|
فنون تسبق حلول شهر رمضان المبارك، ترويحاً عن النفس، واستعداداً لشهر مكرس للعبادة وأداء فريضة الصوم، وأظن أن كلمة«تكريزة» محرفة عن كلمة تكريسة التي حولت سينها إلى زاي. وقد تمتد هذه النزهات أياماً، وخاصة في فصل الصيف، أو لنهار واحد تمضيه الأسرة الدمشقية في الطبيعة، ناقلة الطعام والأطايب، وما أظن هذا التقليد قد نسي أو استبعد، فلا يزال أهل دمشق يمارسونه وهم على أبواب الشهر المبارك خلال المدة نفسها، أي قبل حلول الشهر الفضيل يحرص أهل دمشق على تموين أنفسهم بما يلزم هذا الشهر من مواد غذائية، تستعمل في إعداد موائد رمضان العامرة، وكان الدماشقة ينزلون إلى سوق البزورية ليشتروا أكياساً من الرز والسكر وتنكات السمن والزيت وغيرها، وكانوا يركزون خصيصاً على شراء الشموع التي تنار بها البيوت. خلال هذا الشهر بنسبة أكبر من المألوف، كما كانوا يعدون أنفسهم، وخاصة النساء، لسهرات رمضان، فكانت النساء يحرصن على أكلة «الزبيب والجوز» فيشترين منها، وبعد الانتهاء من الإفطار، وطقوس الصلاة، وخاصة التراويح يجلسن ليعلبن «البرسيس» أو لعبة أبو الفول وهن يأكلن البزورات، والزبيب والجوز، وأحياناً من الحلوى الرمضانية الخاصة التي لاتظهر إلا في رمضان المبارك. ولم تكن للحلوى محال تباع فيها، فكانت البيوت تصنع حلواها بنفسها، لكن شيوع محال بيع الحلوى بأنواعها المختلفة، قضى أو كاد على تهيئة البيوت للحلوى، وخاصة المعمول وأكتوتيات مع الناطف التي كانت تعد قبل شهر رمضان بأيام، وخاصة في أواخر الشهر بإعداد حلوى العيد. ولاننسى أن نذكر أن حلول شهر رمضان المبارك مناسبة للزكاة والصدقات وكثيراً ماكانت بيوت الفقراء تأتيها المواد الغذائية قبل أيام من حلول الشهر بأيام ليشعر الفقير بما يشعر به الغني من امتلاء، ووجود مواد غذائية في بيته إسوة ببيوت الأغنياء. إنه شهر رمضان المبارك أعاده الله على المؤمنين باليمن والبركة. |
|