تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الصومال.. حـــروب المصـــالح الـدوليـــة

شؤون سياسية
الأربعاء 26-8-2009م
علي سواحة

مستنقع آخر يعيشه بلد عربي آخر في إطار حملة التآمر على هذه الأمة على خلفية ذرائع الغرب..إنه الصومال الذي دخل في أتون حرب أهلية منذ عام 1991 إلى اليوم زادت بؤساً وشقاء وفقراً

رغم عشرات المؤتمرات الوطنية التي انعقدت للخروج من هذا المستنقع لكنها لم تفلح جميعها بسبب وقوف القوى الغربية الطامعة بالصومال خلف كواليس المؤامرة التي أنهكته لإفقاده أي دور كان يقوم به في إطار المعادلة الإقليمية.‏

منذ عام 1960 تحديداً أي منذ قيام دولة الصومال الحديثة باتت هذه الدولة الشغل الشاغل للقرن الإفريقي، ذلك لأن الصومال من أكثر الشعوب الإفريقية تجانساً، تجمعه لغة واحدة ودين واحد وهو موزع على ست قبائل أدخل الغرب فيما بينها أصابعه عبر أطراف محلية ومجاورة ليزرع بذور الفتنة لجعلها متناحرة عبر مؤامرة الفوضى المعدة للقرن الإفريقي عموماً ولأسباب نستطيع حصرها أولاً بوجود الاحتياطي الهائل من النفط فضلاً عن اليورانيوم وقرب هذا البلد العربي من طرق مرور النفط في المحيط الهندي إلى البحر الأحمر إلى أوروبا، إضافة إلى أن هذا البلد غني بالثروات المنجمية غير المستغلة كالحديد والرصاص والقصدير والمنغنيز، ناهيك عن وجود ثروات بحرية هائلة على شواطىء الصومال بمختلف أنواعها وبكميات وفيرة وثروة حيوانية لاتقل أهمية عن باقي ثرواته الأخرى، وعلى خلفية مطامع الغرب بهذه الثروات وبهذه المكانة للصومال جغرافياً واستراتيجياً كان لابد أن تمتد المؤامرة عليه كي يبقى في حالة حرب وقتال، ومنعه بالتالي من الاستقرار والتوحد والنهوض كحال المؤامرة على بقية جسد الأمة العربية كي تبقى جثة هامدة بلا حراك.‏

واستمرار الاقتتال الأهلي في الصومال كان مسوغاً بحد ذاته للغرب واسرائيل ليزيدوا من تواجدهم العسكري سواء في الشواطىء الصومالية أم في عموم المنطقة لاحتلال مداخل البحر الأحمر، وبالتالي لحصار الأمة العربية من اسوارها الخلفية وهذا ماحصل ونراه اليوم والأمة تعيش حالة عجزها القاتل دون اعتراض.‏

ويعتبر الصومال على امتداد العقدين الماضيين واحداً من أكثر مناطق المواجهة مع الولايات المتحدة تحديداً واسرائيل فما أن تهدأ فيه الأمور قليلاً حتى يعاد اشعالها من جديد، واستخدمت لذلك أمريكا واسرائيل جميع الأساليب العسكرية والسياسية وتدخلا أكثر من مرة عسكرياً تحت مظلة الأمم المتحدة عام 1992 لكن محاولاتهما باءت بالفشل ثم جربا أساليبهما المخابراتية سواء بشكل مباشر أم غير مباشر وعبر عواصم إفريقية مجاورة لكن رغم ذلك بقي الصومال احدى المعضلات لأمريكا إلى اليوم التي تتخوف أن يتحول يوماً إلى ساحة مواجهة مع تنظيم القاعدة ، ما يجعل الصومال قضية التحدي الأكبر لواشنطن واسرائيل في المنطقة الإفريقية.‏

وإذا كانت أمريكا وإسرائيل تواجهان صعوبات في تعاطيهما مع الملف الصومالي فهما اليوم يواجهان معضلة القرصنة البحرية التي أضافت بعداً دولياً جديداً للقضية الصومالية بعد أن فشلت واشنطن في معالجة الوضع القرصني الجديد منفردة، ولعل إدارة الرئيس أوباما تعكف حالياً على إعداد استراتيجية جديدة تجاه الأزمة الصومالية وقدكلف مجلس الأمن القومي الأمريكي ثلاث دوائر لإعداد هذه الاستراتيجية التي تقضي بإعطاء الشعب الصومالي انطباعاً إيجابياً عن نوايا أمريكا تجاه بلاده وتنشيط مجموعات الاتصال الدولية مع الصومال للخروج من أزمته وممارسة الضغوطات على عواصم مجاورة للصومال، و لاسيما ارتيريا للحد من عوامل توتير الأوضاع داخل الصومال لكن مثل هذا الدور الأمريكي الجديد لايزال مشكوكاً فيه لأن الأطماع الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية مازالت ماثلة وقائمة في الصومال والأمرلايتعلق سوى بتغيير الأسلوب والنهج للإبقاء على هذا البلد العربي والمنطقة منطقة القرن الإفريقي خاضعة للهيمنة الغربية الاسرائيلية بشكل دائم ومستمر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية