تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إلى متى غضّ النظـــــر عـن إســــرائيل وترســــانتها النـــــووية؟!

شؤون سياسية
الأربعاء 26-8-2009م
حسن حسن

امتلاك إسرائيل ترسانة نووية بدأت تخرج من دائرة الضباب والشك إلى حيز العلن ورفضها المطلق التوقيع على اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي والتفتيش الدولي لمنشآتها النووية

يؤكدان أن الجهود المبذولة لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي لا تزال جرياً وراء السراب. ولاسيما مع إصرار إسرائيل على تطوير مشروعها النووي.‏

من المؤكد أن قادة المشروع الصهيوني أدركوا مبكراً حاجة مشروعهم إلى أداة عسكرية انطلاقاً من وعيهم لطبيعته سواء في شقه الصهيوني أو الامبريالي وسواء لتهويد فلسطين وتغييب شعبها بما يمليه المشروع الاستيطاني أو لأداء الدور الوظيفي المنتظر من ذلك المشروع في المنطقة. إسرائيل تستهدف تطويع المنطقة وكي تحقق هذا الهدف كان لا بد لها من أن ترفد الآلة العسكرية التي دأبت على بنائها وتطويرها بقوة رادعة إضافية من الأسلحة الفتاكة، كما أن بناء القدرة النووية الإسرائيلية وسواها يقع في صلب استراتيجية ما تراه دورها الوظيفي العدواني، فإسرائيل بدأت تطور قدرتها النووية لإثبات قدرتها على شغل الموقع الذي تتطلع إليه في الاستراتيجية الامبريالية إزاء المنطقة. وفي الحقيقة ثمة تياران داخل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فيما يخص الاستراتيجية النووية الواجب اعتمادها.‏

أول هذين التيارين هو ذلك التيار الذي يدعو للتعامل مع العرب من خلال الردع الذي يعتمد على القوة التقليدية مع فرض ضغوط سياسية واقتصادية وعالمية لدفع العرب للقبول بالسلام الإسرائيلي القائم على الاستراتيجية الصهيونية. ومن أنصار هذا التيار بنحاس سابير الذي كان يقول إن السلاح النووي سيكون كارثة عسكرية وسياسية واقتصادية، كذلك من الذين مثلوا هذا التيار إيغال آلون لكنه لايستبعد اللجوء إلى الخيار النووي، أما التيار الثاني فهو ذلك الداعي إلى خلق نوع من الشك حول حقيقة السلاح النووي لدى إسرائيل، وهذا ما يمكن أن نسميه الردع من خلال الشك، وقد تم ذلك من خلال إطلاق التصريحات الغامضة عن نوايا وقدرة إسرائيل النووية، والأمر الثاني هو عدم توقيع إسرائيل على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لزيادة الشك في قلوب العرب، ولقد ذكر أبا ريبان وزير خارجية إسرائيل عام 1967 قائلاً: لن نبادر إلى تكوين مناطق غير نووية لأن الدول العربية لن تتفاوض معنا في أي شيء.‏

كان مفاعل ديمونا في صحراء النقب حجر الأساس في النشاط النووي الإسرائيلي واستخدم منذ إنشائه لتخصيب اليورانيوم المستخدم في الأسلحة النووية. ولكن هذا المفاعل أصبح اليوم يشكل خطراً كبيراً على المنطقة بأسرها، حيث تشير التقارير إلى أن البنية المعدنية التي تغلف مفاعل ديمونا تآكلت بسبب مستوى الإشعاعات العالي، وذلك حسب الخبير النووي الأميركي «هارولدهاو» الذي لم يستبعد حدوث انهيار في المفاعل في أي لحظة وأعد هارولد تقريره بعد حصوله على وثائق من داخل المفاعل وكذلك على صور التقطتها طائرات تجسس روسية عام 1958 تعطي دلالات على حدوث تسرب كبير للاشعاعات وقارن بين غياب المساحات الخضراء التي تلاشت في المنطقة المحيطة بالمفاعل وبين ظاهرة مماثلة في منطقة محطة هانفورد النووية القريبة من واشنطن حيث غابت المساحات الخضراء، وسارعت واشنطن عقب ذلك إلى إغلاق المفاعل وأنفقت مليارات الدولارات من أجل إزالة التلوث الذي أصاب المنطقة المحيطة بالمحطة النووية.‏

وقبل هارولد حاول الخبير النووي الإسرائيلي مردخاي فعنونو قبل أن تختطفه وحدة خاصة من الموساد في روما أن يحذر من خطر السلاح النووي الإسرائيلي عندما كشف لصحيفة صنداي تايمز البريطانية عن معلومات سرية عن البرنامج النووي الإسرائيلي أتيح له الاطلاع عليها خلال عمله كتقني في مفاعل ديمونا، حيث أكد أن إسرائيل تمتلك ما لا يقل عن مئتي رأس نووي صنعت في ديمونا من البلوتونيوم، وما يؤكد معلومات فعنونو شدة العقوبة التي حكم بها، حيث صدر حكم بسجنه عام 1986 لمدة 18 سنة وظل رهين السجن الانفرادي حتى سنة 1998.‏

أمام هذه الحقائق وغيرها الكثير تثار أسئلة من نوع: ماذا تفعل الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ وماذا تفعل الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي؟ وماذا تفعل الولايات المتحدة التي تدعي أن أقمارها الصناعية تراقب تطوير المنشآت النووية في كثير من الدول؟.‏

وأخيراً نسأل: لماذا تقوم الدنيا ولا تقعد على دول لمجرد الشك بامتلاكها تقنية نووية، الشك الذي ثبت أنه محض ادعاء زائف ويغض النظر عن إسرائيل وترسانتها التي تشكل خطراً على المنطقة والعالم؟!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية