تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كوسوفو..بين المشروع والشرعية الدولية

نوفوستي
ترجمة
الاربعاء 27/2/2008
ترجمة:د.ابراهيم زعير

وأخيراً أعلن إقليم كوسوفو انفصاله عن صربيا وتكوين دولة خاصة مستقلة.وينظر المجتمع الدولي كم دولة ستعترف بهذا الاستقلال الذي تم تحت الأجندة الأمريكية والغربية.

وبغض النظر عن اعتراف العديد من الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة بهذا الاستقلال,إلا أن ذلك لن يكفي لكي يغدو هذا الأقليم عضواً كامل الحقوق في المجتمع الدولي,وقبوله في منظمة الأمم المتحدة,لأن ذلك يواجه بعض الإشكالات القانونية.‏

فطبقاً للمادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة,تنص على أن العضوية في (الأمم المتحدة) متاحة لجميع الدول المحبة للسلام,والتي تأخذ على عاتقها الالتزام بالمبادىء التي يتضمنها الميثاق,والتي ترى هيئة الأمم المتحدة أنها قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات (المبادىء) وراغبة في ذلك.‏

ويبدو أن كل شيء واضح هنا وقابل للتطبيق تماماً (ليس مهماً كيف ستنفذ كوسوفو هذه الالتزامات,وإنما المهم من سيقيم أداءه لها).‏

ولكن البند التالي لنفس المادة الرابعة يقول:(إن قبول أي دولة من هذه الدول في عضوية(الأمم المتحدة) يتم بقرار من الجمعية العامة بناءً على توصية من مجلس الأمن).‏

وبما أن مجلس الأمن يرى فيه مفعول حق النقض(الفيتو)فإن مسألة عضوية أي دولة في الأمم المتحدة تحتاج إلى موافقة هذه الهيئة الرئيسية للأمم المتحدة.‏

وليس في مقدور حتى الهيئة العليا للأمم المتحدة,جمعيتها العامة التي تعقد دوراتها كل سنة,أن تلتف على مجلس الأمن.‏

صحيح أنها تتخذ قراراتها بالأغلبية البسيطة من الأصوات ولكنها غير مخولة بالنظر في القضايا المتنازع عليها إلا بطلب من مجلس الأمن.وهو الشرط الوارد في المادة ال12 من ميثاق المنظمة.أما قضية كوسوفو فهي قضية موضع نزاع,ومن غير المرجح أن يتمكن مجلس الأمن من البت فيها,لأن روسيا تستطيع أن تنقض أي قرار لا يروق لها بشأن كوسوفو.‏

وتبقى الصين العضو الدائم الآخر في مجلس الأمن موقفاً مشابهاً وإن أكثر هدوءاً من روسيا.ولا سيما أن الصين تواجه منذ أكثر من ستين عاماً مسألة الاعتراف الدولي بتايوان (فورموزا),ومن الصعب أن تقبل بأي حل وسط بهذا الشأن,وخاصة أنه ليس في مصلحتها,خلق سابقة خطرة في هذا المجال.‏

وعلى الأرجح يتعذر على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ موقفاً موحداً بهذه المسألة,وإلا فسيكون ذلك خرقاً لمبدأ الاجماع في اتخاذ القرار.فمعروف أن عضوين في الاتحاد على الأقل(اسبانيا وقبرص) لا يقبلان الاعتراف الرسمي بكيان كوسوفو فكيف إذا كان هناك عدة دول لا تعترف بهذا الاستقلال?.‏

وهذا يعني أن جهود أنصار الاعتراف سوف يقتصر على تشكيل مجموعة هلامية الشكل غير قانونية من الدول المتعاطفة مع كوسوفو.ولكن ثمة جهو د محفوفة بعواقب يتعذر التنبؤ بها مستقبلاً لأن بعض البلدان التي تتطلع إلى العضوية في الاتحاد الأوروبي لا تستطيع أن تشاطر الأغلبية موقفها هذا إلا على حساب مصالحها الذاتية ومنها جورجيا وأرمينيا وأذربيجان,التي لديها مشكلاتها المشابهة لمشكلة كوسوفو?!.‏

إن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية وغيرها في مختلف أرجاء العالم التابعة لها بهذا الشكل أو ذاك أو التي وجدت في خطوة كوسوفو مناسبة لاتخاذ مواقف مشابهة في مناطق لها أقلياتها العرقية فيها,فإن مثل هذه المواقف تبدو وكأنها غريبة جداً من وجهة نظر القانون الدولي المعمول به حالياً.‏

وبالتالي لن تكون عوضاً عن الأمم المتحدة,وتعتبر خارجة على السلطة التشريعية للمجلس الأوروبي ولمؤسساته القضائية مثل المحكمة المعنية بحقوق الإنسان.‏

وإن اعتراف عدد من الدول باستقلال كوسوفو لن يسمح لهذا الإقليم باجتياز الموانع التي تعترض طريقه إلى الاعتراف الدولي الحقيقي ولن ينصبه في إطار القانون الدولي.‏

وفي جميع الأحوال سيبقى كوسوفو منطقة حرة من كل الالتزامات الدولية والقانون الدولي والقرارات الدولية الخاصة بهذا الأقليم وخاصة القرار 1244 الذي يقر حرفياً بأن كوسوفو إقليم صربي بالكامل..‏

يتهرب أعضاء أنصار انفصال كوسوفو غير الرسمي حتى الآن من الإجابة عن هذه التساؤلات بل يتظاهرون وكأنها غير موجودة.ويبدو أن الغرب بات يعول على مشيئة الأقدار أملاً بأن تحل كل المشكلات من تلقاء ذاتها.‏

تتركز جهود (أصدقاء) كوسوفو اليوم على دحض الحجج الروسية التي تؤكد أن الاعتراف بكوسوفو يشكل سابقة خطيرة بالنسبة لأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.فيحاولون إقناع موسكو بأن ذلك لا يدعو للاعتراف بأي كيان آخر زاعمين أن قضية كوسوفو,فريدة من نوعها وليست سابقة.وقد تكون هذه الرؤية مقبولة لو كانت نزيهة وخالية من الأغراض والمطامع السياسية الغربية ولو كانت شاملة لكل القضايا المشابهة.‏

صحيح أن قضية كوسوفو فريدة وغير مسبوقة إلا أن قضيتي أنجازيا و أوسيتيا الجنوبية لا تقلان عنهافرادة.وكل هذا صحيح أيضاً بالنسبة لكاراباخ وبريد نيستروفيه.‏

ناهيك عن فرادة قضية تيمور أو إرتيريا وغيرهما الكثير.ويصبح فعلاً القول المأثور إن كل الدول غير المعترف بها لم تحظ بالاعتراف لأسباب فريدة,بينما كل الدول المعترف بها حظيت بالاعتراف الدولي بطريقة مماثلة ألا وهي الطريقة المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية