|
رؤيـــــــة أما يوهان فك فيرى أنه لا يزال للعربية وزنها وثقلها ومركزها العالمي، وهذه حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها، وحتى مطلع القرن العشرين بقيت العواصم العربية ومنها بيروت تنشىء جمعيات لتنشيط اللغة العربية والعناية بالضاد، تستقطب الأدباء والشعراء من كل حدب وصوب، لتكون لغتهم حصناً منيعاً ودرعاً يحمي ثقافتهم وحضارتهم التي بدأت تتعرض للغزو الثقافي والاستلاب. لكن ما الذي حصل للعربية اليوم؟ ما جرى مؤخراً في إحدى أهم الندوات الثقافية يعكس واقع الحال المتردي الذي وصلت إليه، وعقوق أبنائها للغتهم الأم والتنكر لها، إذ إنها أصبحت موضع سخرية واستهزاء من قبل أحد العاملين في الشأن الثقافي حين عاب عليه زميله تحدثه بالعامية فأجابه ساخراً أمام الجميع: «في الحقيقة»، ولم يكتف بذلك لنجدها بحرفيتها منشورة في اليوم التالي في الصحيفة التي يعمل بها، ويفترض أنها تحمل الضمير المتصل (نا) للبلد الذي نفخر ونعتز أن المواطن السوري فيه يتحلى بوعي قومي وأصالة وانتماء إلى أمته العربية، ولا يزال يتمسك بلغته التي هي عنوان حضارته ووطنه الروحي، يبدو أن المؤسس الأول لمجمع اللغة العربية الأستاذ محمد كرد علي كان محقاً حين وصف من يهجر لغته عامداً متعمداً بالقول: «اللغة أول مظهر من مظاهر القومية، ومن ضعفت ملكته فيه، وفي وسعه إحكامها، كان الهمج الهامج سواء». |
|