تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سلام الدهاليز

البقعة الساخنة
الأربعاء 26-8-2009م
خالد الأشهب

عشرون عاماً تقريباً منذ انطلاق عملية السلام في مدريد, لم تقدم إسرائيل خلالها أي دليل أو أي سلوك يثبت ميلها إلى السلام ورغبتها فيه ,

بل إنها لم تتورع عن المطالبة الدائمة بما يثبت ميل العرب إلى السلام مع أنها هي التي تحتل أرضهم وتسلب حقوقهم وتمنع عودة لاجئيهم إلى أرضهم ووطنهم.‏

اليوم , ومع بوادر مبادرة أميركية جديدة للسلام, تتحرك إسرائيل وحكومتها المتطرفة باتجاه امتصاص ما يمكن امتصاصه من مكاسبها دون إجهاضها, وكما فعلت بالمبادرات الأخرى السابقة سواء كانت أميركية أو عربية, ثم لتلقيها جانباً بعد أن تتحصل منها على جملة من التنازلات العربية الاستراتيجية ومن النوع الذي لايعود ممكناً التراجع عنه. في هذا الإطار تساوم حكومة نتنياهو إدارة الرئيس أوباما صاحبة المبادرة الجديدة التي تطالب إسرائيل وقف الاستيطان, تساومها حول وقف مؤقت للاستيطان لثلاثة أشهر أو ستة, فتطلب في المقابل تطبيعاً عربياً رسمياً معها تحت عنوان «خطوات لبناء الثقة», وكما لو أن التطبيع لا يعني ضمناً إنهاء حالة الصراع, وكما لو أنه المدخل إلى السلام وليس العكس.‏

إسرائيل لم ترفض علناً مبادرات الإدارة الأميركية الجديدة, ولكنها, لم تهضمها وتقبل بها في الوقت نفسه, وما تطالب به اليوم وتحرض الإدارة الأميركية على ممارسة ضغوطها على الأطراف العربية من أجله, هو الثمار الحية والنهائية للسلام المفترض, وهو الأخطر بين كل ما تشترطه إسرائيل وتساوم عليه للانخراط في عملية السلام, وحصول إسرائيل على علاقات طبيعية مع هذه الأطراف يعني بالمطلق حصولها على موافقتهم الضمنية على السلام معها وفق الواقع الراهن, أي واقع الاحتلال, فما حاجتها بعد ذلك إلى التفاوض مع من تقيم معهم سلاماً ظاهراً وعلاقات طبيعية لايستطيعون التراجع عنها؟‏

لعبة إسرائيلية مكشوفة بالطبع, إن لم تنجح في تحصيل تنازلات عربية جديدة, فإنها على الأقل تمرر الوقت في دهاليز المساومة إلى أن تنقضي إدارة الرئيس أوباما وتنقضي معها مبادراتها ويعود الصراع كما العادة إلى مربعه الأول !!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية