تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في الذكرى الثلاثين للثورة الإسلامية .. ندوة حول مستقبل العلاقات العربية- الإيرانية

شؤون سياسية
الجمعة 6-2-2009م
متابعة : د.حيدر حيدر

عندما يمتزج الماضي بالحاضر مضمخاً بعبق التاريخ، تصبح لانتصار الثورة الاسلامية في ايران قبل ثلاثين عاماً، معان ٍ كبيرة، أهمها

تغيير جذري في خارطة الأعداء و الخصوم، فبعد حكم الشاه و السافاك المظلم، وبعد أن كان دور ايران آنذاك حراسة المصالح الأميركية والغربية، قامت الثورة الاسلامية لتعلن أنها تدعم بلا حدود القضية الفلسطينية العادلة، ولتبدأ بمقاومة الدور الأميركي- الاسرائيلي، معلنة احتضانها للمقاومة الفلسطينية. و هكذا بدأت مسيرة العلاقات السورية- الايرانية الناجحة والتي تميزت بعمقها و شفافيتها و تطورها المستمر لصالح البلدين و الشعبين و لصالح قضايا العرب و المسلمين جميعاً.‏

وفي غمرة الاحتفالات بالذكرى الثلاثين لانتصار الثورة الاسلامية الايرانية، و بحضور لافت، عقدت بدمشق ندوة حول مستقبل العلاقات الايرانية، و كانت بمثابة حوار موسع و عميق حول آفاق هذه العلاقات و ضرورة تطويرها في المجالات كافة. وقد تحدث في الندوة كل من السيد فرزات ممدوحي، المستشار السياسي في السفارة الايرانية بدمشق و الدكتور حسين جمعة، رئيس اتحاد الكتاب العرب والأستاذ الياس مراد رئيس اتحاد الصحفيين في الجمهورية العربية السورية و الباحث الدكتور عيسى درويش و الباحث عدنان أبو ناصر رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الايرانية ومن السودان الكاتب سيد اسكندر سوداني.‏

في البداية أكد د. جمعة أن علينا وبعد ثلاثين عاماً على انتصار الثورة أن نستشرف آفاق العلاقات المستقبلية العربية- الايرانية و أن نرسخ القناعات بأننا ننتمي لثقافة واحدة، و نهدف لبناء مصالح مشتركة لأن المشروع الغربي- الصهيوني يريد اجتياح المنطقة، و هو يريد ابتلاعنا دولة وراء دولة. و بالتالي علينا أن نتنبه لما يحاك ضدنا و أن نتخذ من قول ابن المقفع « أكلت يوم أكل الثور الأبيض » مثالاً كي نتوحد و نتصدى لحالة الاستلاب و التشويه، و دعا المحاضر إلى ضرورة قيام ورشة عمل ثقافية- سياسية- إعلامية- علمية- تقنية و أن ننتقل من الكلام إلى الفعل، لإقامة المؤتمرات و الندوات والأسابيع الثقافية و زيادة عدد البعثات ، و إقامة معارض الكتب و فتح أقسام لتعليم اللغتين العربية و الفارسية في جامعات ايران والجامعات العربية . وكذلك الاهتمام بالترجمة و النهوض بها كما نوه د. جمعة إلى ضرورة التوجه نحو الجمهور الواسع، لتصبح الثقافة المشتركة خبزاً يومياً للناس.‏

بدوره أكد السيد فرزات ممدوحي، المستشار السياسي في سفارة الجمهورية الاسلامية بدمشق، أن القواسم المشتركة بين الايرانيين و العرب كثيرة، فمؤامرات الأعداء ينبغي مواجهتها، منوهاً إلى أن الثورة الايرانية تنطلق من سياسة رفض الظلم، و بالتالي فهي ترفض ارهاب الكيان الصهيوني الذي ساهم مع الغرب في إبقاء المنطقة متخلفة و مجزأة ، وبالتالي فقد وقفت الثورة مع الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ، كما أنها بنت علاقات استراتيجية مع سورية ، البلد الصامد و المقاوم للعدوان والاحتلال. و نحن نرى اليوم أن العلاقات العربية الايرانية تتطور، فلنا علاقات جيدة مع السودان و الجزائر و ليبيا، و نحرص على تمتين علاقاتنا مع دول الخليج ودول المغرب العربي، أسوة بعلاقاتنا مع سورية لتحقيق التوازن في المنطقة بمواجهة أعدائنا المشتركين، و نوه السيد ممدوحي بأهمية الندوة آملاً أن تؤسس لمؤتمر الحوار الشامل العربي- الايراني و إيجاد أنجع السبل لبناء أوثق العلاقات بين العرب وايران.‏

أما الكاتب سيد اسكندر سوداني من السودان بين أن للسياسة الخارجية الايرانية ميزات و خصائص ، و أن الثورة الاسلامية أعادت إيران إلى بيئتها و مسارها الطبيعي، وهي تتوجه للتعاون مع دول المنطقة وترفض مشاريع الهيمنة الأميركية وتدعم شعوب وحكومات المنطقة ضد المحتل الاسرائيلي الغاصب ثم تحدث الباحث الدكتور عيسى درويش عن العلاقات السورية الايرانية من منظور عربي- ايراني منوهاً بأن التاريخ المشترك الذي يجمعنا هو أكبر بكثير من محاولات الأعداء لتفريقنا. وأسهب الباحث بالحديث عن التاريخ القديم المشترك قبل الاسلام وبعده ، مؤكداً أن الطرفين تعاونا عبر التاريخ ضد الغزوات الخارجية.‏

وانتقل د.عيسى درويش إلى عصرنا الحاضر مؤكداً أن الحس الاستراتيجي للقائد الراحل حافظ الأسد، الذي سارع لدعم الثورة الاسلامية الايرانية ،لأنها رديف استراتيجي وعمق استراتيجي للعرب وقضاياهم العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.‏

وذّكر المحاضر بأن الإمام آية الله الخميني قائد الثورة الاسلامية في ايران أكد أن الانتصار اليوم في ايران وغداً في فلسطين.‏

وفي ختام حديثه أكد الباحث على عمق العلاقات السورية -الايرانية وبأنه نموذج يحتذى ،وكما أنها ينبغي أن تتطور باستمرار وأن تشمل المناحي كافة الاقتصادية والسياسية والثقافية..‏

كما قال بأن العلاقات العربية - الايرانية واعدة، وينبغي تعميق الحوار، لخلق فضاء عربي- اسلامي.‏

وقد تحدث رئيس اتحاد الصحفيين الأستاذ الياس مراد عن مستقبل العلاقات الايرانية- العربية، وأنها في اتجاهين فهي تتوجه نحو الحكومات ونحو الشعوب، مؤكداً أن العلاقة السورية- الايرانية ترسخت بفضل الرؤية الاستراتيجية للقائد الراحل حافظ الأسد، الذي فهم بعمق مضامين الثورة الايرانية. مؤكداً أن سورية لعبت دوراً مهماً في تحسين المناخ العربي- الايراني. وأن التعاون السوري الايراني ، حصن المنطقة ضد مؤامرات الصهاينة والغرب عموماً وأن استقرار هذه العلاقات تجلى بدعم المقاومة في لبنان وفلسطين.‏

وأجاب مراد على تساؤل حول كيفية استمرار العلاقة السورية الايرانية بهذه المصداقية ، فأكد أنها تقوم على الصراحة المتبادلة والمصالح المشتركة والتركيز على المشترك وعلى التعاون أو بالنسبة لمستقبل العلاقات العربية - الايرانية و أكد رئيس اتحاد الصحفيين على دور الصحفيين والاعلام في دعم هذه العلاقات والرد على الحملات الاعلامية المغرضة، التي تخدم أعداء أمتنا العربية والاسلامية، فبعد فشلهم في لبنان والعراق، جاء انتصار المقاومة في غزة، وهم يحاولون خلق صراع عربي - ايراني، لكنهم سيفشلون في مساعيهم، لأن علاقاتنا بإيران استراتيجية وهي تهدف إلى مواجهة العدوان والاحتلال وبناء الاستقرار والتنمية لشعوب المنطقة.‏

أخيراً أكد الباحث الفلسطيني عدنان أبو ناصر، أن الثورة الايرانية كان شعارها دوماً قول الإمام علي كرم الله وجهه « كونوا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً» . فالثورة قامت لمقاومة الظلم ونصرة المظلوم. وكان موقفها من القضية الفلسطينية مثالاً ونموذجاً يحتذى فقد طردت الثورة لدى اندلاعها ، السفير الصهيوني من طهران و أقامت سفارة لفلسطين ، كما اعتبر الإمام آية الله الخميني الجمعة الأخيرة من رمضان يوماً عالمياً للقدس، ومنذ وطئت قدماه ايران عام 1979م قال «اليوم ايران وغداً فلسطين» وأكد أبو ناصر أن ايران تقيم كل عام مؤتمرات للقدس والانتفاضة، وهناك عشرات المنظمات الأهلية الايرانية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني.‏

وأخيراً نوه الباحث إلى ضرورة إقامة علاقات شعبية لتكون صمام أمان للشعبين العربي الفلسطيني والايراني مؤكداً أن تأسيس جمعية الصداقة الفلسطينية - الايرانية والتي مضى على قيامها عام ونصف العام ، يساهم في تطوير وتوطيد العلاقات العربية- الايرانية لأن إقامة جمعيات صداقة عربية ايرانية، ضروري للغاية لمستقبل أفضل لهذه العلاقات، واقترح أبو ناصر على الملتقين في الندوة، اعتماد ورقة عمل للتفكير بتطوير العلاقات العربية -الايرانية، واعتبار أن العلاقة السورية- الايرانية نموذج يحتذى وهي صمام أمان للقضية الفلسطينية.‏

وضرورة عقد مؤتمر عام للحوار العربي- الايراني ، يشمل العلماء والمثقفين والاقتصاديين والسياسيين لتطوير وتعميق العلاقات العربية الايرانية في المجالات كافة. وكذلك إقامة ملتقيات شعبية - شبابية- نسائية...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية