تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وسيط دارفور الجديد .. هل ينجح في إتمام مهمته؟

شؤون سياسية
الجمعة 6-2-2009م
محمد كشك

ذات الترحيب الذي وجده مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى دارفور السابق «يان الياسون» قبل نحو عامين،

عندما تم تعيينه في المنصب يتكرر مرة أخرى مع الوسيط الجديد لدارفور، وزير خارجية بوركينا فاسو السابق «جيريل بارسول» الذي عين مؤخراً، وهي بداية جيدة لوسيط يحاول لملمة وحل أكثر القضايا السياسية والأمنية تعقيداً في العالم... ولاسيما أن الحكومة السودانية أعلنت تعاونها مع الوسيط الجديد لتسهيل أعماله وإنجاح مهمته، وعلى عكس سلفه الافريقي مبعوث الاتحاد الافريقي «سالم أحمد سالم» كان الترحيب والقبول «بعضه كاملاً وبعضه متحفظاً» من الحركات المسلحة في دارفور ولاسيماالرافضة منها لاتفاقية أبوجا والموقعة عليها - فيرى البعض أن تكون مبادرات الوسيط مبنية على إتفاقية أبوجا وليس على حسابها (اتفاقية أبوجا مرجعية لكل مبادرة سلام أخرى في دارفور) وطالبت بعض الحركات أن يكون الوسيط منفتح الذهن على طبيعة الأزمة في الاقليم ولا يكرر تجربة من سبقوه، وبالرغم من الترحيب بالوسيط الجديد... فإنه في نظر بعض المراقبين للأزمة سيجد مشقة هائلة في مهمته التي سبقه إليها كثيرون وآخرهم رديان الياسون السويدي، الذي استقال من المنصب بعد شعوره بالإحباط، حسبما أشار به في أحاديث صحيفة (أشعر بالإحباط الشديد لعدم استطاعتي فعل شيء إزاء المهمة التي بصددها صارت الأوضاع أكثر تعقيداً مما كنت أتخيل في دارفور).‏

والشعور بالإحباط صار سمة ملازمة لكل من يمسك ملف الأزمة في دارفور وكأنها لعنة تطارد كل من يمسك بهذا الملف،ففي وقت سابق أعلن المبعوث الأمريكي السابق لدارفور «اندرونا تسيوس» استقالته من منصبه بعد أن قال إنه يشعر بالاحباط، يقول «جورج أولاً» وهو المنسق الإعلامي لفريق الوساطة الدولية، إنه وبحكم قربه من الوسطاء، فإن هناك مشكلات كبيرة تواجه هذه الوساطة، وأكثرها تعقيداً هي تباعد المواقف السياسية بين أطراف الأزمة في الأقليم وأوضح «أولاً»:‏

إن مهمة الوسطاء الأساسية هي تهيئة الأجواء السياسية والأمنية، لكي يجلس الفرقاء على طاولة حوار واحدة، ويستند الوسيط الجديد «بارسول» (51عاماً) الذي تولى حقيبة الخارجية في بلاده في العام 2007 بعد أن أخلى حقيبة الأمن التي أسندت إليه في العام 2000 - على خبرة جيدة في مجال التوسط لإنهاء النزاعات في عدد من بلدان القارة الافريقية - ولاسيما في غرب إفريقيا خاصة تلك التي قامت بها بلاده لإنهاء النزاع في ساحل العاج.‏

لكن بارسول سيواجه واقعاً معقداً ومأزوماً كما قال بذلك قائد القوات المختلطة بدارفور الجنرال «لوثر أغواي» وتعتبر الحكومة أنه دون دعم من المجتمع الدولي للوسيط الجديد فإن الوساطة ستكون فاشلة، يقول الناطق الرسمي باسم الوزارة السودانية علي الصادق: رغم أن الأمل كبير في أن يصلح المبعوث الجديد فيما فشل فيه الوسيطان بجمع فصائل دارفور حول مائدة التفاوض بهدف من التوصل لاتفاق سلام نهائي يحقق الأمن والاستقرار ويساعد في عودة النازحين واللاجئين لديارهم، ولكن إن لم تنحل الدول الكبرى من عدم المبالاة واستمرارها على دور المتفرج دون تزويد الوسيط الجديد بكل ما تملك من الأسلحة السياسية وممارسة الضغوط على الحركات الرافضة، ومساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، فإن العملية بكل المقاييس غير ناجحة، بينما يعتقد بعض الخبراء في دارفور أن كثرة الوساطات والوسطاء هي أحد أسباب تفاقم الأزمة في دارفور، وأضافوا أنهم مع فكرة تعيين وسيط جديد للأزمة بدلاً عن الوسيطين السابقين لجهة عدم تشتت الجهود، فيما كان يتوقع البعض أن يتم تعيين وسيط من إحدى الدول الأوروبية، لأن الأفارقة الذين كانوا ممسكين بملف الأزمة في دارفور يعانون من وجهة نظرهم من ضعف الشخصية كذلك وهناك من يشكك في قدرة الوسيط الجديد على اختراق الملف السياسي بين الحكومة والحركات.ويرى أن هنالك عدة عوامل يجب أن تتوفر في الوسيط وهذا ما جعل الوسيطين السابقين يفشلان في مهمتهما، وأهمها: المعرفة الجيدة بطبيعة الصراع والمنطقة إلى جانب عامل اللغة، وأردف أن الوسيط الجديد بالرغم من أنه إفريقي، ولكن ثقافياً وعرقياً بعيد عن دارفور، لذا سيكون الاختيار أفضل إن كان من إحدى دول شمال إفريقيا على حد تعبيره.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية