تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إحيـاء الموسـيقا السـورية القديمــة..عودة إلى الأصالة.. وحفظ للتراث

ثقافـة
الخميس 28-6-2012
فاتن دعبول

لم تقتصر اهتمامات أسلافنا العرب ودراساتهم وأبحاثهم على العلوم الطبية والهندسية والفلكية وغيرها من العلوم، بل التفتوا إلى ذاك السحر الموسيقي الذي يتسلل إلى النفوس، فيخلق عالماً آسراً من السعادة والسكينة.

ويبين الدكتور علي القيم في محاضرته التي ألقاها في المركز الثقافي في كفرسوسة أن أقدم مدونة موسيقية عرفتها البشرية ظهرت في رأس شمرا في مدينة أوغاريت، وبذلك يكون تاريخ الموسيقا يعود إلى 1400ق.م، لكن الآلات الموسيقية وخاصة القيثارة السومرية كانت موجودة في حضارات سومر وبابل وآشور وكنعان قبل ألف عام من وجود أول مدونة أي 2500ق.م.‏

ومع أول ترجيعة قوس سومري أصبح الناس مهيئين للانطلاق نحو آفاق موسيقية بفضل الآلات الإيقاعية والهوائية والوترية، لذا فإن أغلب الآلات التي عرفها العالم انتشرت في حضارات بلاد الشام وبلاد مابين النهرين ووادي النيل.‏

حتى إن أصوات الطبيعة والطيور «الرعد، المطر، هدير البحر، الريح، الماء، العندليب، الكروان» ساهمت في خلق عالم الموسيقا، عن طريق محاكاة الإنسان لأصواتها، فاخترع الآلات الموسيقية والأدوات الصوتية، حتى أصبحت الموسيقا في الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد من الضروريات الأساسية لاستكمال الثقافة العالية وركناً مهماً في الحياة الاجتماعية والمناسبات والطقوس المختلفة، وكان في كثير من الأحيان يرافقها الشعر والرقص..‏

ولقد كان السوري القديم يصنع آلاته الموسيقية ويقوم بتطويرها من نفس الخامات الموجودة حالياً (الأخشاب للعود والربابة والبزق، أما الأوتار فكانت تصنع من أمعاء الحيوانات.‏

أما فيما يتعلق بمشروع إحياء الموسيقا السورية القديمة، فهو يهدف إلى إعادة تصنيع الآلات السورية الموسيقية القديمة بالمواصفات والخامات والطرق والأنواع ذاتها.. لتشكيل فرقة موسيقية سورية على غرار الملكي في «ماري أو رأس الشمرا» الفرق الموسيقية القديمة التي كانت موجودة في العصر.‏

.. وإعادة إحياء المناسبات والأعياد والطقوس القديمة من مثل اليوم الطيب في تدمر، عيد الزهور، قطف الزيتون..‏

ويمكن لهذه الفرق أن تجول العالم، وتنشر الثقافة الموسيقية السورية القديمة.‏

وعاد د. القيم لإحياء الموسيقا السورية القديمة أسوة بمصر التي اشتغلت على إحياء الموسيقا الفرعونية وذلك بالتعاون مع علماء متخصصين في الموسيقى والآثار والتراث الشعبي لجمع كل ماله علاقة بالموسيقا وآلاتها القديمة وأنواعها وأشكالها وطرق صنعها والعزف عليها موضحاً أن السوري القديم صنع آلاته من نفس الخامات الحديثة.‏

آراء ومقترحات‏

ومن المداخلات التي أثيرت في المحاضرة، أشارت الباحثة سارة تلمساني إلى قدرة العرب على صناعة الأشياء الجميلة وتفكيرهم بسعادة الإنسان ورفع ذائقته الفنية، وهو يفوق بذلك الإنساني الغربي.‏

كما بين الناقد الموسيقي معين العماطوري أن الأغنية الشعبية السورية تمتلك مفردات ومصطلحات ومنعكسات هامة اقتبسها الأتراك وآخرون، لافتاً إلى أن بعض الأسماء السورية الهامة لمعت في مجال الموسيقا أمثال (محمد محسن، أمين راشد، عزيز غنام).‏

وأشار مدير التراث الشعبي في وزارة الثقافة عماد أبو فخر إلى اهتمام منظمة اليونيسكو بالموسيقا السورية حيث قدمت إصدارات حديثة بخصوص هذا الأمر منها الموسيقا السورية الأرثوذكسية، والمدرسة الرفاعية كما قدمت إصدارات لنجوم مثل صبري مدلل، قدري دلال، والمنشد حمزة شكور، كما تعمل وزارة الثقافة على تدريس الآلات الموسيقية القديمة كالقانون والآلات التراثية، كدعوة لاستمرار التراث وإحيائه والعمل على تطويره..‏

واختتمت الفنانة سهام إبراهيم بالقول: «إن ماذهب إليه د. القيم في الدعوة إلى إحياء التراث الموسيقي السوري يجعلنا نفكر بأهمية وجود خلفية ثقافية تدعم الأغنية الفلكلورية التراثية والعمل على تصوير الأغنية التراثية في الأماكن الأثرية التي تتلاءم مع مضمونها وتاريخها ومع الاهتمام باللباس التراثي، وأشارت إلى وجود تجارب يجب أن تتطور وتتكرر ويكون الاهتمام بها أكثر كتجارب عبد الفتاح سكر، وعصام جنيد، مؤكدة على ضرورة الاهتمام بالفنان السوري أكثر من الفنان القادم من الدول الأخرى من الناحية المادية والمعنوية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية