تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ســــــعد غيـــر ذابـــــح يدشِّــــن خمســــــينية الشـــــتاء

استراحة
الجمعة 6-2-2009م
محمد قاسم الخليل

بدأت خمسينية الشتاء مع بداية شهر شباط، ولهذه الفترة من السنة اهتمام شعبي نظرا لارتباط هذه الفترة بالأمطار وانخفاض درجة الحرارة ، ويقسم فصل الشتاء في الموروث الشعبي إلى قسمين: الأول أربعون يوماً يسمونه أربعينية الشتاء وتبدأ من الحادي والعشرين من كانون الأول وتستمر حتى نهاية شهر كانون الثاني.

والقسم الثاني من الشتاء خمسون يوماً ويطلقون عليه خمسينية الشتاء وتبدأ من الأول من شباط وتستمر حتى الثاني والعشرين من آذار.‏‏

وقسم الأقدمون الخمسينية إلى أربعة أقسام يسمى كل قسم سعداً مدته اثنا عشر يوماً ونصف اليوم وهي حسب ترتيبها:‏

سعد الذابح ويبدأ في الأول من شباط ويكون برده شديدا.‏

سعد بلع في الثالث عشر من شباط ويكون مطره غزيرا.‏

سعد السعود في السادس والعشرين من شباط ويستعد فيه للإزهار.‏

سعد الخبايا في العاشر من آذار.‏

وقد وضع الأقدمون هذه التقسيمات بناء على الاستقصاء والملاحظة, بعيدا عن التقويم العربي القمري المعمول به منذ الجاهلية، وغالبا هذه الدلالات كانت للتعبير عن شدة البرد أو بدء الدفء، وقبل أن تأخذ البلاد العربية بالتقويم الأوروبي ‏كانت تقسيمات الخمسينية تحسب وفق منازل القمر والمطالع النجمية.‏

واستنادا إلى هذا التقسيم تفتتح الخمسينية بسعد الذابح, وقد أطلق على القسم الأول منها سعد ذابح نظرا لاشتداد البرد فيه، وجاء في الأمثال الشعبية (سعد دابح البرد فيه دابح) ويأتي في الفترة الواقعة بين أول شهر شباط حتى الثالث عشر منه.‏

هانحن اليوم في منتصف سعد الذابح، ومع ذلك لا نشعر بذلك البرد القارس المفترض أن يلسع الناس في مثل هذا الوقت من العام، وقد هبت بعض الرياح الباردة في اليوم الثاني منه ولكنه في اليوم الثالث كان أقرب إلى فصل الصيف منه إلى فصل الشتاء، وهو عكس ما حدث في العام الماضي من برد شديد ساد في بلاد الشام والجزيرة العربية.‏

وسبق أن مرت مثل هذه الحالة في منتصف الستينيات، حيث ارتدى الناس الألبسة الصيفية بسبب ارتفاع الحرارة في شباط، ولكن لم يسبق أن مرت المنطقة بسنوات نادرة الأمطار بشكل متوال كما حدث خلال السنوات العشر الأخيرة.‏

وهناك أمثال عديدة في الخمسينية تؤكد اشتداد البرودة ومنها شباط اللباط مالو رباط، والدروة ولا الفروة، وشباط حلف ما يخلي غسيل برا.‏

ولم يصدق من تلك الأمثال سوى المثل القائل: (شباط إذا شبط و لبط روايح الصيف فيه) ، ومن سوء حظنا أن يصدق هذا المثل على فترة سعد الذابح، مع أنه قيل عن أواخر الشهر حيث تبدأ سقوط الجمرات وسريان الدفء.‏

ونتمنى أن يعوضنا سعد بلع عما فاتنا بسعد الذابح، حيث قالوا قديما فيه: (بسعد بلع السما بتمطر والأرض بتبلع) حيث يأتي سعد بلع بعد سعد الذابح مباشرة ويبدأ في الثالث عشر من شباط ويستمر حتى الخامس والعشرين منه.‏

ومن المناسب أن نشير إلى وجود اختلاف في مواعيد بداية ونهاية السعودات في سالف الأيام عند العرب عن التقسيمات الحالية حيث يبدأ سعد الذابح في العاشر من شباط و قالت العرب (إذا طلع سعد الذابح: حمى أهله النابح، ونفع أهله الرابح، ونصح السارح، وظهرت بالحي الروائح)، أما سعد بلع فيبدأ في الثالث والعشرين من شباط وقالوا فيه قديما: (إذا طلع سعد بلع: اقتحم الربع، ولحق الهبع، وظهر بالأرض لمع) واللمع أي العشب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية