تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


توثيق الجريمة.. ممنوع!!

البقعة الساخنة
الجمعة 6-2-2009م
علي نصر الله

وتتوالى أخبار المنع، ففي كل صباح تسمع أو تقرأ أن وفوداً عربية وإسلامية وأجنبية تضم برلمانيين، صحفيين، أطباء، متضامنين... الخ منعت من دخول قطاع غزة، أو مازالت تنتظر لليوم الثالث أو الخامس ليسمح لها بالدخول!!.

السلطات التي تمارس فعل المنع بالتأكيد ليست أمنية، وإنما سياسية بدليل أن وجود هذه الوفود على معبر رفح هو وجود نظامي لا تشوبه شائبة، قد تتعارض مع الاجراءات الأمنية أو مع الأنظمة المعقدة التي تم وضعها مؤخراً، والتي تشتمل على ملء استمارات وتوقيع تعهدات غريبة عجيبة!!.‏

والسؤال: إذا كانت أسباب المنع غير أمنية فهي سياسية إذاً، وطالما هي كذلك يجب اطلاع الرأي العام عليها، فلماذا لا يعلن سبب المنع حتى يُقطع الشك باليقين، أم أن الاعلان من عدمه هو أمر سيادي محض والجهة صاحبة القرار غير ملزمة بالكشف عنه؟!.‏

ربما كان الأمر كذلك لطالما امتلأت الشاشات خلال العدوان الاسرائيلي على القطاع بالتصريحات (السيادية) الهزلية والفارغة التي لا تقنع عاقلاً وتعبر بوضوح عن العجز في شرح أو تسويغ المواقف المخزية التي اتخذت، والتي تؤدي الى إحكام الحصار على غزة، لكن من تابع ويتابع لن يعجز عن استنتاج الأسباب والتعرف عليها. هناك خبران يقول الأول: إن الكونغرس الأميركي يناقش حالياً مشروع قانون رقمه /696/ يطالب عاصمة عربية بتشديد الحصار على القطاع مقابل استمرار تقديم المساعدات لها، أما الثاني فيتحدث عن إجراءات لمنع وعرقلة عمل محطة تلفزيونية عربية في غزة، فهل ثمة رابط بين ذلك وقرار المنع؟!.‏

باختصار.. كل الوفود التي قصدت غزة هدفها واحد هو: التضامن مع غزة وشعبها، وتقديم المساعدة له ومحاولة التخفيف من معاناته، والعمل على توثيق الجرائم والمجازر الاسرائيلية بالأدلة القانونية والطبية والاعلامية، فهل هناك قرار (سيادي) اتخذ هدفه المباشر منع توثيق هذه الجرائم وأهدافه الأخرى يخجل المرء من إعلانها أو ذكرها؟!.‏

على أي حال سواء ثبت وجود الترابط العضوي بين الخبرين إياهما وبين قرار المنع أم لا، فإن مضمون مذكرات وزارة الخارجية المصرية التي تم تعميمها بالقاهرة في 18/1/2009 وما أعقب هذا التاريخ توثق الموقف السياسي والأمني وأسباب المنع تلك، فضلاً عما تضمنته من قرارات لمنع إقامة المشافي الميدانية أو استقبال العائمة منها.. ولابد من الإشارة إلى أن مثل هذا الاجراء قد يؤدي لمنع توثيق الجريمة وأدواتها، وحتى لا يقف الأطباء على الأدلة التي تحملها أجساد الجرحى الفلسطينيين!!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية