تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الوهّابيّــة والمــرأة وصهيونيّـة الموقـف

ثقافة
الأربعاء 4-7-2012
عبدالكريم الناعم

- 1 -...قبل الدّخول في الموضوع من المفيد الإشارة إلى أنّ دعوة ذلك الشيخ النّجدي، ابن عبد الوهّاب،قد قوبلت بالرّفض من أقرب أقربائه، ومن المحيط الذي تحرّك فيه،

غير أنّ القوّة التي تشكّلت من ابن سعود، ومن شيخ الحركة، تمكّنت، بالقوّة، وبالغزو، وبالقتل، والسّلب، وبالبطش الشّنيع من فرض ماتريده، بعد أن سيطرت على كلّ من نجد والحجاز، والقوّة، مهما كانت ضالّة، وغير إنسانيّة، فإنّها تفرض حضورها، ولنا في نازيّة هتلر، وفي الصهيونيّة خير مثال على ذلك،‏

يقول الشيخ فتحي المصري الأزهري، في كتابه» دراسة مقارنة بين عقيدة الوهّابيّة وعقيدة اليهود» إنّ والد الشيخ النّجدي» كان رجلاً صالحاً من أهل العلم، وكذا أخوه الشيخ سليمان، وكان أبوه وأخوه يتفرّسون فيه أنّه سيكون منه زيغ وضلال، لِما يشاهدونه من أقواله وأفعاله ونزغاته في كثير من المسائل، وكانوا يوبّخونه، ويحذّرون الناس منه»،‏

وقد ألّف أخوه الشيخ سليمان بن عبد الوهّاب رسالة في الرّدّ على أخيه سمّاها» الصّواعق الإلهيّة في الردّ على الوهّابيّة»، وألّف رسالة ثانية سمّاها:» فصل الخطاب في الردّ على محمد بن عبد الوهّاب»، وقال عنه مفتي الحنابلة الشيخ محمد بن عبد اللّه النّجديّ إنّ أبا محمد بن عبد الوهّاب كان غاضباً عليه، «لأنّه لم يهتمّ بالفقه، معناه أنّه ليس من المبرّزين بالفقه، ولا بالحديث، إنّما دعوَتُه الشّاذة شهرتْه، ثمّ أصحابه غللوا في محبّته فسمّوه شيخ الإسلام»،‏

- 2 -‏

نعيد ذكر موقف الوهّابيّة من المرأة لنطّلع على حجم التّشدّد منها، وندرك من خلال ذلك ماذا يعني أن (تعمل) المرأة في بلاد نجد والحجاز، وماذا تعني مطالبتُها أن تقود السيّارة، ذلك المطلب الذي يبدو مُضحكاً بالنّسبة لنا، ولكنّ معرفتنا بأحكامهم الوهّابيّة في المرأة تجعلنا أكثر تقديراً واهتماماً، لأنّه، إنْ تحقّق، فسيعني بداية كسر حلقة من حلقات الفتوى الوهّابيّة، بتعاليمها الظلاميّة،المتشدّدة،‏

يرى ابن باز وهو مَن هو عند الوهّابيّين: «إنّ خروج المرأة إلى العمل ضرب من ضروب الزّنى»،‏

وإذا كانت المذاهب الإسلاميّة متّفقة على أنّ المرأة عورة ماعدا وجهها وكفّيها، فإنّ الوهّابيّة تحرّم ذلك، وهانحن تحمل لنا وسائل الإعلام قبل فترة قريبة أنّ امرأتين من أهل ذلك الرأي، تلبسان الأسود من أعلى الرأس حتى القدم، قد أعيدتا من مطار أوروبّي لأنهما رفضتا أن تكشفا عن وجهيهما لمطابقة صورة جواز السّفر مع حاملته، ولك أن تتصوّر مدى الاصطياد الصهيوني في بلاد الغرب لمثل هذه الحادثة، لتعميمها، ولتصبح هي النّموذج، وهو مايجري تكريسه عبر العديد من وسائل الإعلام في الغرب، والثقافة،‏

أن تختار امرأة ذلك اللباس فهو شأن يعنيها، أمّا حين يكون نصّاً، أو فتوى دينيّة، فذلك أمر آخر، وعلى المرأة التي تختار ذلك، أو يُفرض عليها ألاّ تضع نفسها، و(الإسلام) معها في مأزق يتندّر به الغربيّون،‏

لقد كانت المرأة تجلس سافرة في مجالس الرّسول، و«حديث خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء» معروف مشهور، فأيّ انزياح هذا عمّا هو متّفق عليه بين المسلمين،؟!!‏

- 3 -‏

تلتقي الوهّابيّة مع اليهوديّة، من حيث العقيدة، في أنّ كليهما يقول: بتجسيم الذّات الإلهيّة، جلّت وعلت، ونستطيع القول إنّ هذه مشكلة فكريّة نظريّة بحتة، أمّا حين تصدر أراء لها صفة الفتوى، في مسألة الصراع العربي الصهيوني فلا بدّ من التّوقّف، والمراجعة، والتّساؤل، بل والاتّهام، أيّاً كان موقع القائل، لأنّ الموقع لايحمي الذين ينحرفون عن نهج المواجهة، وإلاّ لَحمت المواقع الذين فرّطوا، ويفرّطون بقضيّة الصراع العربي الصهيوني، ولعلّ فيما سنقرؤه مايجيب على السؤال:‏

«لماذا لم تقم القاعدة، وتفرّعاتها، بأيّ عمليّة ضدّ الصّهاينة المحتلّين في فلسطين»؟!!،‏

يقول عنهم الشيخ فتحي المصري الأزهري:‏

«إنّهم يوالون الغرب، ويمهّدون لتثبيت أقدام المعسكر الغربي في قلب البلاد العربيّة والإسلاميّة، فهم الأيادي الخبيثة التي يحرّكها أعداء الإسلام كيفما يشتهون»،‏

مصداقيّة هذا الكلام ادّعاؤهم أنّهم ذهبوا إلى أفغانستان لمقاتلة الشّيوعيّة الملحدة، وكأنّ الغرب الذي كانوا منذ البداية أداة بيده، يمثّل روح الإيمان الصّافي!!‏

ماسأنقله مأخوذ من كتاب الشيخ فتحي المذكور أعلاه، وعنوانه:» دراسة مقارنة بين عقيدة الوهّابيّة وعقيدة اليهود»، وسأقصر الموضوع هنا، على تلك التّصريحات، أو الآراء التي قيلت فيما يتعلّق بالعدوّ الصهيوني،‏

عن جواز الصّلح مع اليهود الصّهاينة يقول ابن باز:‏

«تجوز الهدنة مع الأعداء مُطلَقة ومؤقّتة إذا رأى وليّ الأمر المصلحة في ذلك، وقد بسط ذلك ابن القيّم وشيخه ابن تيميّة، وننصح الفلسطينيّين جميعاً أن يتّفقوا على الصّلح»،‏

إذاً الأمر متروك لوليّ الأمر، لاإلى مصلحة الأمّة، وبذلك يكون السّادات، ومَن سار على خطّته من أولياء الأمر يسيرون بحسب شرع الوهّابيّة، وينصح الفلسطينيّين بالاتّفاق على الصّلح، لاعلى المقاومة واسترداد الحقوق،!!‏

زعيم الوهّابيّة في الأردن الشيخ الألباني سئل: «هل يجوز للفلسطينيّين العيش في فلسطين»؟ فأجاب: «يجب أن يخرج الفلسطينيّون من أرض فلسطين، ويجب أن يتركوا هذا البلد لليهود»،‏

تُرى ماالذي تريده الصّهيونيّة أكثر من هذا، أن يخرج الفلسطينيّون طوعاً وأن يتركوا فلسطين للاحتلال، وهكذا يوفّرون على إسرائيل أن تقوم بعمليّة ترحيل مازالت تحلم بها منذ زمن طويل، وهي أحد مخطّطاتها الموضوعة في الأدراج، فلمَ المواجهة، الوهّابيّون يتكفّلون بذلك بالإفتاء الشّرعي!!‏

رئيس حزب التّحرير الإسلامي عمر بكري محمد يقول:‏

«بريطانيا بلد لايُضمر العداء للمسلمين، ونحن نعارض أساليب حزب الإخوان، وحملهم السّلاح غير جائز شرعاً، لأنّ الجهاد من اختصاص الخليفة، والأعمال الجهاديّة محرّمة في استراتيجيّة حزب التّحرير، ووجود إسرائيل، يساعدنا على هدف توحيد الأمّة الإسلاميّة، ونحن لانؤمن بالفكر الجهادي وطلاّبنا يحترمون القوانين الضّابطة لسير العمل في الجامعات البريطانيّة»‏

لاندري كيف يكون وليّ الأمر في بلاد نجد والحجاز، وقطر وليّاً، وما هو بوليّ في سوريّة، مثلاً!! وهل يكفي أن يكون وليّ أمر حتى يكون له هذا الحقّ، أليس حقّ الشعب، وحقوق الأمّة أكبر من أولياء الأمور؟‏

بريطانيا بلد لايُضمر العداء للمسلمين، وكلّ مانواجهه الآن، ومنذ أكثر من ثلاثمئة سنة كان ناتج التخطيطات البريطانيّة، ووجود إسرائيل يساعد على توحيد الأمّة الإسلاميّة، وبناء على هذا يجب أن نقدّم لها الشكر، والعرفان، على مالها من فضل في توحيد الأمّة، ولا أدلّ على ذلك ممّا نحن عليه !!‏

إذا تمعنّا في هذه الآراء التي تلبس جبّة الفتوى فسنجد أنّها مفصّلة على قدّ مايناسب مواقف تلك الدّول المنصاعة لعواصم الغرب، والتي أقيمت، كعروش، إن في نجد والحجاز، أو في الأردن، أو في مشيخات النّفط،.. أقيمت لتكون أداة رخيصة في تنفيذ إرادة العواصم الغربيّة المرتبطة بالصهيونيّة، فباسم (وليّ) الأمر كان الصّمت عن السّادات، ولم تكن عزلته إلاّ حركة مؤقّتة للعودة فيما بعد، وباسم وليّ الأمر أُخرج البترول من معركة المواجهة، بل صار من المحرَّم ذكره، حتى لكأنّه لايُستخرج من أرض عربيّة، وعليه يتوقّف دوران الآلة الغربيّة.‏

ماذا تريد الصهيونيّة أكثر من هذا؟‏

رجالات دين يُفتون لصالح وليّ الأمر، ويأمرون بوجوب طاعته، والوليّ يُغدق على الشيوخ من الأموال مايُعيدنا إلى تلك الخطبة التّاريخيّة، «مَن أطاعنا فله هذا، ومن عصانا فله هذا»، وهاهي الخطوات تُستكمَل فوق أرض سوريّة المقاومة، سوريّة التي سمْتها فلسطين، يرسلون إليها كلّ أوغاد القاعدة، ويتكالبون عليها، من جماعة الإسلام السياسي في تركيّا، إلى جماعة الإسلام السياسي في سوريّة، إلى الرّياض، إلى قطرائيل، لإنهاء الدّور السوري المقاوم،‏

أعتقد أنّ التّركيز على فضح هذه الأدوات، وعلى تقديم كلّ مايضعهم تحت المجهر، سياسيّاً وفكريّاً هو أحد الواجبات التي يُفترَض أن نقوم بها الآن، ولا بدّ من استكمالها عبر رؤية وطنيّة قوميّة شاملة‏

aaalnaem@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية