تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نَهَلوا من خزائِنها فدلَّتْ على مكانتهم..

ثقافـــــــة
الخميس 5-7-2012
 هفاف ميهوب

«الكتابْ.. نِعمَ الدخرةِ والعدَّة, ونعمَ الجليس والعمدة, ونعم القرين والدخيل. هو وعاءٌ مُلئَ علماً, وإناءٌ شُحن فرحاً وجَدَّاً, وإن شئتَ ضحكتَ من نوادره وإن شئتَ عجبتَ من غرائب فوائده»..

كلماتٌ, قالها أديبٌ كان من أكثر أدباء العرب ملازمة وصداقة للكتاب. أديبٌ, لم يكن يكتفي بقراءة كتابٍ أو كتابين في اليوم الواحد, ليسعى طالباً المزيد من دكاكين الوراقين التي كان يبيتُ فيها قارئاً حتى الصباح.. إنه «أبو عثمان عمر بن بحر» المُلقَّب بـ «الجاحظ».‏

لولا الكتب لبَطُلَ العلم وغلبَ النسيان‏

< أبو عثمان عمر بن بحر.. «الجاحظ»:‏

لقد كان من كبار أدباء العصر العباسي, وعُرف عنه بأنه طلب العلم منذ نعومة أظفاره, وكان ميله واضحاً إلى القراءة والمطالعة التي رافقته طيلة حياته وإلى أن بات من أشهر وأغزر ذاك العصر قراءة واهتماماً بالكتاب, ذاك الذي بلغ تعلقه به حداً كان السبب في موته, وكان ذلك حين جلس ذات يوم في مكتبه يطالع بعض الكتب التي سقط رفٌّ منها فوق رأسه فأرداه قتيلاً.‏

بيد أن نهمه للمعرفة, دفعه وبالإضافة إلى اتصاله بالثقافة العربية للاتصال بغيرها (فارسية, يونانية, هندية) ومن خلال مناقشة مترجمين وأيضاً قراءة الكثير من الأعمال المترجمة وبما جعله من أكثر الأدباء اعترافاً بفضل الكتب التي قال عنها:‏

«لولا الكتب المدوَّنة والأخبار المخلَّدة والحِكم المخطوطة, لبطل العلم وغلب النسيان على سلطان الذكر, فالكتاب هو الذي قيد على الناس كتب علم الدين وحساب الدواوين. صامتٌ إذا أسكتّه وبليغٌ إذا استنطقته»..‏

خيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ‏

< أحمد بن الحسين «المتنبي»:‏

يُعتبر من أعظم شعراء العرب وأكثرهم تمكناً باللغة العربية, فلقد اعتنى والده بتربيته منذ طفولته, فأدخله مدرسة بالكوفة تعلَّم بها الفلسفة والعلوم, لينتقل بعدها إلى الشام ويأخذ من أشهر اللغويين والأدباء, وإلى أن بات غزير العلم عظيم الإطلاع.‏

كل هذا جعل منه شاعراً يمدح نفسه أكثر مما يمدح أي شيءٍ آخر, ودون أن ينسى دور الكتاب الذي كان سريعاً في حفظه, حكيماً في اختيار ما يفيده منه, ما جعله يعتمده كأفضل من يجالسهم قائلاً:‏

أعزَُّ مكانٍ في الدُنى سرج سابحٍ‏

وخيرُ جليسٍ في الأنامِ كتابُ‏

آثرتُ القامة بدار العلم‏

< أحمد بن عبد الله «المَعَرّي»:‏

لم يمنعه فقدان بصره من طلبِ العلم, ودراسة فنون اللغة والأدب والقراءة والحديث, وهو ما لم ينهل منه في مسقط رأسه معرة النعمان فقط, ذلك أنه انتقل إلى طرابلس الشام, وبهدف التردُّد على خزائن الكتب ينهل منها ويروي ظمأه من علومها وأيضاً يحفظ ما فيها.‏

بدأ شعره ينتشر بعد أن ذهب إلى بغداد واتصل بخازن الكتب فيها, وإلى أن أضحى من الشعراء المميزين والعلماء البارزين, ومن خلال سعيٍ قال فيه: «وأحلفُ, ما سافرتُ أستكثر من النشبِ ولكن أثرتُ الإقامة بدارِ علمٍ «..‏

أما في شعره, فنختار ما أكَّد سعيه لطلب العلم ونهمه للمعرفة, وبقسمٍ هو:‏

لعمركَ ما غادرتُ مطلعَ هضبةٍ‏

من الفكرِ إلا وارتقيتُ هضابا‏

أخيراً‏

خير ما نختم به احتفاءنا بيومِ الكتاب, قول أمير الشعراء «أحمد شوقي»:‏

أنا منْ بدَّلَ بالكتابِ الصحابا‏

لم أجـدْ لي وافياً إلا الكتــابا‏

صاحبٌ إن عبتهُ أو لم تعبْ‏

ليس بالواجدِ للصاحبِ عابا‏

صحـبةٌ لم أشكُ منها ريبة‏

وودادٌ لـم يــكلِّفني عِتــابـا‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية