|
شؤون سياسية ولن نأتي بجديد إذ نقول.. إن ما يجري في غزة ليس سوى حلقة من سلسلة طويلة من الإجرام الإسرائيلي ضمن منظومة استراتيجية متكاملة وضعها هذا الكيان المصطنع لإبادة شعب فلسطين من احتلالها في العام 1948 وكسر إرادته وصموده وانتزاع روح المقاومة من أبنائه, وبقدر ما كانت تزداد وتيرة الإرهاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين بقدر ما كانت تترسخ روح النضال والمقاومة عند الشعب الفلسطيني, وهو ما أثبته صمود هذا الشعب طوال 60 عاماً وما يزيد أمام المجازر الصهيونية المنظمة المنقطعة النظير, بدءاً من مجازر دير ياسين واللد والرملة وقبية والدوايمة ونابلس و حمام الشط وجنين ورفح مروراً بالمجازر التي ترتكب اليوم في غزة أكبر مختبر للتجارب البشرية في التاريخ. غزة اليوم تنتظر اجتياحاً عسكرياً إسرائيلياً واسعاً في أي لحظة لطالما هدد وتوعد به أولمرت وباراك على نحو(يضمن ردعاً إسرائيلياً حقيقياً في مواجهة حماس بأي ثمن حتى ولو بثمن باهظ يدفعه المدنيون) بحسب ما نقل عن وزير ما يسمى بالأمن الداخلي الإسرائيلي (آفي ديختر). وإذا كان العدوان على غزة بهدف استئصال روح المقاومة منها هدفاً إسرائيلياً معلناً تسعى حكومة العدو لتحقيقه منذ مدة طويلة بعد تأجيله عدة مرات, فإنه بات اليوم ضرورة حتمية وملحة تفرضه الظروف الداخلية الإسرائيلية والفلسطينية والدولية, باعتباره طوق نجاة لحكومة أولمرت المأزومة داخلياً وكونه يحقق لإسرائيل رزمة أهداف دفعة واحدة. أول هذه الأهداف هو التنصل الإسرائيلي من الاتفاق الذي تم مع الجانب الفلسطيني لبدء مفاوضات الوضع النهائي, وهو ما يبدو صحيحاً بالنظر إلى خوف أولمرت من انهيار الائتلاف الحكومي ولا سيما بعدما هددت الأحزاب اليمينية المتطرفة بالانسحاب من الحكومة, إذا قررت الأخيرة المضي قدماً في هذه المفاوضات. ثانياً: قطع الطريق على أي محاولات للتقارب بين حركتي فتح وحماس وإرغام سكان غزة على إسقاط حكومة حماس, وهو ما أعلنه ايهود أولمرت صراحة عندما قال مؤخراً (إن رسالة إسرائيل إلى سكان قطاع غزة,هي أن السلطة التي انتخبوها لتحكمهم هي المسؤولة عن أوضاعهم الصعبة وعليهم التحرك لإسقاط حماس عن الحكم). ثالثاً: البحث عن أي انتصار مزعوم في المنطقة وفي كل الاتجاهات يعيد الهيبة للجيش الإسرائيلي التي سحقتها المقاومة اللبنانية في حرب تموز, والتي أقرها رسمياً تقرير فينوغراد الأخير. رابعاً: توليد قوى ضغط داخلية لدى الفلسطينيين تدفعهم للهجرة,وحمل الصامدين منهم في وطنهم على الانصياع لمشيئة الاحتلال والتعامل مع الحلول الإسرائيلية المطروحة لحل مشكلتهم,على النحو الذي يجري فيه إجهاض تطلعاتهم الوطنية وإلحاقهم بعجلة الاحتلال ولعلنا ندرك أهمية هذا الهدف الإسرائيلي الذي يسعى للضغط على الفلسطينيين لدفعهم إلى الهجرة, عندما نعلم أن الإحصاءات الإسرائيلية والفلسطينية قد أظهرت مؤخراً أن نحو 11 ألف فلسطيني يهاجرون من المناطق الفلسطينية كمتوسط سنوي خلال السنوات الست الماضية, وحسب معطيات وزارة الخارجية الفلسطينية تقدم 45 ألف طلب للهجرة منذ أواسط 2006 للممثليات الدبلوماسية الأجنبية في الأراضي الفلسطينية غالبيتهم من المثقفين ورؤوس الأموال. إن الصمود الاسطوري للمقاومة الفلسطينية بوجه الإرهاب الإسرائيلي طوال 6 عقود وأكثر, يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المشروع الاحتلالي والعنصري الذي قامت عليه إسرائيل سينهزم كما انهزم على الدوام طوال هذه السنوات, وسيفشل بانتزاع روح المقاومة والنضال من قلب وعقيدة الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب العربية, ونحن على يقين من اندحار إسرائيل في غزة كما اندحرت في لبنان, وستبقى غزة بطلة وإسرائيل مهزومة. |
|