الآن الدول الصناعية علماً أنه ومن الناحية النظرية تدعو إلى اعتماد أسس التجارة الحرة، لذلك إذا كان من مصلحتنا حماية بعض صناعاتنا والعودة إلى نظام الحماية سواء عن طريق التعرفة الجمركية أو نظام الحصص، فيجب أن نحدد هل نعتمد على التعرفة الجمركية؟ أم على نظام الحصص؟ وهذا يتطلب منا وكما قال السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته في جامعة دمشق بتاريخ 19/6/201١: «إن رؤية المستقبل تتطلب حتماً قراءة عميقة للماضي وفهماً دقيقاً للحاضر»، وهذا يتطلب منا إعادة ترتيب أولوياتنا الاقتصادية السورية وبما يحقق مصلحتنا الوطنية، ولا سيما مع البدء بتقديم حزمة كبيرة من الإصلاحات وفي كل المجالات وبشكل أساسي المجال الاقتصادي. |
|