تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في الصحافة الإسرائيلية...يديعوت أحرونوت: الخـــلاف حــول فترة تجميد الاســتيطان

ترجمة
الأربعاء 26-8-2009م
إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة

لاتزال مسألة الخلاف بين حكومة نتنياهو وإدارة الرئيس أوباما فيما يتعلق بموضوع تجميد الاستيطان في الضفة الغربية تتفاعل في الساحة السياسية الاسرائيلية،

بينما تلعب الصحافة الاسرائيلية دورا بارزا في الجدل القائم داخل الساحة الاسرائيلية حول تأثير وتداعيات هذا الخلاف على العلاقات الاستراتيجية الأمريكية- الاسرائيلية، ففي الوقت الذي يظهر فيه نتنياهو وحكومته موقفا متشددا حيال هذا الموضوع، تقول أوساط سياسية مقربة من حزب كاديما، إن إدارة أوباما عازمة على التوصل الى صيغة مع اسرائيل يتم خلالها تجميد الاستيطان لمدة سنتين قي مقابل الدخول في مفاوضات مع السلطة الفلسطينية حول تسوية نهائية لقضايا الحل النهائي، على ان يقوم العرب خلال ذلك بالتطبيع الكامل مع إسرائيل.‏

وتقول مصادر إعلامية إسرائيلية: إن نتنياهو حاول خلال الأشهر الخمسة الماضية دفع دوائر اللوبي الإسرائيلي إلى القيام بحملة استباقية لتخفيف حدة الصراع المحتملة على الأقل إن لم يكن من الممكن تفاديها، ولهذا صعد حلفاء إسرائيل مثل دنيس روس وفيلتمان وشابيرو وغيرهم من عناصر اللوبي المعنية بعملية صنع قرار السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية، حول تفاصيل السيناريوهات الممكنة لدرء الخلافات مع الإدارة الأمريكية.وقد سعت حكومة نتنياهو بالتعاون مع عناصر اللوبي الإسرائيلي في بادئ الأمر محاولة دفع الإدارة الأمريكية باتجاه اعتماد استراتيجية تعطي الأولوية للملف الإيراني ثم التفرغ بعد ذلك لأزمة الشرق الأوسط عن طريق إعداد الدراسات والتقارير التي تفيد لجهة ذلك ثم تدعيم الأمر بزيارة نتنياهو لواشنطن.‏

عندما رفضت إدارة أوباما الفكرة سعت حكومة نتنياهو إلى تصعيد ملف توسيع المستوطنات بما أدى إلى نشوء أزمة في خط واشنطن– تل أبيب والتي ما زالت قائمة حتى الآن، إضافة لذلك سعت حكومة نتنياهو إلى استخدام ملف المستوطنات للحصول على صفقة تتضمن اتفاقاً مع العرب يقوم على مبدأ: التطبيع مع إسرائيل مقابل وقف إسرائيل لمشروع بناء المستوطنات.ونقل مراسل هآرتس في واشنطن أن عناصر اللوبي الإسرائيلي التابعة لمنظمة الإيباك والتي تمتلك تأثيرا قويا داخل الكونغرس الأمريكي استطاعت أن تحصل بنجاح على تأييد 77 سيناتوراً من جملة أعضاء المجلس البالغين 100 سيناتور، وأكد تقرير المراسل أن الـ77 سيناتوراً وقعوا على خطاب تم إرساله بوساطة مجلس الشيوخ إلى الرئيس أوباما يطالبونه فيه، بعدم التمادي في تشديد الضغوط على إسرائيل.والضغط على الأطراف العربية بما يجعلها تقدم التنازلات لإسرائيل.‏

وأضاف مراسل هآرتس: «إن إدارة أوباما باشرت بالفعل ممارسة الضغوط على الأطراف العربية من خلال قيام المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل بمطالبة العرب وإن كان بشكل غير مباشر بضرورة الدخول فيما أطلق عليه تسمية ترتيبات وإجراءات بناء الثقة مع إسرائيل بافتراض أن هذه الترتيبات ستحفز إسرائيل على تقديم التنازلات في ملف عملية السلام.‏

وكانت بعض الصحف الاسرائيلية، قد ذكرت، أن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل، خلال الأسبوع الأخير، بأن دولتي قطر وعُمان مستعدتان لاستئناف العلاقات مع إسرائيل شريطة أن توافق الأخيرة على تجميد أعمال البناء في المستوطنات في الضفة الغربية. وذكرت صحيفة هآرتس أن إسرائيل لم تعط ردا إيجابيا للولايات المتحدة حول تجميد مؤقت للاستيطان حتى الآن، لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، سيناقش هذا الموضوع مع المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، خلال لقائهما في لندن في 26 آب الحالي.‏

ونقلت هآرتس عن مصدر مقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي قوله إنه: «ليس مؤكدا أن يتم التوصل إلى اتفاق خلال اللقاء القريب مع ميتشل، وربما ستكون هناك حاجة لعقد لقاء آخر قبل افتتاح دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة» في 22 أيلول المقبل. وبحسب الصحيفة فإن نتنياهو مهتم بأن يعلن عن اتفاق لتجميد الاستيطان بصورة مؤقتة خلال لقاء مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على هامش افتتاح الجمعية العامة.‏

غير أن صحيفة يديعوت أحرونوت أفادت بأن الخلاف بين الإدارة الأميركية وحكومة إسرائيل حول تجميد الاستيطان يتمحور حول فترة تجميد الاستيطان، حيث تطالب الإدارة الأميركية بأن تكون المدة سنتين بينما أعرب نتنياهو عن استعداده لتجميد الاستيطان لثلاثة أشهر. وبسبب ذلك يرفض الأميركيون طلبا إسرائيليا بعقد لقاء بين أوباما ونتنياهو. وقالت يديعوت أحرونوت إن مفاوضات سرية جارية في الأسابيع الأخيرة بين مسؤولين في الإدارة الأميركية ومندوبين عن حكومة إسرائيل في محاولة إلى التوصل إلى معادلة متفق عليها فيما يتعلق بتجميد الاستيطان.‏

ويذكر ان المحامي يتسحاق مولخو، مبعوث نتنياهو ومستشاره السياسي، كان قد توجه إلى العاصمة الأميركية واشنطن في السادس عشر من الشهر الجاري، لعقد لقاءات مع مسؤولين في البيت الأبيض وأعضاء في طاقم المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل. وسيعمل مولخو على الإعداد للقاء نتنياهو– ميتشل، المتوقع عقده في 26 من شهر آب الحالي، في لندن. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن مولخو سيحاول خلال لقاءاته في واشنطن تقليص الفجوة في مواقف الدولتين حيال تجميد الاستيطان.‏

وبحسب ما أورده تقرير لمراسل معاريف، فإن مولخو سيبحث مع ميتشل ومساعديه موضوع تجميد أعمال البناء في المستوطنات بصورة مؤقتة. وذكرت صحيفة هآرتس، أن إسرائيل مستعدة لتجميد الاستيطان لمدة نصف عام بينما تطالب الولايات المتحدة بتجميده لمدة عام على الأقل. وأكدت صحيفة يديعوت أحرونوت، أن الولايات المتحدة تطالب بتجميد الاستيطان لمدة عامين، ليتسنى خلالها إنهاء المفاوضات حول حل دائم، بينما أعرب نتنياهو عن استعداده لتجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر. وأضافت يديعوت أحرونوت إن وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، أعرب عن موافقته على تجميد الاستيطان لمدة نصف عام.‏

إضافة الى الخلاف حول تجميد الاستيطان، فإنه بحسب هآرتس، هناك خلاف اخر يسود بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو حول تعريف البؤر الاستيطانية والتي تعهد رئيسا الوزراء الإسرائيليان السابقان، شارون وأولمرت، بإزالتها. إذ يتحدث باراك عن وجود نية بإزالة 26 بؤرة بينما يطالب الأميركيون بإزالة نحو أربعين بؤرة. وقالت يديعوت أحرونوت إن وزراء إسرائيليين اطلعوا على تفاصيل الاتصالات مع الإدارة الأميركية يقدرون أنه سيتم الاتفاق في نهاية المطاف على «تجميد متقطع» للاستيطان لمدة نصف عام، وأن تتم مواصلة أعمال بناء وحدات سكنية تم الشروع بها، وأن الأحاديث عن «الخطة الكبرى» لأوباما ستصطدم بالواقع في الشرق الأوسط ولذلك ستضطر إدارة أوباما إلى الاكتفاء بالاتفاق على خطوات مقلصة من خطتها.‏

ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن «الخطوات التي تسعى إدارة أوباما لتنفيذها من أجل تحريك واستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين والدول العربية قد تم كبحها، حتى الآن على الأقل، لأن لا أحد من الأطراف، أي العرب ونتنياهو على حد سواء، لم يوفروا للأمريكيين الأدوات التي من شأنها أن تمكنهم من استئناف العملية السياسية».‏

ويقول مراسل هآرتس في واشنطن، ان الخلافات بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو بشأن الاستيطان تلقي بظلالها على العلاقات بين حكومة إسرائيل والبيت الأبيض الذي رفض عدة مطالب إسرائيلية بعقد لقاء بين أوباما ونتنياهو. لكن التوقعات تشير إلى أنه في حال ليّن نتنياهو موقفه فإن أوباما سيوافق على عقد لقاء معه على هامش افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل.‏

وفي سياق متصل قام أربعة من كبار وزراء حكومة نتنياهو بالقيام بأكبر تظاهرة دعم للبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية التي تختلف إسرائيل بشأنها مع الولايات المتحدة. واعتبر نائب نتنياهو، زعيم حزب شاس إيلي يشاي البؤر الاستيطانية التي تعهدت حكومته بإزالتها مستوطنات شرعية أنشأتها حكومات إسرائيل. وشدد على أن خطة الفصل في قطاع غزة كانت خطأ جسيما.‏

كما طالب وزير الشؤون الإستراتيجية موشيه يعلون بإعادة النظر في قرار إسرائيل، ضمن خطة الفصل قبل أربع سنوات، إزالة مستوطنة حوميش قرب مدينة جنين الفلسطينية في الضفة، ودعا إلى إعادة استيطانها. وقال يعلون وهو يقف في إحدى البؤر الاستيطانية إنه «عندما نقف هنا نفهم معنى تعبير ظهر الجبل. وعندما نتحدث عن الأمن، يمكننا أن نتذكر أقوال الذي شدد على أن لا عودة إلى حدود عام 1967. إن السيطرة على ظهر الجبل هي ما يسمح بالدفاع الحقيقي عن إسرائيل.‏

من جانبه قال وزير العلوم والتكنولوجيا دانييل هرشكوفيتش: إن «أرض إسرائيل ملك لشعب إسرائيل. فهل يطلب الاميركيون الإذن للاستيطان في غرب أريزونا؟ إن بوسع شعب إسرائيل الاستيطان في أي مكان في أرض إسرائيل. وأكد الوزير يولي ألشتاين أنه: «بعد إزالة عقبة تجميد البناء في المستوطنات سوف نتفرغ للعودة إلى حوميش. وإن شاء الله خلال هذه الولاية سنرى بؤر الاستيطان تصعد إلى حوميش. وشدد على أن الخطأ في إخلاء حوميش يمكن تصحيحه.‏

وقد أثارت تصريحات هؤلاء الوزراء الأربعة الذين زاروا البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية وخصوصا مستوطنة حوميش المخلاة قرب جنين، ردود فعل غاضبة من قبل بعض الأطراف السياسية التي تخشى على العلاقات مع أميركا. وأعلن عضو الكنيست أوفير بينيس من حزب العمل أن: «على نتنياهو أن يقرر إذا ما كان هو رئيس حكومة الشعب أم رئيس حكومة اليمين المتطرف». ووصف تصريحات هؤلاء الوزراء بأنها «عديمة المسؤولية، وتضعنا في مسار تصادمي مع الولايات المتحدة». كما أصدر حزب كاديما بيانا قال فيه: «إن نتنياهو يضلل الرأي العام العالمي وإسرائيل قد تضطر مرة أخرى لدفع الثمن. وأشار البيان إلى أن من حق الجمهور في إسرائيل أن يلقى جوابا على السؤال: أي نتنياهو يصدقون؟ ذاك الذي يتحدث عن دولتين لشعبين أم الذي يرسل كبار وزرائه لأداء يمين الولاء لكل البؤر الاستيطانية غير المرخصة وانتهاج خطوات تحبط كل ميزة محتملة لحل دولتين لشعبين».‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية